بدر الدين حامد الهاشمي يترجم : *ثورة 1924م: انعكاساتها على نظام التعليم في السودان (1)*
بدر الدين حامد الهاشمي يترجم :
*ثورة 1924م: انعكاساتها على نظام التعليم في السودان (1)*
مقال ل : ليليان ساندرسون
بدر الدين حامد الهاشمي
5 March, 2024
THE 1924 REVOLUTION: ITS REPERCUSSIONS UPON THE EDUCATRION SYSTEM OF THE SUDAN
Lilian Sanderson ليليان ساندرسون
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة وتلخيص للجزء الأول من مقال للبريطانية ليليان م. ساندرسون (1925 – 1996م) نُشِرَ في المجلد السابع والخمسين من مجلة “السودان في رسائل ومدونات SNR” الصادر في عام 1976م، عن تداعيات ثورة 1924م على النظام التعليمي بالسودان.
وكانت الكاتبة قد عملت منذ عام 1953م، بحسب سيرتها الذاتية بموقع جامعة درم، في تدريس البنات بمدرستي أمدرمان الوسطى والخرطوم الثانوية، وذلك حتى عام 1962م. ثم عملت لعام آخر في التدريس بجامعة الخرطوم أستاذةً غير متفرغة (1).
وسبق لنا في عام 2016م ترجمة مقال للكاتبة عنوانه: “بعض جوانب تطور تعليم البنات في السودان” (2). ولها أيضاً مقال مماثل عن تطور تعليم البنات في جنوب السودان. ونشرت ايريس – سيري هيرش لاحقاً عدة مقالات أكثر عمقاً وشمولاً عن التعليم في السودان إبان العهد الكولونيالي (3).
المترجم
********** ************ **********
ترتبط أنظمة التعليم الرسمية في كل الدول بالمؤسسات السياسية للمجتمعات المعنية. وتؤدي تلك الأنظمة الرسمية وظيفةً اقتصاديةً هامة – ألا وهي إعداد عاملين مؤهلين وفقاً للاحتياجات الاقتصادية. وعادةً ما تلبي الأنظمة التعليمية أيضاً الحاجة لـ “ثقافة” ضرورية للماضي المجتمعي، وتدرب المبتكرين على أداء أدوار إبداعية في مستقبل المجتمع. ويمكن أن تكون النتيجة الطبيعية لتلك الوظيفة “الثقافية” هي استغلال المواهب الفردية في الخدمة: ليس فقط لخدمة المجتمع المعني، ولكن أيضاً للعالم الأكبر ولـ “الثقافة” الإنسانية الأوسع.
لقد كان النظام التعليمي الذي أقامه الحكم الثنائي بالسودان في بداية القرن العشرين متأثراً بصورة كبيرة جداً باحتياجات الحكومة القصيرة الأجل في مجالات الإدارة والسياسة والاقتصاد. وأنشأت حكومة ذلك النظام القليل من المدارس الأولية لتقديم نوع من المعرفة يمكن بها للناس “فهم آلية عمل الحكومة، لا سيّما فيما يتعلق بإقامة العدل بشكل منصف ونزيه”[ كما جاء في مقال لجيمس كيري أول مدير لمصلحة المعارف] (3)، وأقامت الحكومة أيضاً بعض “المدارس الصناعية” لخلق “طبقة من الحرفيين المَهَرَة”. وأنشأت أيضاً مدرسة أولية أو مدرستين (سُمِّيَتْ تلك المرحلة لاحقاً بالمرحلة الابتدائية”) كان الهدف من إنشائها خلق طبقة محدودة العدد من (صغار) الإداريين القادرين على ملء وظائف حكومية، كان بعضها إدارياً، والآخر فنياً. غير أن الغرض من استخدام اللغة العربية وتدريس مادة الدين الإسلامي في تلك المدارس كان هو الحفاظ على الماضي الثقافي (هكذا! المترجم)؛ بينما كان الهدف من تقديم منهج أكثر عمومية هو خلق مبدعين ومبتكرين للمستقبل. وعلى الرغم من أنه لم يكن من المرجح أن يعمل النظام التعليمي الجديد في السودان في ذاك الوقت على انتاج أي بحوث ذات طبيعة عالمية مهمة، إلا أن إنشاء كلية غوردون التذكارية في الخرطوم قدم إطاراً مؤسسيا لمثل ذلك الإنتاج البحثي في المستقبل.