منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

منتصر محمد احمد يكتب: بين الدعمين

0

منتصر محمد احمد يكتب:

بين الدعمين

كانوا قبل الحرب يمدحونه ويبشرون به و يعدونه ليكون نواة الجيش بعد ( هيكلته ) لكنه خذلهم لما أتي بما لا تأت به المغول وعاث في الأرض خراباً ما له من مثيل أصبح آل قحط يلوذون عن الدفاع الصريح للدعم السريع برمي التهمة على الإنقاذ و يسألون في غباء و خبث .. من أنشأ الدعم السريع ؟ أولاً .. محاولة خافتة فيها قفز على الحقائق التي يعرفونها و ينكرونها .. هنا نحاول أن نقدم بعض الإفادات داحضة للفرى التي يفترونها لصرف الأنظار عن جريمتهم و إشعالهم للحرب خدمة لأسيادهم و نبتدر قولنا بجملة صادمة صاعقة و نقول بثقة تامة أن مليشيا الدعم السريع الذي أشعلت الحرب و تمردت ليست هي الدعم السريع الذي أنشأته الإنقاذ و البشير .. و نبدأ قصة تأسيس قوات الدعم السريع بإستعراض الظرف الذي دعا الدولة وقتها لإنشائه …
لأنني أنظر للأمر دون زاوية عنصرية أو جهوية و لا كراهية مسبقة فإن إنشاء قوة الدعم السريع أرى بعض الوجاهة و العذر لمن قام به …
قبل أن نتهم الدعم السريع بأنه حرق و قتل و أغتصب فالسؤال هل أنشئ الدعم السريع للقتل والإغتصاب و ما الذي دفع السلطة وقتها للجوء لهذا الخيار .. ؟
الإنقاذ وقتها كانت محاصرة من كل العالم تقريباً و حتى من لم يعاديها لم يجرؤ على مساندتها و بعد نيفاشا و إنتهاء العمليات بالجنوب وجد الخواجات في العصابات التي كانت تمارس النهب المسلح في دارفور وجدوا فيها بذرة أداة ضغط و إبتزاز جديدة فنصحوها بتبني شعارات سياسية و يسروا لها التمويل و التسليح و فتحت لها أبواب إعلام العالم و نصحوها أن توجه سلاحها نحو القوات النظامية .. جرى إستقطاب عدد كبير من أبناء دارفور في الدول الغربية و ما تمنعوا فأصبحوا دعاة لفرض الحصار على شعب السودان كما صرح بذلك الذي تكبر على الإعتذار وأصبحت ( أزمة دارفور ) قضية عالمية تقوم بسببها الأمم المتحدة ولا تقعد وأصبح مجلس الأمن يناقش ( أزمة دارفور ) أكثر من أزمة فلسطين … الحركات المتمردة تلك أصبحت تهاجم الجيش و المواقع المدنية بل و حرقت الطائرات المدنية و تفتك بالقبائل غير المسلحة وفي نفس الوقت لم تنس أن ترفع شعارات الكراهية والإستئصال والدولة قامت بدورها في مواجهة تمرد تلك الحركات بسلاح الدولة وجيش الدولة وكان ذلك هو الإجراء والرد الطبيعي وفي قمة المواجهة قامت أمريكا بمساعدة العملاء من منسوبي تلك الحركات قامت بإستصدار قرار من مجلس الأمن في 2005 بحظر السلاح في مناطق دارفور وإستغلت حركات التمرد ذلك القرار الأممي فزادت من هجماتها ومع ذلك لم ترفض الحكومة الجلوس للتفاوض مع تلك الحركات المتمردة فكانت ابوجا والدوحة والقاهرة وأديس وغيرها و حتى التي سالمت ما لبثت أن خضعت لأوامر أمريكا فتمردت ثانية و غادر مناوي منصبه مغاضباً سالماً ..
