منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*✍️ أحمد المفضّل* بقلم: عوض الله نواي 

0

*✍️ أحمد المفضّل*

بقلم: عوض الله نواي

لمن شاء ولمن أبى، فإن الفريق أحمد إبراهيم المفضّل لم يأتِ إلى جهاز المخابرات العامة ليجلس على كرسي شاغر… بل جاء ليعيد الروح إلى جسد كاد يُدفن حيًّا. هو ليس مجرد مدير… هو الجهاز ذاته: نبضه، صمته، صرامته، وذاكرته.
– في عهده شمخ الجهاز، واستقامت قامته، وانتظم صفّه… لا بالسوط ولا بالبطش، بل بالمهنية والانضباط والهيبة. صار العدو قبل الحليف يهمس في مجالسه: “عاد الجهاز”… ذلك الذي كنا نظنه قد مات.

لكن لنعُد قليلاً إلى الوراء…

– حين اندلعت الثورة، لم يكن أول من دُفع به إلى المذبح مسؤولًا حزبيًا، ولا أحد رموز الفساد… بل كان “الجهاز” نفسه. حُوصر، نُزع سلاحه، وشُرّدت كوادره، ثم طُرد من جسد الدولة كما يُستأصل العضو المناعي… لا لذنب اقترفه، بل لأنه لم يكن على هوى النشطاء.

– سُمّيت تلك المعركة يومها بـ”تفكيك التمكين”، لكنها كانت تفكيكًا لما تبقّى من قدرة الدولة على حماية ذاتها. استُبدل العسس بالمستشارين، والضباط بالمحاضرين، وغُيّبت الخرائط لتحلّ محلها عروض الباوربوينت والورش.

ثم اندلعت الحرب.

– في لحظة فارقة، لم يجد الوطن من يحرس حدوده، ولا من يرصد تحركات الخطر، ولا من يقرأ الخريطة التي احترقت أمام الجميع. فقد طُمست أعين الدولة، وسُكّنت آذانها، وقُطعت شرايين أمنها تحت لافتات براقة من الخارج، جوفاء من الداخل.

حينها فقط، تذكّروا الجهاز…

– لكنهم لم يعتذروا، لم يعترفوا، بل عادوا إليه خلسة… طلبوا عونه بعد أن غرق القادة، وانهارت السرديات، وتحولت المنصات الثورية إلى ركام رقمي. عادوا إلى من أهانوه، وطلبوا منه أن “ينقذ ما يمكن إنقاذه”!

– أيُعقل أن تطلب من من سلخته بالأمس أن يحرسك اليوم؟
كيف تنتظر من الذئب أن يحمي الغنم، وأنت من كسرت عصا الراعي؟

– ورغم ذلك، نهض الرجل.
لم يساوم، لم يصرخ، لم يبتزّ. بل رصّ صفوف رجاله، أعاد الهيبة لمؤسسته، وبثّ فيها الحِسّ المهني والسيادي، لا الحزبي ولا العقائدي.

– إن إعادة الاعتبار لجهاز المخابرات ليست ترفًا، ولا مِنّة من أحد، بل هي شرط وجود.
فلا وطن يحيا بعين مغمضة، ولا سيادة تُحمى بتغريدات، ولا أمن يُصان بأجندات المنظمات الممولة.

كل أمةٍ سقطت… كان أول ما خسرته جهاز أمنها.
وكل دولةٍ نهضت… بدأ نهوضها من عينها.

واليوم… في هذا الخراب العميم، يقف أحمد المفضّل كآخر الحصون.
لا لأنه معصوم… بل لأنه ظل صامدًا، حين تهاوى الجميع.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.