د.إسماعيل الحكيم يكتب : سيدي البرهان .. الشعب يريد إسقاط وثيقة قحط الغير دستورية
د.إسماعيل الحكيم يكتب :
سيدي البرهان .. الشعب يريد إسقاط وثيقة قحط الغير دستورية
اليوم سيدي الرئيس وحرب الكرامة في نهاياتها ، لم يعد هناك مجال للحديث عن شرعية منبثقة عن تلك الوثيقة المسلوبة الإرادة. فقد اختلطت الدماء الطاهرة الزكية على ثرى السودان ، وسطر الشعب بتضحياته تفويضًا شعبيًا حقيقيًا للقوات المسلحة بقيادتك ورئيساً لمجلس السيادة الانتقالي لإدارة البلاد وفق أسس تضمن السيادة والهوية وتحفظ الحقوق ، بعيدًا عن الإملاءات الأجنبية أو الأجندات التي تتناقض مع الإسلام .
وفي خضم معركة الكرامة التي يخوضها السودان جيشاً وشعباً ، تتبلور معالم مرحلة جديدة تُعيد صياغة المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد. ولعل أحد أهم معالم هذه المرحلة هو إلغاء الوثيقة الدستورية التي فرضتها قوى الحرية والتغيير (قحت) خلال فترة حكمها، والتي كانت بمثابة غطاء لتمكين مشروعها السياسي القائم على الاستبداد الفكري وإقصاء الهوية الإسلامية للأمة.
عندما صاغت قحت الوثيقة الدستورية، لم تكن غايتها تحقيق استقرار سياسي أو بناء دولة يسود فيها القانون ، بل كانت أداة لإحكام سيطرتها وإقصاء مكونات الشعب السوداني الأصيلة وإنتقاماً ، ولفرض نموذج سياسي واجتماعي مستورد يتناقض مع قيم الأمة السودانية وعقيدتها.
لقد مثلت الوثيقة انقلابًا ناعمًا على مبادئ الإسلام في التشريعات ، إذ ألغت النصوص التي تؤكد مرجعية الشريعة الإسلامية كدستور لكل مسلم ، وفتحت المجال واسعاً أمام أجندات خارجية تسعى لمسخ هوية السودان . كما استخدمت كذريعة لتمكين قلة من النخب المتحالفة مع الغرب ، بينما أُقصيت الغالبية العظمى من الشعب السوداني، الذي ظل متمسكًا بدينه وثوابته.
ومن نعم الله على أهل السودان .. حرب الكرامة هذه التي تعتبر تفويضاً لكم قبل تن تكون دعماً سياسياً ، بل هو امتداد لعقيدة شعب يرفض التبعية والذيلية ، ويريد أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول والأخير لتشريعاته . ففي الوقت الذي انهارت فيه قحت وتبعثر مشروعها العلماني، أثبتت الأحداث أن الشرعية الحقيقية تُكتسب من صمود الشعب وقوة عقيدته ، وليس من اتفاقيات مشبوهة ومواثيق لا تمثل الإرادة العامة.
ومنذ دخول الإسلام إلى السودان ، ظل القرآن وسنة النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه هما المصدر الأساس للتشريع ، والضامن الوحيد للعدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي. فالشريعة ليست مجرد نصوص قانونية ، بل منظومة متكاملة تحفظ الحقوق ، وتقيم العدل، وتضمن وحدة الأمة.
إن إلغاء الوثيقة الدستورية ليس مجرد خطوة إجرائية، بل هو تصحيح لمسار انحرف بعيدًا عن هوية السودان . وهو تأكيد على أن الإسلام ليس خيارًا سياسيًا قابلًا للأخذ والرد، بل هو عقيدة وهوية، يجب أن تكون الحاكم والمرجع لكل القوانين والسياسات.
إن التحدي اليوم سيدي الرئيس ليس فقط في إسقاط الوثيقة الدستورية، بل في بناء نظام سياسي يستمد شرعيته من إرادة الأمة ومتطلباتها ، ويضع الأسس لحكم رشيد قائم على الشورى والعدل، تحت مظلة الشريعة الإسلامية. وهذا يتطلب رؤية واضحة، وإرادة قوية، وإجماعًا وطنيًا يتجاوز الخلافات السياسية نحو هدف أسمى، وهو إعادة بناء السودان على أسس قويمة فلتكن سيدي الرئيس ثاني أثنين لا ثالث لهما في تحكيم الشريعة ريثما تستقر بلادنا على دستورها الدائم الذي يقيه من أطماع أعدائها ويحفظ لها بقاءها وكينونتها بحول الله وقوته ..
فلترحل قحت ومن والاها، ولتبقَ الشريعة الإسلامية دستور الأمة الذي لا يُستفتى عليه، ولا يُلغى بقرارات مؤقتة .