منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

نقطة سطر جديد د. حيدر البدري يكتب  *الرباعية وحرب السودان: مبادرات فوقية أم مسار حقيقي للسلام؟*

0

نقطة سطر جديد

 

د. حيدر البدري يكتب

 

*الرباعية وحرب السودان: مبادرات فوقية أم مسار حقيقي للسلام؟*


الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، والتي خلفت مئات الآلاف من القتلى والنازحين، برزت مبادرات دولية عديدة يسعى أصحابها لوقف النزاع الدائر. ( كما يقولون) من ذلك خطة المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر، والتي دعت إلى هدنة إنسانية ومسار سياسي، أثارت جدلاً واسعاً بين مؤيد يراها فرصة للسلام، ورافض يعدها تدخلاً فوقياً لا يحترم إرادة الشعب السوداني وسيادته الوطنية.
اذن لننظر لهذه المبادرة من زاوية الواقع والمنطق.
جاءت خطة الرباعية التي أعلن عنها في سبتمبر 2025 نتيجة لمشاورات مكثفة بين وزراء خارجية الدول الأربع، وتضمن ثلاث ركائز أساسية : هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر، ودعوة لوقف إطلاق النار، وإطلاق عملية انتقالية شاملة تستمر تسعة أشهر تنتهي بتشكيل حكومة مدنية تتمتع بشرعية واسعة. وقد أكد بيان الرباعية أن “مستقبل الحكم في السودان متروك للشعب السوداني ليقرره من خلال عملية انتقالية شاملة وشفافة، لا تخضع لسيطرة أي طرف من الأطراف المتحاربة”.
انظر للاطراف المتحاربة هذه!؟
ورغم هذه اللغة الدبلوماسية، فإن القراءة المتعمقة للبيان تكشف أنه لم يكن مجرد تعبير تقليدي عن القلق، بل حمل في طياته إشارات سياسية متعددة يمكن قراءتها في سياق الصراع الجيوسياسي في المنطقة، ومواقف القوى الدولية والإقليمية المتشابكة مع الملف السوداني. فالرباعية ليست مجرد تحالف عابر، بل هي تجمع قوى ذات نفوذ مباشر في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، مما يجعل حياديتها موضع تساؤل.
في مواجهة هذه الخطة، المشبوهة. أكدت الحكومة السودانية التزامها الثابت بمبادئ السيادة والشرعية. ففي بيان صريح، شددت وزارة الخارجية السودانية على أن “حكومة السودان تؤيد أي جهد إقليمي ودولي يساعدها على إنهاء الحرب، لكنها لا تقبل أي تدخلات لا تحترم سيادة الدولة ومؤسساتها الشرعية وحق الدفاع عن الشعب والأرض، كما ترفض مساواتها مع الدعم السريع”.
اليس هذا منصفاً؟!.
وهذا الموقف يعكس رفضاً قاطعاً للمساواة بين الجيش السوداني الذي يمثل مؤسسة الدولة الشرعية، وقوات الدعم السريع التي تصفها الحكومة بميليشيا التمرد. اضافة الى ان بعض اعضاء هذه الرباعية غير مؤهلة اخلاقيا كوسيط ، بعد تورطها في رفد الدعم السريع بالسلاح والمال والمرتزقة”.
من أكبر المطالب التي ترفعها القوى المؤيدة للجيش السوداني ضرورة محاسبة قادة الدعم السريع على الجرائم الهائلة التي ارتكبت في حق الشعب السوداني. فخلال أكثر من 30 شهراً من الحرب، قتل أكثر من 150 ألف شخص، واضطر 15 مليوناً للفرار من بيوتهم وسط دمار هائل في البنية التحتية.
وتشير تقارير حقوقية إلى استمرار الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها الدعم السريع بحق المدنيين، من قصف عشوائي للمدن المكتظة بالسكان، وعمليات قتل على الهوية في الخرطوم ودارفور، وانتهاكات جنسية كسلاح حرب، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته الأخلاقية والقانونية. وقد دعت قرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى “وقف إطلاق النار وإنشاء آلية رقابة دولية مستقلة، وإحالة مرتكبي الانتهاكات ضد المدنيين إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
في خلفية هذه الحرب ،تبرز تدخلات إقليمية متعددة، حيث تتهم بعض الدول بدعم قوات الدعم السريع بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد أشار بيان الرباعية إلى أن “الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يُسهم في تأجيج النزاع وإطالته، ويُسهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي”.
وتكمن المشكلة الجوهرية في أن الرباعية نفسها تضم دولاً قدّمت في السابق دعماً سياسياً أو لوجستياً لطرف أو آخر، مما يجعل حياديتها موضع تساؤل. وهذا ما يفسر جزئياً تشكك الكثيرين في نوايا هذه المجموعة، واعتبار مبادراتها محاولة لإعادة هندسة المنطقة والسيطرة على السودان وموقعه الإستراتيجي بثرواته المختلفة.
يؤمن الشعب السوداني بأن مستقبل بلده يجب أن يُقرر داخلياً، من خلال حوار سوداني-سوداني شامل، وليس تحت وصاية دولية أو إقليمية. فالقوى الوطنية المساندة للجيش ترفض ما تسميه “فرض هندسة سياسية جديدة لدعم قوى سياسية وإقصاء أخرى”.
إن الدروس المستفادة من تجارب السودان السابقة تؤكد أن التسويات السياسية التي تتجاهل العدالة تنتهي إلى انهيار جديد. فإذا لم تقترن أي مبادرة بخطة واضحة لآليات المساءلة، فإن أي وقف مؤقت للقتل لن يكون سوى هدنة هشة، تكرر أخطاء الاتفاقيات السابقة التي لم تصمد طويلاً.
إن الشعب السوداني، الذي دفع ثمناً باهظاً من دماء أبنائه وثرواته وكرامته، يصر على حقوقه كاملة غير منقوصة : إنهاء التمرد، وإبعاد الدعم السريع وداعميه السياسيين من المشهد، ومحاسبة قادة الميليشيا على جرائمهم، والحفاظ على سيادة الدولة ومؤسساتها الشرعية. وهذا هو الطريق الوحيد لسلام حقيقي وعادل، لا استسلام مذل يكرر مأساة الماضي ويؤسس لصراعات المستقبل.
فمن يقبل بهذه المليشيا المجرمة؟!…
من يقبل بحمدوك وزمرته الخائنة…؟!
كيف نستطيع التعايش مع من قتل اولادنا ودمر بيوتنا وهجرنا وشردنا.. كيف نتفاوض مع القاتل منتهك الأعراض. كيف ننسى ماحدث في الجزيرة ودارفور وكردفان ونهر النيل وسنار وغيرها من المدن والقرى.؟!
ولا نشك ان قيادة الجيش واعية لذلك.
تعرف ان هذا الشعب لن ينسى ولن يغفر هذه الجرائم الهائلة من الدعم السريع في حق الوطن والمواطن.
وان اي تهاون وتراخي بعد هذه الانتصارات والدماء الزكية من الشهداء.. غير مقبول.
لقد صمد هذا الشعب وقواته المسلحة وهو محاصر ضعيف والدعم السريع في اوج قوته وعنفوانه.
وسيصمد.. حتى دحر هذا التمرد او استسلامه.
مرحبا بالرباعية ان كانت ستحقق طموحات ورغبات الشعب السوداني وقواته المسلحة في انهاء التمرد نهائيا ومحاسبته على جرائمه.
غير ذلك…
لتذهب الرباعية الى الجحيم.
نقطة سطر جديد

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.