في ظل حصار قرار مجلس الأمن والحصار الغربي خارج مجلس الأمن وجدت الدولة أساليباً لمواجهة تمدد عدوان تلك الحركات المتمردة فقامت بالإستعانة بقطاع الشرطة فجرى توسيع تدريب و تسليح قوات الإحتياطي المركزي وكان لها دور مشهود في العمليات في دارفور وأنشأت قوة هيئة العمليات التي أبدعت و قدمت التضحيات الجسام وتوسعت في تنشيط عمليات قوات الدفاع الشعبي في دارفور كما قامت الدولة بتفعيل دور حرس الحدود الذي كان في حالة تشبه البيات وعاد في حالة من الحيوية و النشاط .. هنا جاء الدعم السريع كقوة صغيرة تتبع لحرس الحدود ثم تتبع لهيئة العمليات ثم من بعد أن توسعت بشكل أكبر جاء قرار تبعيتها للقائد العام وكان ذلك بقانون معلوم منشور . ..
لاحظ مما سبق أن الإنقاذ لم تنشئ الدعم السريع وحده بل أنشأت كما ذكرنا قوات أخرى فلماذا يكون الدعم السريع وحده هو السبة التي توجه للإنقاذ ولماذا الدعم السريع هو القوة الوحيدة التي تمردت وأشعلت الحرب .. ؟
قلنا إن الدعم السريع الذي أشعل الحرب ليس هو الدعم السريع الذي أنشأته الإنقاذ والمقارنة بين الدعم السريع الذي أشعل الحرب والدعم السريع الذي أنشأته الإنقاذ …
… الإنقاذ أنشأت الدعم السريع بقانون مجاز و ملزم يوضح عدد القوات وتسليحها ومهامها وتبعيتها وحدد أعلى رتبة عسكرية لقيادتها برتبة فريق واحد وحدد القانون تمويلها .. إلخ أما الدعم السريع الذي بعد الإنقاذ فكان لا يعمل تحت أي قيادة وبلا قانون وكان قانونه هو أهواء ( القائد ) وكان يختار من المهام ما يرد في خاطر ( القائد ) أما تمويله وتسليحه فكان بلا ضابط ولا رابط و ظل يكدس من السلاح ما لم يخطر على قلب بشر ولو سألت عن تمويله فتحدث عن الإمارات وعن حكومة حمدوك والبدوي و د. هبة محمد علي الذين وفروا الإعتمادات المالية للدعم السريع ليجند أكثر من ثلاثمائة ألف عسكري خلال سنوات القحط الأربع وفي ذات الوقت قاموا بمنع الإعتمادات المالية المخصصة للتجنيد للقوات المسلحة بل حتي رواتب الضباط والجنود كانت يجري تأخيرها عمداً لدفع العسكريين للهروب من الجيش و الإلتحاق بالدعم السريع …
الدعم السريع في عهد الإنقاذ لم يتدخل في السياسة مطلقاً وكان المواطن العادي لا يعرف من هو حميدتي بل كثير من متابعي السياسة لا يكادوا يعرفون عنه الكثير ولما جاءت حكومة ( الثورة ) أصبح حميدتي هو الرجل الثاني في الدولة والحاكم والآمر والناهي فيها بل كان يشتري من يشاء و مارس في ذلك أكبر حالة من فساد المال السياسي لم نشهد ولم نقرأ عن مثلها …
.. الدعم السريع يوم ان سقطت الإنقاذ كان تعداد عساكره ثمانية عشر ألف عسكري منهم ثمانية آلاف في اليمن وعشرة آلاف في السودان و غالبهم في ولايات دارفور فكم تمدد عدد عساكره في سنوات القحط الأربعة .. ؟!! من كان منهم صبيحة تمردهم في الخرطوم وحدها كان في حدود المائتي ألف .. !! هل تلام الإنقاذ أم غيرها هو المسؤول .. ؟
في عهد.الإنقاذ كانت قوات الدعم السريع منضبطة بتعليمات القيادة العسكرية وكانت لا تستطيع تحريك عربة مسلحة واحدة من موقع لآخر إلا بأمر تحرك صادر عن القيادة العامة وبعد سقوط الإنقاذ رأينا ورأى الناس التحرك المسلح ( المنضبط ) لقواتهم وهي تجوب الشوارع بل توجه سلاحها نحو القيادة العامة والسلاح الطبي والمدرعات والقاعدة الجوية .. !! أما رأينا أن للدعم معتقلات و سجون .؟ !!
