*حسين خوجلى ..* الاسم
– أنا عند مناداة اليسر زهر وعند مناداة العسر صخر.
– القرية والمولد؟
أنا من الجزيرة التي صنعها الناس بالحسنى وصنعتهم بالرضاء وأدبت السودان فأحسنت تأديبه.
ولدت مع مطلع الاستقلال، حين كانت الأماني الطفلة تقاوم لم يفت من عزمها الأعاصير ولم يفنها العدم.
– صديق في مرحلة الصبا؟
– عويس المصري قبل أن تغتاله القومية العربية، ومنقو زمبيري قبل أن يقتله أزبوني منديري بالتمرد وحمى الملاريا، وراشد محمد السيد قبل أن يخدعه الشيوعيون بشراب الماركسية وقبل أن يجده المارة مشنوقاً على صليب الديالكتيك بسوق الأسكلة بأم درمان.
وعبد الله محمد ميرغني قبل أن تخدعه الحركة الإسلامية، فيهاجر في سبيل التوحيد وتمارس هي من ورائه أبشع أنواع الشرك السياسي والانقسام التنطيمي المفضي لتبديد الشارع الإسلامي، ومن ثم الاسلام والسودان.. مقدمة أولى لتمسيح وصهينة أفريقيا.
– أصدقاء الجامعة؟
– أصدقهم مات شهيداً في همشكوريب، وأذكاهم افتتح صالة للعطور يبيع منها الذي يبيعه للخبز ويطهر بالباقي أنفه من أوساخ الشارع العربي وخياناته.. وأشطرهم يعمل بجهاز المخابرات يبيع ربع العلومة للمخابرات الأمريكية والربع الآخر للمخابرات السودانية والربع الثالث لاحدى الاذاعات المشبوهة والربع الآخر يبتز به تجار السوق العربي، وقليل من كل ربع يحتفظ به لليوم الأسود.. وأنبلهم معلم بالثانويات لا يعرف ثمن الدولار لأنه لا يستعمله، له كيس من الدقيق وكيس من اللحم المجفف «الشرموط» ومصحف وامرأة لا تعرف «النقنقة» ولا تستعمل حبوب منع الحمل.
– أساتذة في الخاطر؟
زكي نجيب محمود في الفلسفة.
والقرضاوي في الفقه.
والجواهري في الشعر.
والترابي في الفكر.
والعقاد في الثقافة العامة.
والشعراوي في الامتاع والمؤانسة.
ومحمد حسنين هيكل في المعلومة الحكاية.
ومنصور خالد في تهافت السياسة.
وسيد قطب في جلال الحرف وجلاله.
– مدينة في الذاكرة؟
– مكة حين يفتر العباد ويتمرد الليل وتتبرج الثريات.. ولماذا؟.. لأنها مكة والشرح يفسد في هذا المقام ويخجل لماذا؟
– كتاب في حياتك؟
– في أول حياتي الجامعية «أنواع الفلسفة ومشكلاتها» للمؤرخ الأمريكي هنتر ميد، و«الأيام» لطه حسين و«البداية والنهاية» لابن كثير و«أنشودة المطر» للسيَّاب و«غضبة الهبباي» لصلاح أحمد ابراهيم، و«مذكرات الدعوة والداعية» للبنا وأشعار ناظم حكمت وبريخت.
– كتاب أثر في حياتك؟
القرآن حين أقرأه بعيداً عن التفسير والمفسرين، وقريباً من علمي وجهلي به.
– الهواية؟
– لكل ساعة في حياتي هواية.. والذي يستطيع أن يعدد ساعاته هو الذي يحدد هواياته.. وهذا ضرب من المستحيل.
– التخصص.. ماذا استفدت منه شخصياً؟
– تخصصت في الفلسفة، فأورثتني الكثير من الشك المفيد، والقليل من اليقين المبارك، وكثير الشك وقليل اليقين، أعطاني موهبة حب الله والخوف منه وبعض التدبر والتوحد.
– وماذا أفاد البلاد؟
أفادها ببعض هذه الأحرف الحرون التي نكتبها ليل نهار، فيجد البعض فيها شيئاً من الفرح وشيئاً من الترح وقليلاً من الهداية .. ولكنه رغم ذلك يبتسم في وجهنا ويشتري بضاعتنا المزجاة.
– العولمة ؟
– في تعريف الغرب هي استعمار الأمتار والأفكار..
وفي تعريف العرب هي فن التمتع بظاهر الدركسون دون الدخول في باطنية الماكينة..
– جامعة الدول العربية؟
– هي أحد الأحابيل والألاعيب التي صنعها الطغاة للاستفادة منها في إطالة غيبوبة الشعوب.
