د.إسماعيل الحكيم يكتب : ختامها معركة وعي.. وانتصارٌ يُكتب بحروفٍ من نور .. الشهادة السودانية
د.إسماعيل الحكيم يكتب :
ختامها معركة وعي.. وانتصارٌ يُكتب بحروفٍ من نور .. الشهادة السودانية
وسط أزيز الرصاص وقسوة الأيام، وبين أوجاع الحرب وآلام الاقتتال، انتهت اليوم واحدة من أصعب المحطات في حياة كل سوداني ، امتحانات الشهادة السودانية. كانت هذه الامتحانات ليست مجرد اختبار أكاديمي للطلاب ، بل كانت معركة حقيقية للوعي والإصرار، خاضها الطلاب أسرهم، ووزارة التربية والتعليم بصلابة لا تُقهر ، وإيمانٍ لا يعرف المستحيل.
ففي ظل هذا الواقع المأزوم، حيث الحرب تمزق الأوصال وتغتال الأحلام، جاء القرار الجريء بإقامة الامتحانات . قرارٌ كان في ظاهره مغامرةً ، لكنه في جوهره رسالة للعالم وللداخل السوداني: أن إرادة البناء أقوى من محاولات التدمير، وأن الوطن لن ينكسر ما دام أبناؤه يحملون شعلة العلم والمعرفة.
فمن الميدان العسكري إلى ساحات المدارس، جسدت هذه الامتحانات بُعدًا جديدًا للنضال الوطني. فكما يقف الجنود دفاعًا عن أرضهم، وقف الطلاب دفاعًا عن مستقبلهم. وكما خططت القيادات العسكرية لانتصاراتها، خططت وزارة التربية والتعليم، بإمكانيات شحيحة وظروف قاسية، لإقامة هذه الامتحانات. فهذا لعمري النجاح في حد ذاته انتصار آخر للسودان، انتصار على الظلام والدمار .
طلابنا هؤلاء الذين تحملوا عبء التحصيل العلمي وسط دوي المدافع والدمار، يمثلون اليوم الأمل الأكبر للسودان. هم ليسوا فقط حملة شهادات، بل حملة وعي وإدراك بأن بناء المستقبل يتطلب عزيمة لا تلين. لقد أثبتوا أن الحرب قد تُدمّر المباني، لكنها لا تستطيع أن تُطفئ جذوة الإرادة أو تُحطم طموحات الأجيال الصاعدة .
إن الامتحانات ليست مجرد ورقة وقلم؛ إنها رمزٌ للإصرار السوداني على الحياة. فإقامة هذه الامتحانات في ظل تلك الظروف الصعبة هو تذكير بأن الشعوب الحية لا تستسلم، وأن المعركة الحقيقية ليست فقط مع السلاح، بل مع الجهل والتخلف. هذا الإدراك هو ما سيقود السودان يومًا ما نحو نهضته المأمولة.
انتهت الامتحانات، لكن الطريق لم ينتهِ بعد. على الحكومة أن تستثمر هذا الانتصار في تعزيز التعليم، وتوفير بيئة أفضل للأجيال القادمة. وعلى الطلاب أن يُدركوا أنهم الآن أمام مسؤولية أكبر أن يكونوا قادة الغد، وحملة مشاعل التغيير والبناء.
بنهاية إمتحانات الشهادة السودانية يكون السودان قد سجل صفحة جديدة في تاريخ نضاله، عنوانها: “الوعي سبيل الحرية”. هذه الامتحانات لم تكن مجرد حدث عابر، بل شهادة على أن السودان، رغم جراحه، لا يزال ينبض بالحياة. إنه انتصار الإرادة الوطنية، ورمز لصمود أمة تؤمن بأن غدها سيكون أجمل . فالتحية لكل إبنائنا الطلاب ولأسرهم الكريمة ولوزارة التربية والتعليم ممثلة في إدارة إمتحانات الشهادة السودانية..وللاجهزة الأمنية التي سهرت على تأمين الامتحانات.. وحفظ الله السودان من كل متربص وخائن وعميل ..