من كتاب : [ثقافة أعلام صحافة ] ( 7 ) تأليف : صلاح التوم من الله *ثقافي بلا حدود*
من كتاب : [ثقافة أعلام صحافة ] ( 7 )
تأليف : صلاح التوم من الله
*ثقافي بلا حدود*
الصفحتان (اقوم باعدادهما لصحيفة الصحافة) بعنوان (الثقافي) لماذا مفردة (الثقافي) ومعنى ذلك وصلته بالخطاب ..
في كل مادة نتناول كل ما هو (ثقافي) داخل المجتمع المحلي والخارجي وداخل الانسان رجل ، امراة ، طفل ، ولا نقتصر فقط على مفهوم الادب : شعر، قصة، رواية، نقد ادبي.. الخ. بل نفتح الأفق الى ارحب واوسع من ذلك في الفكر والممارسة ومظاهر الحياة الشعبية والحديثة التراثية القديمة والحضارية الراهنة ..
الانسان كل لا يتجزا، ولا يوجد فرد من عدة نسخ .. نسخة ادبية ونسخة سياسية ونسخة دينية.. الخ.. كل نسخة تذهب في اتجاه بمعزل عن الأخرى أو ضدها .. ان الثقافي هو الذي يربط كل هذه النسخ داخل الإنسان الواحد او المجتمع الواحد. ويوجد صراع ثقافي متعدد الاوجه داخل الانسان وداخل المجتمع يبرز أكثر وبحدة في السياسي، وهذا يدل على اندماج وتفاعل الأوجه الثقافية وليس انفصامها، وإذا حدث الانفصام فذلك مرض مثل انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا) يمكن أن نطلق عليه (الشيزوفرينيا الثقافية) الظهور بنسختين او شخصيتين متناقضتين او مختلفتين ..
يسعى الاعلام العلماني الى فصل الثقافة عن الدين وعن السياسة ايضا بوضعهما في جزيرة معزولة عنهما في حين ان اي منتج ثقافي الادبي خاصة شعر ، قصة رواية ، مهما حاول الابتعاد والهروب من الدين والسياسة يفضح نفسه ويدل على الهوية والمنطق والمؤثرات والمغزى والأهداف حتى وإن لم يستخدم الرمز. بل ان الاديب المسلم مهما تراكمت فيه طبقات تلو الطبقات من العلمانية أو الحداثة او اي مصطلح تغريبي يجد الاسلامي داخله بصيصا يتنفس ويتسرب باللا وعي الفني ويتخذ له مكانا في المنتج الأدبي في الثنايا إن لم يكن في الصدارة ويتم ذلك عن إدراك ذكي بأن المنتج الثقافي عموما والادبي خاصة في مجتمع مسلم لا يمشي بين الناس على قدمين اذا لم يلتزم في ادنى حد بسمات المجتمع المسلم وواقع الناس كناس مسلمين ويكفي فقط ان اسماء الشخصيات في القصص والروايات تدل على الهوية سواء كانت اسماء اسلامية او مسيحية أو يهودية، بجانب المعاني الأخرى للأسماء المعبرة عن بيئة أو قبيلة، ان اي بطل يحمل اسما اسلاميا (مصطفى سعيد) على سبيل المثال، مهما ابتعد عن جذوره وانغمس في لجة حضارة اخرى يدل ذلك من الوجهة الدينية على أزمة اسلامية مستفحلة ويدل سياسيا حتى في اسم الرواية نفسها (موسم الهجرة الى الشمال) فالشمال هنا ليس مصطلحا جغرافيا بحتا بل الشمال والجنوب مصطلح سياسي اقتصادي حضاري، والحوار بين الشمال والجنوب الفاشل سياسيا عبر عنه الطيب صالح إنسانيا بظلال سياسية من وراء الستار بصورة دراماتيكية. وهذا موضوع طويل لكن (موسم الهجرة الي الشمال) تطرح سؤالا سياسيا في الصميم: إذا كان مبدع أدبي واحد استطاع بإنتاجه المحلي ان يصل بنا الى العالمية فما بال المنتج السوداني في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والاقتصاد .