– أغنيات؟
يا ضلنا لمصطفى سيد أحمد.
وقسم بيك محيك البدري والمستحيل لوردي.
وضنين الوعد للكابلي.
والملهمة للتاج مصطفى.
وليالي الشاطئ للعاقب.
وأنا بحبك يا مهذب للفلاتية.
وكل عثمان حسين.
في سكون الليل لأحمد المصطفى.
ومشتاقين لعثمان مصطفى.
وملامة للشفيع.
وأم درق عند ود اليمني.
والبريدو لأحمد فرح.
وكلما سألت عليك ردوني حراسك لعبد المنعم حسيب.
والزهور بسمت لينا للجابري.
وفتاتي للطيب عبد الله.
وأمل لسيد خليفة.
وكل عبد العزيز داؤود.
نسى أيام صفانا لأبو علي.
والجمعة في شمبات للكاشف.
وقوم يا ملاك والدنيا ليل لخضر بشير.
وكنوز محبة لمحمد ابراهيم زيدان.
وكل ابراهيم عوض عبر عبد الرحمن الريح مروراً بالطاهر ابراهيم وسيف الدسوقي وابراهيم الرشيد حتى مصطفي عبد العزيز «تذكار عزيز» وهنا توقف ابراهيم.. رفعت الأقلام وجفت الصحف.
وكل محمد الأمين خاصة الحب والظروف ومن شوفتو طولنا وأغنية صديقي الدكتور مبارك بشير عويناتك.
– هل لك علاقة بالشعر؟
كنت أتوقع أن يسأل هذا السؤال للشعر هذا «الذي ملكني وهدّ كياني».
– عبد الناصر؟
«يا ولدي الأيام قضت غرضها» كما يقول أهلنا بالجزيرة، وبقيت الأغنيات معها الهزيمة والنكسة والاستبداد ومصر العانس لا مصر الفتاة ولا مصر الودود الولود.
– ماذا يعجبك في المرأة؟
يعجبني في المرأة العقل المفتوح – والساق المغطاة.
– ماذا يعجبك في الشباب؟
الدم الحار.
والموهبة الساخنة.
والطموح الموَّار
والفحولة مع المروءة والشمم والعفة والعلم وحب المراقي وحب العطر والنساء والصلاة.
– استقلال السودان؟
– كريم أدى غشيم.. فلم يقدر المنحة الغالية وما زال يدفع ثمن التسفل غالياً من شبابه وزمنه.
– نكروما؟
– وجوه التجريب العظيمة في أفريقيا كاريزما وثقافة ورومانسية وأفول.
– يوم ضربت بغداد؟
– يوم ضربوها أصابوا عقلي بالخمول ورجولتي بالبرود.. وبكيت كما يبكي الأطفال.. وتظاهرت في حديقة بيتنا الخلفية مثلما تفعل النساء والرؤساء والأمراء والحكام العرب والمثقفون.
– الوفاق الوطني؟
– كلمة حق أريد بها باطل.
– نيفاشا؟
– اتفاقية لتقسيم السودان الى دويلات على طريقة قطع أطراف مريض السكر المزمن، تحت حجة أن الحياة ببعض جسد وبعض روح ممكن!! في الزمان الامريكي القذر.
– المتنبئ؟
– وزير الثقافة العربي الوحيد المؤهل الذي تآمر عليه العسكر والمخابرات واقتصاديات السوق وأصحاب الدروس الخصوصية والجامعات الأهلية حتى الاغتيال.
– هل شاهدت القضارف؟
– نعم والسم سم وشاي المغرب «والنافر المليون دولار من أمو ما بيجيبنو».
– هل زرت مدني؟
– الذي لم يزر مدني لم ير السودان.. لا ماضياً ولا حاضراً ولا مستقبلاً.
– الاذاعة السودانية؟
– الاذاعة السودانية اذاعتان واحدة في خاطر السودانيين رائعة لا تشيخ ولا تتبدل.. وواحدة تستعمل الآن المضادات الحيوية لتقاوم فطريات الأسر والحراسة.
– شعارك في بيتك؟
– اجعل لحياتك هدفاً وحجة وقناعة وحرية.. وسر لا تبالي بالصعاب ولا بالرياح.. نحن أسرة حرة بالتزام.
– حكمتك في العمل؟
– الرزق يأتي عبر التجويد والحب.. وكل رزق لا يأتي عبر التجويد والحب هو مجرد استجداء.
– الصحافة السودانية؟
– مثل المرأة السودانية يمنعها أطفالها والمطبخ عن فضائل القراءة والكتابة والرؤية والتمرد النبيل والحرية.
