د. اسماعيل الحكيم يكتب: *ما وراء خطاب الفريق البرهان للقوي السياسية ..*
د. اسماعيل الحكيم يكتب:
*ما وراء خطاب الفريق البرهان للقوي السياسية ..*
تناول رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان،في خطابه يوم أمس 8 فبراير 2025 بمدينة بورتسودان أمام بعض القوي السياسية عدة نقاط مهمة أثارت تباينًا في ردود الأفعال . وسط الرأي العام السوداني، وما أريد التأكيد عليه ..أن ما أورده في هذه المساحة وجهة نظري ورأي الشخصي ، ومن أبرز ما جاء في الخطاب:
– الهجوم على الإسلاميين فقد وجّه البرهان انتقادات لحزب المؤتمر الوطني المحلول ، داعيًا إياه للابتعاد عن المزايدات السياسية، ومؤكدًا أنه لا فرصة لعودتهم إلى الحكم على حساب أشلاء السودانيين.
– العفو عن داعمي المليشيات كما أشار البرهان إلى إمكانية العفو عن القوى السياسية التي دعمت المليشيات ، بشرط تخليها عن هذا الدعم. هذا يُفهم كدعوة لإعادة النظر في التحالفات السياسية والتخلي عن دعم قوات الدعم السريع. وهذه من أكثر النقاط التي أثارت حفيظة الكثيرين ..ممن اغتصبت نساؤهم وأنتهكت حرماتهم ونهبت ممتلكاتهم فضلاً عن القتل والتشريد والحبس وغيرها من جرائم المليشيا التي لا تغتفر ..
– تشكيل حكومة تصريف أعمال فقد أعلن البرهان عن نيته تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة في الفترة المقبلة، قد تُسمى “حكومة تصريف أعمال” أو “حكومة حرب”، بهدف استكمال مهام الانتقال ومساعدة الدولة في إنهاء التمرد.
بالنظر إلى فحوى الخطاب ، فإنه حمل ابعاداً داخلية أبرزها أن البرهان يسعى من خلال هذا الخطاب إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي الداخلي. فبالرغم من أن الإسلاميين كانوا من أبرز داعمي الجيش في حرب الكرامة، إلا أن انتقاداته لهم تشير إلى رغبته في التأكيد على استقلالية الجيش وعدم انحيازه لأي تيار سياسي بعينه. كما أن دعوته للعفو عن داعمي المليشيات في حال تخليهم عن دعمها تهدف إلى تفكيك التحالفات المناوئة للجيش وتقوية الجبهة الداخلية.
وأما الأبعاد الخارجية قد يكون الخطاب محاولة لإظهار التزام القيادة السودانية بالتحول الديمقراطي وتشكيل حكومة كفاءات، مما قد يهدف إلى كسب دعم المجتمع الدولي . كما أن انتقاداته للإسلاميين قد تُفسر كمسعى لطمأنة الأطراف الخارجية التي تتحفظ على مشاركة الإسلاميين في الحكم.
وقد خلف الخطاب ردود فعل متباينة حيث أعرب بعض الإسلاميين عن غضبهم من انتقادات البرهان لحزب المؤتمر الوطني، معتبرين ذلك تنكّرًا لدعمهم السابق للجيش . وفي المقابل رأى آخرون أن الخطاب يحمل رسائل إيجابية نحو تشكيل حكومة كفاءات وطنية والعمل على توحيد الصف الداخلي.
بصفة عامة يعكس خطاب البرهان محاولة لتحقيق توازن دقيق بين مختلف القوى السياسية في السودان، مع مراعاة الضغوط الداخلية والخارجية، بهدف تحقيق الاستقرار والمضي قدمًا في مسار التحول الديمقراطي.