منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

نار ونور د . ربيع عبد العاطي يكتب : الحرية أداة إرتقاء وليس إنحداراً

0

نار ونور
د . ربيع عبد العاطي يكتب :

الحرية أداة إرتقاء
وليس إنحداراً

 

* قد يزعم أحدنا بأن الذي لم يمنحك حريتك وظل مكبلاً يداك ، ومكمماً لفيك ، لا يستحق أية درجة من درجات الحرية ، وهذا القول يناطح مبدءاً إنسانياً أساسياً وهو بأن الحرية مدرسة لا يدخلها الظالمون ولا ينبغي لأحد أن يمارس الكبت بإسمها ، أو إنتقاماً لمن كان يمنع التمتع بقيمتها ، فهي قيمة عظيمة ، وأول الذين يدركون كهنها هم الذين ذاقوا ويلات الحرمان منها ، أما إذا وقع المنادون بها في الفخ ، وحاربوا المبدأ الذي تقوم عليه الحرية بالمنع ، والكبت ، والطغيان ، فإن هؤلاء لا شك بأنهم سينالون ما إقترفت يداهم ، وما سولت لهم به أنفسهم جزاءاً وفاقاً ، ذلك لأن دوام الحال من المحال ، وأن الأيام يداولها الله بين الناس .

* والحرية حسب المضامين التي وقف عليها من وعوا دورها ، وإستوعبوا مكانتها ، وخلصوا إلى مخرجاتها ، فإنها هي التي تظهر في نهاية المطاف معالم الحق ، وتكشف لجاجة الباطل ، فإذا جاء ما ذكرنا من حق زهق ما إدعاه الآخرون من باطل .

* والذين يتصدون للحريات بالحجارة ، والألفاظ النابية ، والعبارات الهابطة ، ويتعدون على الكلمة الحرة ، بأساليب القهر ، والعنف ، لا يدركون بأن مثل هذه الأساليب تعود بنا إلى القهقري ، وتطعن في شرف أمة تحترم الرأي ، وتقدس الكلمة ، ولا تقابل الفكر إلا بالفكر ، والثقافة إلا بما يقابلها ، والعرف إلا بما يلزمه من تقليد ، ونسق يوجب الإتباع .

* وعندما تمارس الشعوب الحرية فإنها بهذه الممارسة تعلم الأجيال كيف يكون الصعود في المراقي ، والإرتفاع بالقيم ، والمعاني ، والتطلع نحو النهوض لا الإستسلام لما به حدثت الكبوات ، والسقطات .

* ولجان المقاومة التي أصبحت مصطلحاً فيما بعد التغيير الذي جرى في أبريل من العام 2019 كنا نود لها أن تكون مقاومة لمن يريد الكبت ، ومصداً لمن يتجه نحو الإنتقام ، وسيفاً مصلتاً ، نحو الذي يسعى نحو نشر الفتنة ، وسيادة ما يسمى شريعة الغاب .

* وأجيال الشباب التي توفرت على أيديها أدوات الوعي ، وأتيحت لها مواعين الثقافة ومحتوياتها ، من درر نفيسة ، وثمرات يانعة ، عليها أن تحافظ على قيمة الحرية برعايتها ، لا بهدم أركانها ، وأن تؤسس لهذه المدرسة جمعيات ، و منظمات وتدفع نحو تصميم مناهج تدرس في المدارس ، والجامعات من أجل تعميق مفهوم الحرية ، وهو ذلك المفهوم الذي يمثل القلب للأمة ، والشريان الدفاق لحياتها ، والأمل المنتظر لرقيها ، لأن ذلك هو الذي يضمن الكرامة للإنسان ، ويعلي من شأنه ، ويجعله مؤهلاً ، ومستحقاً لأمانة المسؤولية ، وواجبات الإستخلاف .

* والترقي الإجتماعي ، والسياسي ، يقوم عمادهما على إتاحة الحريات ، وتوسيع أطرها ، وأن أشد مثبطات التطور ، وفرملة درجته ، لا ينتج إلا عندما تصادر الحريات وتتبنى بعض المجموعات أفكاراً تدعي بأن صيغة الحرية لا تؤطر إلا بمنظارها ، وبالتالي تستخدم الآليات التي من شأنها أن تجعل المجتمع ، والدولة في صراع يفرد أجنحته للتنازع الأهلي، والحرب الضروس ، بين الفئات ، والشرائح ، وتلك هي القاضية التي طالما حذرنا منها وما نزال .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.