– البي بي سي؟
– تتسع بصدقها عنا ونتقزم بكذبنا عن أنفسنا
– نصحية للاقتصاد السوداني؟
– امسكوا المال عن الحكومة واعطوه الشعب مباشرة.. تكسبوا ثراء الشعب ورفاهية السلطة وتصنعوا وطناً تحت الشمس..
– نصيحة للسياسي السوداني؟
– ارفع يدك عن حالنا ومالنا وابحث لك عن عمل وقفة ملاح وشهرة بعيداً عن محمد أحمد المسكين. يومها ستصبح مفيداً في سياسة مفيدة لوطن معافى وراشد.
– مليون ميل مربع ونستورد الحبوب؟
– أولاً: لأننا لا نعرف الزراعة ولم يتعلمها أحد ولم يعلمنا لها أحد.
ثانياً : مادام لا مشكلة للشحادين المستترين والعطالة والفاسدين. فستظل هذه أكثر الوظائف جذباً ومكسباً.
ثالثاً: ما دامت هنالك بنود لاغاثات وأوساخ الغرب من الجيوب «والحبوب» فسيظل المليون مربع أرضاً سهلة وخصيبة للاستعمار الجديد.
– المتعافي؟
يشبه الخرطوم وتشبهه الخرطوم.. رزقه الله ورزقها ورزقنا «العافية»، زائداً تلك الابتسامة المفطورة التي تتحدى كل التقلبات والتحديات والأحداث.. ولن أفيض لأن عبد الحليم أخي واخوانه أصدقائي وشهادتي فيه مجروحة!!
– النفط السوداني؟
– هو ذلك الانجاز الذي صنعته الانقاذ رغم أنف الانقاذ وأنف أعدائها.
– اتفاقية «2791م باديس أبابا؟
– بساطتها ومباشرتها «أسقطتها» ولأن الشئ بالشئ يذكر، فإن تعقيدات نيفاشا وغموضها سوف «تسقطنا».
– عبد الله الطيب؟
– البروفيسور الذي ظل طول عمره يتحدث عن العرب.. ولم يجاوب أبداً على أهم سؤال يعنيهم وهو كيف السبيل لانتشال العرب؟
ولا أعرف من نلوم صمته أم سكوتنا عن السؤال الصعب.
– الأزهري؟
– الأفندي النظيف الذي تآمرت عليه الطائفية وخانه الجنرالات وأجهزت عليه الماركسية ولم يسوِّقه أحد للشعب ولا للتاريخ، لأن تياره كان أقل من قامته السامقة ورمزيته المهيبة!!
– اسحق الحلنقي؟
– أدروب الذي علم العاصمة أن المفردات يمكن أن تكون مثل الشيكولاتة، سلعة مثيرة تباع في بقالات أولاد العز، ويمكن أيضاً أن تكون سلعة لذيذة مثل البركاوي تباع في دكاكين أولاد الغبش.
الحلنقي أجمل توقعاتنا من الشرق بعد الميناء ودقنة ومحمد عثمان الكبير وستي مريم.
– جعفر نميري؟
– ظل 16 عاماً حاكماً لأن المعارضة كانت أذكى من المعدل المطلوب.. وكان هو أشطر من المعدل المسموح به لحكام العالم الثالث، وما بين ذكائها وشطارته استمرت ما يو كل هذه السنوات، وكل هذه الأناشيد وكل هذه السواهي والدواهي.
جعفر نميري لم يفده الجيش ولا الظروف الدولية مع عدم انكارها.
جعفر نميري أفاده المريخ وحي ود نوباوي واستخدامه الممتاز للتكنوقراط والطامحين والطامعين.
– حواء الطقطاقة؟
– المرأة التي أخطأها المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي.. مع أن الزعيم الذي يجعل صورته علامة للعطر لن يضيره لو احتمل «البي ريدو ابتلاني ما أظنو ينساني».
– بيت المال؟
– هذه الكليومترات المحدودة التي ظلت تتنازعها كل التيارات من أقصى اليمين الي أقصى اليسار، وكانت هي المسكينة بلا بيت ولا مال، ولكنها كانت تشع بالانسان السوداني الوسطي الماهل والمعتدل والفنان – بيت ليست بحارة.. بيت المال حلة.
– مقابر أحمد شرفي؟
– انها المساحة التي تقع في أخطر وأغلى منطقة استراتيجية بالعاصمة.. ورغم ذلك يشتري فيها الأثرياء والفقراء شبرهم الأبدي مجاناً.
– كرري ؟
– المكان والزمان الذي كان فيه القرار التاريخي، أن الموت الرائع هنا الخيار الوحيد حين اسقط الأحرار الأسر والاستسلام والمداهنة.
كرري المعركة الوحيدة في الدنيا التي هزم فيها المنتصر وانتصر فيها المهزوم.