قائد الدعم السريع الذي أنشأته الإنقاذ كما قلنا لم يكن له أي دور في سياسة البلد وما كان بوسعه أن يصرح بكلمة إلا بعد الإذن والتعليمات وبعد ذهاب الإنقاذ رأيناه يعين ويعزل وينقض ومن عجب أنه حتى سقوط الإنقاذ فالرجل كل الدول التي كان قد زارها هي السعودية و الإمارات و ( برضو حسب التعليمات ) . .. و تغير الحال فرأيناه في كمبالا وجوبا وأديس ومالي وبوركينا فاسو والقاهرة وقطر حتى موسكو الجليد وصل إليها .وليت لو أسفاره هذه كان يمثل فيها الدولة .. كان يجوب العالم ممثلاً لمليشياته ولا علاقة للدولة بكل تلك الرحلات و الناس تذكر ذلك … بل بعث بأخيه المتخلف إلى تل أبيب وليته أيضاً كان ممثلاً للدولة ..
كما قلنا فإن الدولة وقت حصارها الذي فرضته الأمم المتحدة على جيشنا في دارفور لجأت لأساليب تمكنها من مواجهة تمرد حركات دارفور دون خرق قرارات الامم المتحدة وقلنا أنها توسعت في تدريب قوات الشرطة و تسليحها فأصبح الإحتياطي المركزي صاحب صولات يمجدها التاريخ وواجه التمرد الدارفوري بشراسة و إقتدار و قلنا أن الدولة انشأت قوات هيئة العمليات تلك القوات ذات التدريب الخرافي والتسليح النوعي المميز وقلنا أن الدولة عملت على زيادة فاعلية قوات الدفاع الشعبي في دارفور كل ذلك بجانب قوات الدعم السريع التي كان لها الدور العظيم المعلوم في كسر ظهر حركات العدل والمساوة وحركة عبد الواحد محمد نور … كل ذلك لمواجهة إزدياد إعتداءآت حركات تمرد دارفور مع غل القرارات الدولية ليد الجيش السوداني هناك ..
هنا تأتي المقارنة التي يتعامي عنها المدسلون من آل قحط .. كيف كان رد فعل قوات الدفاع الشعبي وقد صدر قرار حلها باكراً جداً .. ؟ تلك القوات التي يقارب عدد منسوبيها النصف مليون مقاتل وكثير منهم له خبرات قتالية وتدريب عال .. هل رفضت تلك القوات قرار حلها .. ؟ هل تمردت .. ؟ رأينا أن قيادة الدفاع الشعبي لم تقد حتى و لا حملة إعلامية ضد هذا القرار وقد كان بمقدرها أن تطيح بالإستقرار الهش الضعيف لكنهم كانوا ينظرون إلى المصلحة العامة والأمن العام فتقبلوا قرار القحط بحلهم ومثلهم قوات الشرطة وقد عمل حمدوك وزبانيته على تفتيتها ورأينا كيف أن كشفاً واحداً أحال ألفاً وخمسة وثلاثين ضابطاً للمعاش وهذا لم يشهده أي جهاز شرطة في العالم كله ولو كان هذا العدد للعساكر والصف والجنود لعده الناس بدعة سيئة فكيف والإحالة لهذا العدد الكبير كانت لضباط بذلت الدولة في تعليمهم و تدريبهم المال الطائل وسبقت كشف الإحالة كشوف حمدوكية قحاطية قبله وتلته كشوف .. وبلع منسوبو الشرطة غصتهم في حلقهم و لم يرفعوا سلاحاً و لا أعلنوا تمردا … كان قائد المليشيا في جوبا ومن هناك إفتعلت خلاياه متضامنة مع ملاعين القحط في المالية وفي غيرها فأوقفوا مرتبات ضباط و جنود هيئة العمليات و إحتج منسوبو الهيئة في الأبيض فجاءات التعليمات من جوبا أن حاصروا كل مقار الهيئة في كل السودان وحدثت إستفزازت تجاه الهيئة نتج عنها مناوشات راح ضحيتها أثنان من منسوبي الهيئة و الكل يعلم أن قوات الهيئة كانت قادرة أن تقلب كل البلاد رأساً على عقب بما عندها من رجال و ما عندها من سلاح لكنهم لما صدر قرار حل هيئة العمليات لم يرفعوا سلاحاً بوجه أحد والجميع يعلم ما هي هيئة العمليات وما كانوا جبناء ولا ضعفاء لكنهم كانوا عقلاء ينظرون للمآلات و لحال البلد وقتها فقبلوا أمر حل الهيئة و إنصرفوا راشدين ..
