د محمد صالح الشيخابي يكتب.. *بطيخ النميري ..و انهيار الإقتصاد و الرياضة و السياسة .!!*
د محمد صالح الشيخابي يكتب..
*بطيخ النميري ..و انهيار الإقتصاد و الرياضة و السياسة .!!*
الشيوعيين محتفلين بي ذكرى ثورة مايو .. نحتفل معاهم .. المافي شنو؟
ببلاهة منقطعة النظير يحاول المايويون وهم يحتفلون بثورة مايو التي تمر هذه ذكراها المشؤومة هذه الأيام ، يحاولون تلميع النميري و هم يحتفلون بمنشورات مغرقة في السطحية و الجهل محاولين إبراز النميري في صورة الملاك المجنح .. منشورات من على شاكلة إن النميري مر على رجل يبيع البطيخ على الأرض و قد افترش الارض فأمر له بكشك خشبي .. و مر على صاحبة مقهى شعبي في طريق الشمالية تزود المسافرين بالماء و الوقود و المشروبات الساخنة فأمر بحفر بئر لها و إن الدولار في عهد النميري كان يعادل ثلث الجنيه السوداني هكذا و كانت الرغيفة بقرش أو قرشين… و ان النميري توفى و هو لا يملك منزلا و لا رصيدا في البنك ..الخ…
افترض المايويون في عموم الشعب السوداني العبط و السذاجة فحاولوا أن يغطوا على سوءات فترة حكم النميري و أنه السبب الرئيس في انهيار السودان في كل المجالات خاصة الإقتصاد الذي لم ينعاف َ بسببه حتى اليوم و في كل المجالات بما فيها الرياضة ..و سنثبت ذلك في هذا المقال مع انه تاريخ قريب لا يحتاج لإثبات ..
أولا قصة الرخاء النسبي سببها الرئيس هو أن ستين بالمائة من الميزانية العامة للدولة في عهد النميري كان يعتمد على المعونات و المنح الخارجية خاصة من الولايات المتحدة .. و ليس هذا هو السبب الوحيد لتدمير الإقتصاد السوداني كما سنفصل لاحقا ..
فقط سنبدأ بالرد على المنشورات البلهاء .. شنو يعني مات ما عندو بيت و عدمان التعريفة .. ما هو خلا السودان كلو عدمان التعريفة بسبب تدميره للاقتصاد بالضربة القاضية كما سنوضح.. بافتراض انه كان نظيف تقيا يخاف الله هذا لا يعني أنه مؤهل ليستلم حكم البلاد فإن تقواه لنفسه و ضعفه ضعف للأمة ..
وشنو يعني تذكر أنو منح كشك لأحد باعة البطيخ و الصحيح هو أن يستدعي وزير العمل و مدير مديرية الخرطوم و يوجه بمعالجة أوضاع *كل* الباعة المتجولين.. مع العلم بأن هذا البائع نفسه متضرر ايما ضرر من الضربة القاضية التي وجهها النميري للاقتصاد السوداني و التي لم يتعاف من آثارها حتى اليوم كما سنذكر في هذا المقال ..!!
هل هو انجاز أن يحفر بئرا لصاحبة قهوة أم أن الإنحاز هو أن يعبد الطريق من أم درمان إلى دنقلا .. ؟؟
لقد بدأ الانهيار الفعلي للاقتصاد السوداني عندما أصدر النميري قراره البليد *بتأميم الشركات الأجنبية الكبرى التي يقوم عليهاإقتصاد البلاد* دون أن يدري حتى ماذا تعني كلمة *تأميم*.. فقد طبخ له الشيوعيون هذا القرار .. و صوروا له أنه سيصبح بطلا قوميا للأمة العربية مثل جمال عبد الناصر الذي قام بتأميم قناة السويس مع أن حيثيات عبد الناصر كانت تختلف تماما فقد كان دخل قناة السويس يذهب لدول أجنبية محتلة ..
أما في السودان فقد كانت الشركات و البنوك مملوكة لأجانب و لكنها أموالهم و راس مالهم الذي نموه بجهدهم عبر السنين و هكذا تم تأميم هذه الشركات العملاقة في كل. المجالات الصادر و الوارد و البنوك و التأمين و المعادن و المصانع و غيرها و منحها للحكومة السودانية و تعيين موظفين سودانيين و ملكوهم بيوت الخواجات و سياراتهم مما أدى لفشل معظم هذه المؤسسات الشركات و اغلاقها بعد عام أو عامين و هي الشركات التي كان يقوم عليها الإقتصاد السوداني نذكر منها شركة سودان ماركانتايل و شركة جلاتلي هانكينج وبنك باركليز (24 فرعاً) (أطلق عليه بعد التأميم اسم بنك الدولة للتجارة الخارجية).
بنك مصر ( 6 فروع) (وأطلق عليه بعد التأميم بنك الشعب التعاوني).
بنك ناشونال اند جرند ليز (البنك العثماني سابقاً) (4 فروع) وأطلق عليه بعد التأميم بنك أم درمان الوطني.
