منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

نقطة سطر جديد  د. حيدر البدري.. يكتب :  *في نقطة سطر جديد… الى متى هذا الهوان؟* 

0

نقطة سطر جديد

 

د. حيدر البدري.. يكتب :

 

*في نقطة سطر جديد… الى متى هذا الهوان؟*



احيانا ترمي بك الاقدار وتسوقك لمكان لتشاهد وتسمع بنفسك ما لا يرضيك ولا يسرك. فيجلب لك ذلك حرقة في القلب وتانيباً في الضمير.
وتروح تتسائل الا يكفي هذا الشعب مابه من جراحات.؟.
الى متى نعيش حياةً مشوهة ونضَّيق على بعضنا البعض سبل الحياة الكريمة الواسعة..؟؟
من ذلك، فقد رمت بي الايام في مستنقع المعاشات…
فقد ذهبت مع أحد الآباء لصرف معاشه الشهري من بنك الاسرة بأمدرمان.
خرجنا كما اراد بعيد صلاة الصبح للتسجيل في وريقة مع احد الشيوخ يكتب فبها بيده المرتجفة اسماء كبار السن الذين يتقاطرون بالعشرات الى المكان.
ومع خيوط الصباج الباكر امتلأ الشارع عن آخره بالاجساد المنهكة والخطاوي الرتيبة العاجزة.
سالت احدهم.: متى يبدا العمل؟!. قال بصوت خافت ضعيف.:عند الثامنة.
وجاءت الثامنة والثامنة والنصف و…
انفتح الباب ليتدافع الشيوخ والنساء العواجز في مشهد مؤلم بائس..
ولكي تزداد محنة هؤلاء فإن مكان الاجراءات في الدور الثاني والذي عليهم بلوغه بالسلم يتوكأون على عكازاتهم المهترأة.. تلحقهم انفاسهم المتقطعة المتهدجة.
وصلنا بعد جهد.
الى صالة ضيقة بائسة لا تتسع لعشرين شخصا بالكاد…
والسيل العرمرم من هؤلاء المساكين يتضاغط، فهم قرابة المئة نفس.
بحثت لموطأ قدم للرجل الذي معي لاحظت حولي كنبة واحدة تتسع لاربعة اشخاص واخرى صغيرة لثلاث أشخاص… ماذا تفعل هذه الكنبات لهذا العدد الصخم من الاجساد المنهكة.؟.
ثم بدات المعاناة..
عليك الإتكاء على عكازتك في صف ملتوي متفرق لمدة ساعة… ساعتين.! ثلاث ساعات… والله الموفق.
شيخ كبير يكاد يسقط مغشيا عليه وهو شبه اعمى يتكئ على كل من يقربه.. راح يتمتم عاجزا : انه اتى من جبل اولياء بمبلغ 15 الف ج.. وسيعود بنفس المبلغ.. وجملة معاشه 42 الف ج…
اي سيتبقى له بعد هذا العناء مبلغ 12 الف ج… و…و..
يا حاج.. انت تجي بكره.. او ياحاج انت تمشي الحاج يوسف لان…
وهكذا..
هذا الامر دفعني ان اسأل مرافقي : هو انت معاشك كم.؟.
قال : 38 الف ج.
ورحت احسبها.. جئنا من… وركبنا ب… والركشة كانت ب.. والفطور لان الساعة قاربت الواحدة.. وجدتها 24 الف ج بالتمام والكمال.
اي أكثر من ثلاث أرباع مبلغ المسكين هذا.. وقلت في نفسي.. ليتني اعطيته المبلغ بدلا من هذا العذاب.
و…
جاء الخبر : التصديق سيتم بعد ساعتين من بورتسودان.
هنا لم استطع الاحتمال.. ذهبت الى الموظفة الوحيدة التي تختم المبالغ لهذا الجيش من المساكين.
وسالتها :
بدل هذا العذاب والاجراءات البيروقراطية.. اما كان اجدى تحويل المبالغ لهؤلاء في بنكك؟.
ثم الا يستطيع بنك الاسرة هذا عمل تطبيق خاص به لتحويل هذه المبالغ التافهة لآبائنا وهم معززين مكرمين في منازلهم؟ غير انها نظرت الىَّ شذرا.. فهي مشغولة.
لماذا لا نتعلم من هذه الحرب.
لماذا لا نرحم بعضنا البعض.
لماذا نعسر امورنا ولا نيسرها.
هذه الدولة بها اعوجاج كثير يحتاج الى تقويم.
نقطة سطر جديد.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.