منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

منال الامين تكتب  *”قارون العصر” والإبادة: كيف تحولت ثروات السودان إلى لعنة دماء؟*

0

منال الامين تكتب

*”قارون العصر” والإبادة: كيف تحولت ثروات السودان إلى لعنة دماء؟*

 

في قلب إفريقيا، يرقد السودان، “الأرض البكر” كما يحلو للبعض تسميته، كنزٌ لا ينضب من الخيرات: الذهب، اليورانيوم، النحاس، الأراضي الزراعية البكر، والثروة الحيوانية الهائلة، والموقع الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر. كان هذا الكنز يوماً ما وعداً بالازدهار لشعب عظيم، ولكنه اليوم تحول إلى ساحة دماء وحطام، بسبب جشع يجد تمويله من أطراف خارجية، على رأسها دولة اعتقدت أنها بمنأى عن المحاسبة، سمّاها التاريخ والجرح السوداني النازف بـ “قارون العصر”. الإمارات… يد الدعم التي تزهق الأرواح
تشير تقارير دولية متعددة وشهادات موثقة إلى الدور المحوري الذي تلعبه دولة الإمارات في تأجيج الصراع السوداني، ليس بغرض الوساطة أو السلام، بل عبر دعمها المادي والعسكري للميليشيات المتمردة. هذا الدعم ليس مجرد “سيارات دفع رباعي” بل هو شريان حياة لوحشٍ يفتك بالمدنيين، وهو جسرٌ لتهريب خيرات البلاد. الإمارات، بقوتها الاقتصادية، تقدم الدعم الذي يحوّل الثروة السودانية إلى ذخيرة تقتل أبناءها.
لقد تحول الأمر إلى معادلة مرعبة: دماء دارفور والجزيرة مقابل ذهب جبل عامر وموانئ البحر الأحمر.
الإبادة تتكرر… من دارفور إلى الجزيرة
إن الميليشيات التي تتلقى هذا الدعم ارتكبت، وما زالت ترتكب، فظائع لا يمحوها الزمن، تذكرنا بأسوأ فصول التاريخ الأسود:
في دارفور: تتكشف فصول إبادة عرقية حقيقية، طالت الأبرياء من المساليت وغيرهم، شملت القتل الممنهج، وحرق القرى، وتشريد الملايين.
في الخرطوم والجزيرة (خاصة في ود النورة) تحولت المدن الآمنة إلى مناطق رعب، حيث طال العنف الجنسي والقتل والنهب والسرقة والاعتداء على المنازل والأملاك الخاصة. إن ما حدث وما زال يحدث ليس “اشتباكات” بل عمليات تدمير منظمة للحياة المدنية ومقومات الدولة.
النهب الممنهج: لم يقتصر الأمر على إزهاق الأرواح، بل امتد إلى سرقة الممتلكات الشخصية، ونهب البنوك والمؤسسات، وتحويل خيرات البلاد إلى جيوب القائمين على هذا المشروع التدميري.
“السودان يمتلك مفاتيح الثروة العالمية، واليوم يتم بيع هذه المفاتيح في سوق الدمار مقابل تمويل آلة القتل”.
الجشع القاروني: الذهب، الموانئ، واليورانيوم
إن الهدف الأسمى وراء هذا الدعم المدمر ليس سياسياً فحسب، بل هو اقتصادي بامتياز. فالسودان، “الأرض البكر”، يمتلك:
الذهب والمعادن: هو ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، وتقدّر احتياطياته بالآلاف من الأطنان. يضاف إليه اليورانيوم والنحاس والمعادن الثمينة الأخرى.
الزراعة والأمن الغذائي: يمتلك السودان مساحات زراعية هائلة صالحة لإطعام المنطقة بأكملها.
الموانئ والموقع الاستراتيجي و السيطرة على موانئه تعني السيطرة على جزء حيوي من التجارة العالمية والتحكم في إمدادات البحر الأحمر.
إن مشروع “قارون العصر” الإماراتي يقوم على قاعدة مفادها: “اقتناء الثروة السودانية بتمويل صراعها الداخلي”. إنه جشع لا يكتفي بالاستثمار المشروع، بل يقتات على ضعف الدولة وتمزيق نسيجها الاجتماعي لينهب خيراتها بأبخس الأثمان.
نداء للمحاسبة والتاريخ
إن صمت العالم أمام ما يحدث في السودان هو تواطؤ مع “قارون العصر”. يجب أن يرتفع صوت الشعب السوداني من دارفور والجزيرة والخرطوم عالياً، ليطالب بـ:
محاسبة الميليشيات على جرائم الإبادة والنهب والاغتصاب.
محاسبة كل الدول الداعمة وعلى رأسها “قارون العصر” الذي يموّل آلة القتل.
وقف التمويل الخارجي للصراع وتجميد أصول كل من ثبت تورطه في تهريب ثروات السودان وتمويل الحرب.
إن السودان ليس مجرد “منجم” أو “محطة عبور”؛ إنه وطن لشعب عظيم يستحق أن يعيش بسلام وكرامة على أرضه الغنية. وعلى “قارون العصر” أن يعلم أن التاريخ لا ينسى، وأن الأموال الملطخة بالدماء لن تجلب سوى العار الأبدي واللعنة.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.