– الميل أربعين؟
– هي بعض بدر التي لم يستطع اعلام الاسلاميين تسويقها لصالح احرار العالم ومضطهدي الامبريالية، لتهديهم سبيل الرشاد.
– مجلس الأمن؟
– أكبر كازينو للقمار، وأكبر علبة للعهر السياسي، وأضخم مؤسسة للتحالف ما بين الصليبية والصهيونية والوثنية المعاصرة، لقهر العالم الإسلامي ومتابعة تنفيذ بنود تقسيم أموال ورجال الخلافة الاسلامية.
– جامعة الخرطوم؟
– إن المحافظة على طلابها وأساتذتها وأرضها ونخيلها ومبانيها ومستقبلها، من أس الوطنية والدين والعهد الملزم على أعناق الأحرار.
– الخرطوم عاصمة الثقافة العربية؟
– تلك أيام كف الله مواهبنا عنها، فلنكف أقلامنا مع احترامنا «بجهد المقل» واجتهاد العارف في حدود علمه، وتبقى إحدى مصائب الانقاذ هذا الإصرار العبقري المعوج في وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب – فتظلم الرجل وتظلم المؤسسة، حيث لا يبادر المسكين لا بالاعتذار ولا بالاعتراف.
مسكين الباشمهندس السعيد عثمان محجوب، فقد ظلمناه مرتين، ولكنه في ذات الوقت ظلم نفسه ألف مرة.
– أين هي السينما السودانية؟
– ذهبت مع الريح لأن الذين يمسكون بمال البلاد والعباد يمشون مكبين. والذي يمشى مكباً على وجهه لا يشاهد ولا يتأمل. والسينما أصلاً هي فن المشاهدة والخيال والتأمل.
ولذلك لم يفتقدها من هؤلاء أحد، وعاشت «العلمانية» التي أتاحت لنا في رسالية، المتعة بهذا الفن الراقي عبر الفضائيات المجانية.
– سد مروي؟
– هو مشروع أهل السودان كله والذي سيقبلون عليه زرافات ووحدانا، بعد أن تفتر همة أهل الشمال القلائل في النزاع والمهاترة «والمشاترة».
– رسالة الى أهل دارفور؟
– ألم تكتفوا من شرب الدم بعد؟ لأنه حسب إفادة الشاهد فإن بقية السودان قد اكتفت من شرب الدموع.
– أقيم هدية تلقيتها؟
– عتاب من صديق ونصيحة من منافس وقلق النفس اللوامة.
– كيف تزوجت؟
– تزوجت من التي كانت ستجد من هو خيرا مني.. والتي لن أجد من هي خير منها.
لقد التقينا على قدر وما زلنا نزاوج ما بين الفرح ونقيضه حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً.
– وجبتك المفضلة؟
– كل طعام صنعته يد ماهر بنفس طيبة.
– شخصيات أثرت في حياتك؟
– الشهيد الشريف أحمد ود طه جدي، والشهيد عبد الإله خوجلي شقيقي والشهيد سيد قطب أخي.
– أحداث غيرت مجرى التاريخ؟
– حين قتل سيدنا عثمان على مصحفه، وحين بايع معاوية ابنه على الملك العضوض، وحين أوفي بلفور بوعده، وحين اغتيل حسن البنا، وحين وافق الشيخ الترابي سراً بتحويل حركة الإسلام الجماهيري بالسودان الي حركة انقلابية، رغم وجاهة المرافعة وصلف المنعطف.
– ماذا تحب في شخصية عمر بن عبد العزيز؟
– أحب فيه اسلامه المعتدل الصافي وعروبته الطاهرة وأمويته العملية.
– هارون الرشيد؟
– أحب فيه ترفه الزاهد وزهده المترف ومقدرته الخطيرة على التوليف ما بين الدنيا وما بعدها..
– صلاح الدين الأيوبي؟
فانني اتوقف في نصيحته الشاهدة بالمغزى بأن الانتصار على الصهيونية ممكن ولو بعد حين.
– أجمل ما قرأته البارحة من شعر؟
أنا أحب عكس الكثيرين أشعار العقاد وبعض الذي أردده:
هناك سنبلة في كل نابتة
وها هنا ريشة في كل منقار
قضى الزمان حقوق الزهر وابتدأت
حقوق فاكهة تُنمو وأثمارُ
فالغصن والطير هبّا يلقيان معاً
بنيهما بين اكمام وأوكار
– آخر وصايا الوالد؟
– كان الوالد يردد عليَّ وصية ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاثة من كن فيه فقد استحق ولاية الله، حلم أصيل يدفع به سفه السفه.. وورع يمنعه من المعاصي، وحسن خلق يداري به الناس.
حقاً كم هو رائع هذا الشخص.