هنا لنقارن من صدر قرار بحله حلاً نهائياً و بمن طُلب منه أن يندمج في الجيش لا أن تحل قواته … كيف غضب وهاج وماج بل بعضهم قال لا يندمج الجيش بل ليندمج الجيش في الدعم .. رأينا كيف أنه يتحايل و يقول أنه يقبل الإندماج لكن في خمسة و عشرين سنة .. !!! و لنقارن فرحة ملاعين قحط و زغاريدهم بقرارا حل الدفاع الشعبي و تفكيك الشرطة وحل هيئة العمليات لنقارن تلك الفرحة بموقفهم من قرار دمج الدعم السريع .. حينها إصطنعوا ما يسمونه ورشة إصلاح الجيش وفولكر من خلفهم ظهيرا وتلك الورش جاؤوا بأبدع البدع إذ جاءتنا إمرأة خواجية مدنية ملكية لترينا كيف نصلح جيشنا .. !!! ورش تآمروا مع قائد المليشيا لتدعم ما جاء في ( اللطاري ) اللعين و تقنن للجيش الموازي وتسحب تبعيته وتسليحه وتحركاته من القائد العام و تتبعه شكلياً لمن أسموه رئيس مجلس السيادة المدني فعلياً يكون بيد من هو بيد الإمارات ..
… .
الدعم السريع بعد السقوط أنشأ وحدات عسكرية داخله ليصبح جيشاً موازياً فأنشأ إستخبارات الدعم السريع وسلاحاً طبياً يتبع للدعم السريع وسلاح إشارة خاصا به بل قيل أنه أوفد طيارين عسكريين للتدرب خارج السودان وأنشأ وحدة بحرية تابعة له في بورتسودان وجهز لها مساحة واسعة على ساحل البحر الأحمر لتكون نواة لسلاح بحريته المنتظر فهل هذا هو ذاك .. ؟
من أنشأ الدعم السريع في نسخته الثانية التي أشعلت الحرب إذن .. ؟
دون إستفاضة فإن الإمارات وأمريكا وبريطانيا وجدوا أن عملاءهم الذين إجتهدوا في تأهيلهم وتدريبهم على نشاط إزاحة النظام أمامهم بعض المعوقات منها أن هؤلاء العملاء لم يكونوا بمستوى الدور المطلوب منهم كما وجدوا أن في السودان جيش صعب المراس لا يمكن إخضاعه و لا غبي يمكن خداعه .. إذن لا بد لهم من قوة عسكرية تكبح جماع الجيش وعوضا أن يقوموا بإنشاء قوة جديدة وجدوا في قائد الدعم السريع طبخة شبه جاهزة . و الباقي معلوم …
إذن فولكر و الرباعية و سفراء دول الغرب و من بعدهم حكومة القحط هم من أنشأ الدعم السريع الذي أشعل الحرب …
كل ذلك ورأينا أن إنشاء أي قوة مسلحة في منطقة محددة ومن مكون نفس المنطقة فتلك عملية خاطئة وإن جاءت بنتائج لحظية مفيدة بل حتى تجربة الدفاع الشعبي التي سلحت أبناء بعض المناطق بحجة الدفاع عن منطقتهم فما لبثت تلك القوة المسلحة أن تنمرت وإستخدمت سلاحها خارج القانون …
… عليه فإن الخلاصة التي نريد إيصالها عبر ما سردنا هي تبيان أن الدعم السريع في عهد الإنقاذ كان قوة نظامية ولها دورها مع تحفظنا الذي أوردناه وأن الدعم السريع الذي تسرطن في عهد القحط برعاية فولكر والإمارات هو جسم آخر تماماً وهو الذي أشعل الحرب ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.