زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة أردوغان..بعد هدفه الأول افريقياً هل يعزيزه بثانٍ
زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
أردوغان..بعد هدفه الأول افريقياً هل يعزيزه بثانٍ
تركيا ومنذ بداية الحرب في السودان ، أكدت على ثابت واحد ، وهو دعمها للجيش السوداني ولقائده ، كممثل شرعي للحكومة السودانية ، ويجب على العالم أن يتعاطى مع أزمة السودان ، وفقاً لهذه الرؤية ، ولا يتعامل معها بمنظور الحرب بين طرفين متكافئين ، وبررت لذلك بقولها إن أردت أن تكون وسيطاً يتمتع بالمقبولية ، عليك أن تكسب ثقة الحكومة الشرعية في البلاد ، حتى تؤدي دور الفاعل والمؤثر ، لإنهاء النزاع في السودان.
ومن المؤكد أن تركيا تحيط بخبايا الصراع ، الذي تحركه دول على أرض السودان ، وتستخدم فيه دولة الإمارات العربية المتحدة ، كَمُمَثِل لدور الأب بالتبني الكامل لمليشيا الدعم السريع المتمردة ، التي خرجت عن طوع الجيش السوداني ، وتمردت عليه وأشعلت حرباً ضروساً ، لم يسلم من تبعاتها كل الشعب السوداني ، فالإمارات العربية المتحدة رغم شكوى السودان ، التي وضعها بين يدي مجلس الأمن الدولي مقرونة بالأدلة الثابتة ، مازالت تواصل دعمها للمليشيا بالعتاد والمرتزقة الأجانب ، حيث تتولى تجميعهم وتدريبهم وترحيلهم لأرض المحرقة السودان ، من أجل استمرارية الحرب لإرغام السودان للجلوس مع المليشيا ،كخطة بديلة بعد أن فشلت في الإستسلاء الخاطف على السلطة ، فجر الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣م.
المبادرة التركية التي عرضها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، في اتصاله الهاتفي على رئيس مجلس السيادة الإنتقالي في السودان ، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أواخر الأسبوع الماضي ، وَعَبر فيها أوردغان عن رغبته في التوسط لنزع فتيل الأزمة بين السودان والإمارات ، لم تأتي يتيمة من تركيا بل جاءت بإيعاز من دولة الإمارات نفسها ، التي أغلقت مضاجعها شكوى السودان في مجلس الأمن ، وتعزيز الشكوى من فترة إلى أخرى بالأدلة والحجج ، المُتَمرحِلة من الأقوى إلى القوية جدا ، بحيث لا تستطيع الإمارات نفيها ، وإن نفتها لأحد بإمكانه أن يصدقها ، مع وجود البراهين المثبتة ، بالإضافة إلى ذلك الإمارات لم تكتفي بتوريط نفسها فقط في حرب السودان ، بل ورطت دول أعضاء في مجلس الأمن ، تُعد من الدول الصديقة لها ، وذلك بتزويدها للمليشيا بأسلحة ومعدات عسكرية ، لايمكن أن تصل لأيدي المليشيا لولا الإمارات ، فهي معدات تباع وفق اتفاقيات وبرتكولات بين الدول.
الضغط الذي تعرضت له الإمارات من أصدقائها المقربين ، بسبب تزويد جماعة متمردة بالأسلحة المتطورة ، وأستخدامها في الحرب لإرتكارب جرائم ممنهجة ضد المواطن السوداني ، كشفت عنها تقارير صحفية وجماعات ضغط داخل هذه الدول نفسها ، اضافة إلى الهزائم المتلاحقة التي مُنيت بها مليشيا الدعم السريع ، التي ترعاها وإنقلاب كفة الموازيين على الأرض ، لصالح الجيش السوداني ، كل هذا جعل الإمارات تفكر في مخرج يحفظ لها بعض ماء الوجه ، فلن تجد الإنسب لهذا الدور غير جمهورية تركيا ، لما لها من علاقة متميزة بحكومة السودان ، وقبول واسع في الشارع السوداني.
البرهان بدوره لم يرفض المبادرة التركية ، بل رحب بكل دور إيجابي يؤدي لإنهاء الحرب في السودان ، مع تأكيده الواضح ونيته التي لا رجعة فيها، القضاء على المليشيا التي استخدمتها الإمارات كمخلب القط في السودان ، وجماعة تقدم المدنية التي تشكل جناحا سياسيا لهذا الفصيل المتمرد ، وضمان عدم وجود أي دور مستقبلي لهما في السودان ، وجدد هذا الموقف بالأمس عندما خاطب قوات درع السودان ، بجبال الغر بالبطانة ، وهي قوة تحت قيادة الجيش السوداني ، تتأهب للمشاركة في تطهير ولاية الجزيرة من دنس التمرد.
المبادرة التركية رغم إختلاف الأراء حولها بين مؤيد ورافض ، إلا أنها خاطبت جذور الأزمة السودانية ، وقفزت إلى الفاعل الرئيسي ، فالحرب في السودان هي صراع بين دولتي السودان والإمارات ، وليست صراعاً بين السودان كدولة مُمَثلة بجيشها الوطني ، وفصيل متمرد ، فمن إيجابيات المبادرة التركية في مرحلة العرض ، انها عَرَّفت الحرب على أرض السودان ، انها حرب بين دولتين ، وعلى هذا الأساس يجب أن يتعاطى معها السودان ، بروح إيجابية لإنتزاع حقوقه من الدولة المعتدية ، وفقاً للقانون الدولي والإنساني ، وإرغامها على دفع فاتورة الحرب إعماراً لما دمرته الحرب وجبراً للضرر ،الذي لحق بالشعب السوداني.
أما تركيا اوردغان إن استطاعت إنجاز الملف السوداني الإماراتي ، فهذا يُحسب نجاحاً للدبلوماسية التركية ، ويوسع من نفوذها في المنطقة ، فهل ياترى يستطيع رجب طيب أوردغان أن يعزز هدفه الأول إفريقياً ، بهدف ثانٍ ، بعد نجاحه في إختراق ملف العلاقات الإثيوبية الصومالية ، وجلوس الدولتين لمفاوضات ثنائية بوساطة تركية ، لطي الخلافات بين بلديهما ، الأيام القادمة ستكشف لنا ما إن كانت تركيا جادة للعب دور الوسيط ، في ملف العلاقة السودانية الإمارتية ، بعد حصولها على الضوء الأخضر ، وبالتالي إنجاز هذا الملف عملياً يعني تجفيف منابع التمرد ، بوقف تدفق الدعم الإماراتي …لنا عودة.