السفير.د.معاوية التوم *مقترحات للمئة ١٠٠ يوم الاولى لرئيس الوزراء الجديد د كامل ادريس !؟*
السفير.د.معاوية التوم
*مقترحات للمئة ١٠٠ يوم الاولى لرئيس الوزراء الجديد د كامل ادريس !؟*
يأتي قرار تسمية د كامل ادريس رئيسا للوزراء بالسودان مؤخرا وبصلاحيات كاملة، كخطوة مهمة ظل الكل ينادي بها وينتظرها. لبدء المرحلة الانتقالية الحقيقية ومداواة جراح الحرب وآثارها وتعقيداتها .. ولا خلاف البتة على القدرات والإمكانات الرفيعة للدكتور كامل وتجربته المهنية و العملية الثرية وعلاقاته الممتدة، وقبلها وطنيته وحرصه على بذل جهد لإنقاذ البلاد رغم الظروف الضاغطة التي تحيط بها. بل أن الترحيب الداخلي الذي وجده من كافة الأطراف ، والبيانات التي صدرت عن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والامم المتحدة ترحيبا بتعيينه، كلها مؤشرات موجبة ومطلوبة تصب وتحفز بأمل للانتقال الواثق والتقدم في معالجة الواقع الذي تمر به دولتنا وأمتنا. بل من البشريات الكبيرة أن مسارات الحرب آخذة في التراجع لصالح الجيش السوداني، وولاية الخرطوم اكتمل تحريرها الي جانب الجزيرة ، سنار ، النيل الأزرق، النيل الأبيض، والعزم ماض في إجلاء التمرد من بعض مناطق كردفان وولايات دارفور بعزيمة قومية ناهضة . و في ضوء التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يواجهها السودان، يُتوقع أن تركز خطة العمل في المئة يوم الأولى لرئيس الوزراء السوداني الجديد، الدكتور كامل إدريس، على مجموعة من الأولويات الحيوية التي تمهد الطريق لعودة المسار الحياتي لطبيعته واستكمال خطى التعافي الوطني وصولا لاستقرار البلاد واستشرافها لخطى المستقبل الواعد . وعليه ربما كان برنامج العمل المناسب والأولويات الملحة أمامه اجملها في هذه الركائز :
1. تثبيت الانتصار بطي صفحة الحرب وتعزيز أطر السلام.
يأتي على رأس الأولويات العمل على إنهاء التمرد وطي صفحة الحرب ، خاصة في الولايات التي ما تزال قيد العمليات و اجلاء المليشيا من المناطق المتأثرة، والعمل بتنسيق مع القوات المسلحة وتيار النصرة والمساندة الوطنية للجيش على استكمال مشهد النصر وتثبيته بما هو من خلال المضي في مبادرات الحوار الوطني الشامل باجندة وطنية مستبصرة مع جميع الأطراف، وتبقى منظومة القانون والقضاء الوطني هي السياج المنيع لحفز دولة القانون والمؤسسات، والمنصة الوطنية الحامية للحقوق والواجبات ، والحادية لمعالجة مخلفات الحرب وأطرافها، يعضدها اصطفاف السند الداخلي بغية تهيئة الأوضاع إلى حلول سياسية دائمة من افكار وارادة الشعب ومزاجه الجمعي.
2. تشكيل حكومة كفاءات مستقلة
من المهم جدا والمتوقع أن يسعى د. إدريس إلى تشكيل وإعلان حكومة انتقالية، تتألف من شخصيات وطنية مستقلة وكفؤة، بعيداً عن الانتماءات الحزبية في هذه المرحلة ، لتكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتحقيق الاستقرار السياسي، ومخاطبة الاحتياجات الملحة للمواطن. اكمال الجهاز التنفيذي هو الضمانة لتثبيت الاستقرار وتثوير الخدمة المدنية، واعادة ترتيب هياكل الوزارات والمؤسسات المدنية ومنظومة قوانينها ولوائحها ، والموازنة العاجلة للنصف المتبقي من العام الجاري
3. إطلاق خطة “وطنية واقعية” لإعادة الإعمار
سبق لدكتور إدريس أن طرح مبادرة لإعادة إعمار السودان، مستلهماً خطة “مارشال” الأوروبية، والتي تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتحفيز الاقتصاد الوطني وتفجير طاقاته من خلال مشاريع تنموية كبرى. وبالتالي لابد لإخضاع الرؤّى التي توافرت وستتوافر له الي الية وطنية عاجلة للخروج ببرنامج توافقي إسعافي ومتوسط ، يضع أسس وثوابت التاهيل والإعمار والتعمير لما دمرته الحرب، وفق الموارد المتاحة، والرجاءات المحتملة، والأولويات وفق مدى زمني منظور.
4. تحقيق العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد
من الضروري العمل على تعزيز سيادة القانون، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والفساد، من خلال إصلاح المؤسسات والنظام القضائي والعدلي. واكمال منظومته من رئاسة القضاء ومجلس القضاء العالي والنائب العام والمدعي العام والمحكمة الدستورية وتفعيل آليات العدالة الانتقالية والمفوضيات ذات الصلة. وحمايتها من أي تأثير سياسي لتنهض بواجبها لأن العدل اساس الحكم .
5. التحضير لمطلوبات الانتخابات العامة
ضمن خارطة الطريق نحو بناء الدولة المدنية وتعبيد الطريق نحو المسار الديمقراطي، يُتوقع أن تبدأ الحكومة في وضع الأسس العدلية والقانونية والإدارية لكل ما يتصل بقانون الانتخابات والاستفتاء والهيئات المعنية بها خلال الفترة انتقالية ، وتحديد السقف الزمني لها بمنظور يراعي أوضاع البلاد الحالية والوقت الذي أهدر عقب (الثورة) والحرب .
6. تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي
خلفت الحرب تمظهرات كثيرة ، ومع تفاقم الأزمات الإنسانية، بين الهجرة الداخلية واللجوء سيكون من الأولويات توفير المساعدات الأساسية للمتضررين، بحوافز معقولة تخاطب الجوانب الحياتية، الي جانب العمل على استقرار الاقتصاد برؤية إسعافية عقلانية تعالج التشوهات البارزة من خلال حزمة سياسات مالية ونقدية فعّالة ورقابة على الموارد وضبط الصرف العام . ومنح اولوية قصوى في المرحلة الاولي للصحة والتعليم والخدمات الاساسية.
7. استعادة العلاقات الدولية
بلا شك هنالك اثر بالغ على علاقات البلاد خلفته الحرب وأطرافها، وألحق اضرارا كبيرة وتشوهات بعلاقات السودان بحاجة الي ترميم عاجل.
وبناءً على خبرته الدبلوماسية، يُتوقع أن يسعى إدريس إلى إعادة بناء علاقات السودان مع المجتمع الاقليمي والدولي، على أسس عادلة تعطي الاولوية للحوار والمصالح بهدف جذب الدعم السياسي والاقتصادي اللازم لعملية الانتقال. وتنأى عن الاستجابة للأجندات الخارجية بتاثيراتها الماثلة في المشهد.
بتقديري، تُعد هذه الخطوات ضرورية لتحقيق مطلوبات الاستقرار العاجل والسلم والأمن المجتمعي، وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس مدنية حقة وديمقراطية تأخذ بموروث البلاد وتقاليدها وتستشرف الغايات التنموية استنادا الي موارد البلاد وكيفية العمل على استغلالها وتوجيهها ، وفق قيد زمنى يؤسس لتقييم توجهات الدولة مستقبلا.
———-
٢٢ مايو ٢٠٢٥م
