منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

“إعمار” شعبي مؤجل للخرطوم بانتظار انتهاء الحرب

0

السودانيون يطلقون مبادرة لإعادة العاصمة سيرتها الأولى عبر إزالة الأنقاض وتشجير الشوارع

يعزف متطوعون لحن الأمل للعودة إلى الخرطوم والترتيب لمرحلة ما بعد توقف الحرب مباشرة في السودان، وذلك عبر مبادرة “إعمار” التي تستهدف إزالة الأنقاض التي خلفها حجم الدمار في البنى التحتية إلى جانب عمليات إصحاح للبيئة وتشجير الشوارع وإنارتها، فضلاً عن ترميم بعض المنازل وتنفيذ حملة رش وردم البؤر التي يتكاثر فيها البعوض.

وتتوق الأسر السودانية التي فرت من المدن الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري بسبب اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في 15 أبريل (نيسان) الماضي، للعودة إلى منازلها عقب توقف المعارك التي يتمنونها بأسرع وقت ممكن لكونهم ضاقوا ذرعاً بالأوضاع التي يعيشونها في أماكن نزوحهم سواء في داخل البلاد أو خارجها.

مشاريع نوعية

طرح المتطوعون مشاريع مجانية عدة لتنفيذها في فترة ما بعد الحرب، وتكفلت المتطوعة والحقوقية سوهندا عبد الوهاب بإنارة وتشجير ونظافة شوارع مدينة أم درمان من منطقة شارع الوادي وحتى الثورات، وبدورها أعلنت الشاعرة الطبيبة نضال حسن الحاج إعادة ترميم 100 منزل من بيوت الأرامل المتضررة من الحرب في محليتي شرق النيل وأم بدة.

والتزمت المتطوعة مهاد عصام ميمي مشروعات حملات رش وردم البؤر التي يتكاثر فيها البعوض إلى جانب إنارة وتشجير ونظافة حارات منطقة أمبدة في مدينة أم درمان، وتكفل مهندسون بإعادة إعمار 50 من منازل الفقراء التي تعرضت للهدم، كما تعهد فنيو الكهرباء بصيانة الخطوط في مدن الخرطوم الثلاث.

وبالتزامن مع انطلاق المبادرة، شرع عدد من شباب وأهالي حي الامتداد وبعض الأحياء المجاورة الآمنة في عمليات إصحاح البيئة منذ ثلاثة أيام، وتأتي الخطوة من أجل مكافحة البعوض ومحاربة الملاريا، بدورهم نشط أهالي منطقة شرق النيل في تنفيذ حملة مماثلة خصوصاً بعد تفشي وباء الكوليرا.

هم وطني

اعتبر عضو المبادرة عبد الكريم الكباشي أن “فكرة هاشتاق تحدي الإعمار جاءت من منظور اجتماعي وواجب وطني بسبب الحرب والدمار الذي لحق بولاية الخرطوم منذ اندلاع الصراع المسلح، إذ تعرضت البنى التحتية والمنازل والمقار والشوارع إلى أضرار بالغة جراء القصف المدفعي، بالتالي تحتاج لمشاريع تأهيل جديدة حتى تعود العاصمة إلى سابق عهدها”.

وأضاف الكباشي أن “عدداً من المتطوعين ونجوم المجتمع تداعوا لتبني الفكرة وتطويرها عقب توقف الحرب لتصبح مبادرة تشمل عمليات التشجير والترميم وإنارة الطرق الرئيسة والشوارع الفرعية، فضلاً عن حملات لإصحاح البيئة والنظافة، إضافة إلى ترميم عدد من منازل الأرامل المتضررة”.

وتابع المتحدث “وجدت المبادرة تفاعلاً وقبولاً كبيراً من المتابعين خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي داخل وخارج السودان، وتعهد عدد من الشباب بالمشاركة في تعمير المناطق المتأثرة في الخرطوم، وأعلن مهندسون وفنيو كهرباء ومتخصصون في مجال التشجير والبيئة الإسهام في العمل وتقديم المعينات اللازمة، وتكفل المتطوع أحمد نصر الدين بإنارة وتشجير ونظافة منطقة شرق النيل”.

ويرى عضو المبادرة أن “تسابق الشاعرتين سوهندا عبد الوهاب ونضال حسن الحاج والمتطوعة مهاد عصام ميمي في تبني أهم مشاريع المبادرة أمر غير مستغرب نظراً لما قدمنه من أعمال خيرية ومشروعات عدة خلال السنوات الماضية”.

أدوار فاعلة

من جانبه أشاد المواطن خالد فضل بالقائمين على أمر المبادرة والمشاريع التي تم طرحها، لافتاً إلى أن “الخطوات وحال تنفيذها بعد توقف الحرب تسهم في إعادة الإعمار وحلحلة كثير من المشكلات المتعلقة بالبيئة وإنارة الشوارع وإزالة المخلفات ومساعدة الفقراء والقيام بعمل فاعل يشير إلى دور السودانيين عبر التاريخ في إرساء قيم التكافل الاجتماعي والتطوع بخاصة في أزمات الحروب والكوارث”.

وأشار فضل إلى أن “كثيراً من الأماكن التي تم استهدافها خلال الصراع المسلح أوجعت قلبي، لأنني عشت أجمل ذكرياتي في الخرطوم، لم أستوعب التدمير الممنهج للمقار والدوائر الحكومية ومنازل المواطنين ومظهر أرض النيلين، لهذا كان لا بد من تفعيل مبادرات من أجل تعميرها من جديد”.
وواصل فضل “طوال أيام الحرب كنت أسأل نفسي هل ستعود الأماكن التي دمرت مرة أخرى؟ كيف سنرى العاصمة بعد توقف القتال بهذا الشكل؟، ولكن بعد هذه المبادرة عادت قوتي من جديد عندما تابعت التفاعل الكبير لعدد من الشباب مع الخطوة والتأكيد على المشاركة بالجهد والمال لإعادة الخرطوم سيرتها الأولى”.

دعم وتشجيع

يشير المتخصص في مجال الكوارث والبيئة الفاضل الطاهر إلى أن “التحدي الأهم الذي ينبغي وضعه في الاعتبار من قبل أصحاب المبادرة الوضع البيئي وضرورة بذل جهود مضاعفة لمعالجة الأزمة لأن معظم أحياء العاصمة تئن من تراكم النفايات وأطنان القمامة، بالتالي يجب أن تكون الأولوية لإصحاح البيئة تفادياً لنشر الأمراض”.

وشدد الطاهر على تشجيع مثل هذه المبادرات ودعم القائمين على أمرها، ودعا منظمات المجتمع المدني إلى وضع خطط مماثلة في إطار الجهود لإعادة إعمار الخرطوم نظراً لحجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل والطرقات الرئيسة”.

ولفت المتخصص في مجال الكوارث إلى أهمية التشجير والإنارة لإضافة جماليات جديدة تسهم في التغطية على آثار الخراب وتعكس جوانب مشرقة حتى يفلح الأطفال في التعايش مع الواقع الجديد بعيداً من مشاهد العنف”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.