البنك العربي ( 3 فروع) (تم تحويل اسمه بعد التأميم إلى بنك البحر الأحمر)
البنك التجاري الإثيوبي (فرع واحد في مدينة جوبا) (تم تحويل اسمه بعد التأميم إلى بنك جوبا)
البنك التجاري السوداني (احتفظ بنفس الاسم)
بنك النيلين (احتفظ بنفس الاسم)
اضافة إلى أربع شركات بريطانية هي:
شركة جلاتلي هانكينج (أطلق عليها مؤسسة مايو التجارية للعاملين)
شركة سودان ماركنتايل و شركة كوتس (أدمجتا في مؤسسة الدولة للتجارة الخارجية)
شركة الصناعات الكيماوية (أطلق عليها الشركة الوطنية للكيماويات).
و هكذا كان القرار الكارثة الاقتصادية التي انتهت بالمجاعة الشهيرة عام 1983 و كان تلفزيون السودان يوميا يعرض صور المواطنين في أرياف السودان و هم يحفرون جحور النمل بحثا عن حبوب الذرة المخزنة فيها مع موسيقى حزينة مكتوب تحتها *(( نداء السودان ))* و انهمرت المساعدات من دول الخليج و السعودية و من يومها و السودان يتسول بعد هذه الضربة القاضية التي لم تخرج من جسد الاقتصاد السوداني حتى اليوم..
كذلك تم تأميم شركة البص السريع و شركة بيطار الهندسية التي تم إرجاعها فيما بعد عندما توسط بعض رجال المال و الأعمال الوطنيين مثل الشيخ مصطفى الأمين و اولاده و عائلة النفيدي و عائلة البرير فاعاد النميري شركة بيطار و لكن بعد فوات الاوان فقد انهار الإقتصاد و هرب التجار و هاجر رأس المال الأجنبي من البلاد و احجم الباقين عن الإستثمار في السودان مرة أخرى و تولى الشركات التي تم تأميمها موظفون سودانيون عاثوا فيها فساد و نهبا و تخريبا..
و على مستوى الرياضة إنهزم فريق المريخ الذي يشجعه النميري أمام الهلال مرتين و فاز الهلال بكأس الذهب مرتين بأهداف رائعة من اقدام اللاعب الفذ على قاقرين و كان هناك هتاف شهير يلقنه المايويون لاطفال المدارس حيث يهتفون *(( أبوكم مين .. نمييييري ..رئيسكم مين .. نميييييري ))* فقامت جماهير الهلال بمداعبة الرئيس و تحويل الهتاف في لحظة تتويج الهلال بكاس الذهب الثاني هتفت الجماهير على مسمع من النميري كان الإستاد كله يهتف : *(( رئيسكم مين .. على قاقرين ..( أبوكم مين .. علي قاقرين ..))*
لم يتحمل النميري هزيمة فريقه المفضل مرتين على التوالي و فوز الهلال بكأس الذهب مرتين و لم يتحمل مناكفات جماهير الهلال فقام بإصدار قرار الرياضة الجماهيرية البليد الذي يقضي بحل جميع الفرق و الأندية الرياضية و استبدالها بفرق للمناطق و المدن و الوحدات مما أدي لهجرة معظم اللاعبين و المدربين و الحكام و الإداريين الكفاءات الرياضية في مجال الطب الرياضي و غيرها للخليج و مصر وما زالوا بها حتى اليوم و من يومها لم تتعافى الرياضة في السودان حتى تاريخ اليوم ..
و هكذا كما نرى دمر النميري الرياضة و الإقتصاد السياسة بجرة قلم ..هذا بخلاف دكتاتوريته و بطشه بالمعارضين ، قام بضرب الجزيرة ابا بالطيران الحربي للمواطنين العزل في أول إبادة جماعية للمدنيين و لم توجد منظمات حقوق الإنسان وقتها و نفذ مجزرة مسجد ود نوباوي الشهيرة و اقتحم نائبه ابو القاسم محمد ابراهيم جامعة الخرطوم بالدبابات و هتف له الطلاب الشيوعيون الهتاف الشهير (( أضرب أضرب يا ابو القاسم .. بالحسم الثوري يا أبو القاسم .. )) كما اعدم النميري المنقلبين عليه من المدنيين و العسكريين دون محاكمة منهم هاشم العطا و عبد الخالق محجوب و عشرات غيرهم هذا فضلا عن أنه أتى بانقلاب عسكري و هو الذي يقال عنه انه كان يحرز المركز الأخير في الامتحانات في مدرسة حنتوب الثانوية و منها انبثق هتاف الطلاب الشهير في التظاهرات .. *((نحن الطلبة سلاحنا الطوب لن يحكمنا طيش حنتوب))* نعم لقد كان يقال وقتها أن النميري صاحب المركز الأخير في الدراسة و هذه فقط تكفي لإبعاده عن أي منصب و مسؤولية و لكنه حكم بقوة السلاح… نواصل إن شاءالله..
*د/ محمدالشيخابي..*
*٢٥ مايو٢٠٢٥*