صلاح التوم من الله
صحيفة الصحافة – ١٧ / ٢/ ٢٠٠٤
*****
مقال رقم ( ٨ )
الثقافة والإعلام وجهان لعملة واحدة
صلاح التوم من الله
رغم وجود كلمة الثقافة في الأول في المسمي السابق
لوزارة الثقافة والاعلام الا ان الثقافة كانت مهمشة في نظر البعض والسطوة للاعلام لكن الثقافة بنظرة ثاقبة هي (الموضوع) بينما الاعلام (شكل) وما تبثه اجهزة الاعلام عبارة عن «ثقافة» ومن ناحية ثانية نلاحظ
أن الفرق بين الكلمتين غير كبير فالاعلام ثقافة والثقافة اعلام بمعنى ان الراديو عندما ينقل لي معلومة فهذه عملية ثقافية وعندما.اتلقي معلومة تثقيفية من الراديو فهذه عملية اعلامية وفي المسافة بين الرسالة وراسل الرسالة والمرسل اليه يكمن الاعلام والثقافة بصورة متداخلة ومندمجة… غير ان بعض المثقفاتية يفهم مصطلح (ثقافة) باعتباره شعر وقصة قصيرة ورواية ونقد ادبي في المقام الاول ولذلك يطلق على الصفحة التي تهتم بهذه الموضوعات في الصحافة السودانية اسم الصفحة الثقافية او الملحق الثقافي وشاع ايضا ان الغناء والموسيقي والمسرح والسينما والرقص الشعبي وبرامج الراديو والتلفزيون فن ويتارجح التشكيل في هذه النظرة بين الفن في صفحة الفن والثقافة في الملاحق الثقافية التي وسعت مؤخرا مفهومها وادخلت الى مساحتها بنصيب اقل المسرح والموسيقي والغناء بينما الصحيفة كلها عبارة عن ثقافة من اول صفحة الى آخر صفحة وليس فقط ما بـ ( الملحق الثقافي) فالصفحة الأولى تثقيف سياسي وصفحة الانباء العالمية تثقيف في مجال السياسة الدولية والصفحة الرياضية تثقيف رياضي وهكذا بل ان قراء السياسة والرياضة اكثر بكثير من قراء ما يسمى بـ (الملحق الثقــافي)… ولو طلب مني وضع ماكيت لصحيفة شاملة ساقوم بفرتقة الملحق الثقافي والصفحة الفنية الى صفحة ل(الادب) تعني بشأن الشعر والقصة والرواية وما شاكل ذلك وصفحة في اليوم التالي بعنوان ( مسرح وسينما) وصفحة في اليوم الثالث بعنوان ( موسيقي وغناء ورقص شعبي) وصفحة في اليوم الرابع بعنوان (اذاعة وتلفزيون) وصفحة في اليوم الخامس بعنوان (تشكيل) ويمكن نصف صفحة اذا قلت المادة على ان تشمل الصفحات الشأن المحلى والشأن خارج الحدود وتعتمد على الخبر والتعليق والنصوص والنقد والحوار والتحقيق والصورة الفوتغرافية والرسم والكاريكاتير وهذا التخصص يضع الاشياء بمسمياتها ويوسع دائرة الاهتمام الصحفي ويتيح الفرص لعدد أكبر من القراء والدخل الاضافي يمكن الصرف منه على مكافات المحررين الجدد .
صلاح التوم من الله
صحيفة الانباء – ٧ / ٦ / ٢٠٠٥
*****
مقال رقم ( ٩ )
المزارع أحق بكلمة (مثقف)
صلاح التوم من الله
حسب فهمي الخاص لمعنى الثقافة والإعلام
الثقافة هي نشاط الإنسان الذهني والروحي والبدني والجسدي في كل مجالات الحياة واقعيا وإبداعيا باختصار هي ناتج الحياة والإعلام هو أن نخضع هذا الناتج بالتفصيل والمجموع للاخبار والإعلان والتبليغ والتفسير والتحليل والنقد والتوجيه والإرشاد والنشر والبث والارسال والعرض. ويدخل التعليم كتخصص قائم بذاته باعتبار المعلم إعلامي ينقل ثقافة الدين واللغات والعلوم إلى الطلاب.
مفهوم إعلامي شامل يضم كل مبلغ ويكتسب أهميته من المؤثرين وذائعي الصيت سواء اتخذ اسم السياسي أو المطرب أو المذيع أو الصحفي أو الداعية الديني وغير ذلك. وينقسم الإعلاميون إلى قسمين الأول مخبر فقط كمذيع الانباء ومحررها والمتحدث باسم ما والثاني مخبر منتج مثل الوزير عندما يتحدث عن انجازاته أو الشاعر عندما يقرأ قصيدته وهكذا ..
كل وزارة ومؤسسة وهيئة ومنظمة وما يتبعها في القطاعين العام والخاص منتجة لثقافة في مجال تخصصها ومروجة ومعلمة لها، أما أجهزة الإعلام إذاعة وتلفزيون انترنت، صحف، فهى أجهزة تقنية ناقلة بذاتها أو بغيرها للإعلام وتبليغ المحتوى على ثقافات وتجارب شتى لكل الناس والمجموعات والهيئات في البلاد.
نحن نحصر كلمة ثقافة الواسعة في إطار ضيق حتى ساد اعتقاد عند العامة أن المثقف أو المثقفاتي بالعامية هو الشاعر والقاص والناقد والأديب . وانطلى ذلك على الصحف فأصبحت تطلق على صفحات الأدب الملف الثقافي بينما الصحيفة كلها «ثقافة» في المحلي والعالمي من الاخبار والمقالات السياسية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والعلمية
إن أي حرفي ومهني حاذق وخبير ومنتج في مجاله مثقف في هذا المجال حتى المزارع الذي نطهده بل إن كلمة ثقافة نفسها ظهرت في اللغات الأوربية قديما بمعنى زراعة الأرض أو حرثها AGRI CUKTURE بمعنى زراعة CUL TURE بمعنى ثقافة ومن هذه الزاوية المزارع أولى بالمصطلح من غيره. وعربيا جاء في لسان العرب ثقف الشئ حذقه وثقف الشئ سرعة التعلم وثقفته إذا ظفرت به وثقف الرجل ثقافة أي صار حاذقا وورد في المعجم الوسيط ثقف ثقفا صار
حاذقا فطنا فهو مثقف وثقف العلم والصناعة أي حذقهما وثقف الشئ أقام المعوج وسواه وثقف الإنسان أدبه وهذبه وعلمه.
إذن المثقف هو الحاذق في أي مجال، وإذا فهم المزارع الحاذق أنه يستحق كلمة «مثقف» مثل الذين تروج لهم وزارة الثقافة والملفات الثقافية الصحفية من الشعراء والكتاب والفنانين يرفع ذلك من القيمة الأدبية لمهنة المزارع والمهن والحرف الأخرى المضطهدة وينعكس ذلك خيرا .
صلاح التوم من الله
صحيفة ألوان – ١٨ /٧ / ٢٠١٢