منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. السر أحمد سليمان يكتب : *الإنسان ما بين ضعف وقوة*

0

د. السر أحمد سليمان يكتب :

*الإنسان ما بين ضعف وقوة*

1. الضعف والقوة يرتبطان بالأطوار والمراحل العمرية بصورة عامة للإنسان؛ ففي الأطوار والمراحل العمرية المبكرة يكون الإنسان ضعيفا، وكذلك في الأطوار والمراحل العمرية المتأخرة يكون الإنسان ضعيفا. بينما في الأطوار والمراحل المتوسطة يكون الإنسان قويا شديدا، كما قال الله عزّ وجلّ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير} [الروم:54]. وهذا يدل على أنّ الضعف مرتبط بالنمو والتغيرات المرتبطة بالأطوار والمراحل العمرية في الجوانب المختلفة، الجسمية والحركية والعقلية والنفسية والاجتماعية، وكما أنّ الضعف ظاهر في الجانب الجسمي الحركي فهو كذلك موجود في الجوانب العقلية والنفسية والاجتماعية، وهذا يقتضي تعاملا خاصا، ورعاية سليمة مع الأفراد في أطوار نموهم في مقتبل العمر الإنساني (مرحلتي الحمل والطفولة)، وفي أواخره (مرحلة الشيخوخة والهرم). كما يقتضي هذا الأمر توظيف أطوار ومراحل القوة (الشباب والرشد) في الإنجازات العظيمة وتحمل المسؤوليات الكبار، ومواجهة التحديات وعدم الاستسلام والعجز.

2. الضعف مرتبط بالفروق الفردية والحالات الخاصة لدى بعض الأفراد الذين يتطلبون تعاملا خاصا بهم ورعاية ملائمة لهم، فقد وردت أحكام خاصة بالضعاف في القرآن الكريم، كمال قال الله عزّ وجلّ فيما يتعلق بأحكام الدَيْن: {.. فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ..} [البقرة: 282]. وقال الله عزّ وجلّ: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم}[التوبة:91].

3. الضعف مرتبط بالدوافع والشهوات والانفعالات، ولذلك فإنّ ضبط الدوافع والشهوات والتحكم فيها، أو إشباعها باعتدال وفق التوجيهات السليمة يزيل الضعف ويجلب القوة للإنسان؛ قال الله عزّ وجلّ: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}[النساء: 27 – 28]. وضبط الانفعالات وحسن إدارتها يمثل مصدرا للقوة والشدة كما ورد في الحديث النبوي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ” (صحيح البخاري).

4. الضعف مرتبط بعدم توظيف القدرات العقلية والتفكير بموضوعية، ولهذا وصف الذين يتبعون الآخرين بدون إعمال للعقل بأنّهم ضعفاء، قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّار}[غافر:47]. وهذا يدل على أنّ استخدام العقل والتفكير استخداما سليما يكون واقيا من الضعف للإنسان.

5. الضعف يختفي عندما يتم اعلاء الكفاءة الذاتية والعزيمة والصبر على أداء المهام ومواجهة التحديات، قال الله عزّ وجلّ: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين}[آل عمران:146].

والله أعلم

السر أحمد سليمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.