منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

دكتور أسامة محمد عثمان حمد يكتب : صناعة الوهم وعبادة الصنم

0

الوهم هو اضطراب عام في التفكير ويتسم باعتقاد ثابت خاطئ لا يتزعزع حتى لو اعتقد الاخرون من حوله خلاف ذلك أو برزت له أدلة دامغة تنفي ذلك.
صناعة الوهم هي إحدى أهم وسائل السياسيين الذي يفشلون في تقديم منجز لمجتمعاتهم، ولذلك هم يحشّدون كلّ قدراتهم وإمكانياتهم في الترويج لنظريات المؤامرة، التي تستهدفهم أو تستهدف جمهورهم كوسيلة لِلهروب مِن الاعتراف بالفشل .
الوهم هو حالة من التغبيش المتعمد مقصودة لذاتها يسعى طرف بعينه مع سبق الاصرار والترصد لكي يصنعها بين مجموعة من الأفراد ليتمكن بها من السيطرة الكلية على مشاعرهم وتحريكهم لخدمة أهدافه بعضهم يعي ويدرك تماما ما يفعل و آخرون يؤدون ماهو مطلوب منهم دون وعي وادارك منهم بما يفعلون…
أولى هذه الاستراتيجيات التي تستخدم في هذه الصناعة هي تضليل الوجدان بصناعة أحداث تؤثر على مشاعر المستهدفين ومن ثم السيطرة عليهم وتوجيه قدراتهم نحو الخصوم.
ثاني هذه الاستراتيجيات الخطاب الاعلامي الموجه الذي يركز على تبخيس نجاحات الآخرين وابراز اخفاقاتهم وهنا تكون عملية استغلال الغبن السياسي هي أساس التركيز
ثالث هذه الاستراتيجيات الشائعات و نشرها على أوسع نطاق بقدر الإمكان لان انتشار الشائعة امر في غاية التأثير وإن تم تكذيبها بعد ذلك فيكون تأثيرها قد سرى بين العالمين.
يقول المؤرّخ وعالِـمُ الاجتماع الفرنسي “غوستاف لوبون” (ت: 1931) في كتابه روح الاجتماع: إنَّ بَثّ أفكار في عقول ونفوس الجماعات يجري بثلاثِ طرق رئيسة:
التوكيد متى ما كان تفكير الجماعات بسيطاً وخالياً من التعقّل والدليل فإنَّ أهم عوامل التأثير فيه هو التوكيد على فكرة معينة فالتوكيد له قيمة يعرفها أهل السياسة الذين يريدون الدفاع عن عملٍ سياسي.
التكرار له تأثير كبير في عقول المستنيرين والسبب في ذلك كون المكرر ينطبع في تجاويف الملكات اللاشعورية التي تختمر فيها أسباب أفعال الإنسان.
العدوى هي الأصل في انتشار أفكار الجماعات ومعتقداتها لا الحجج والبراهين.
إذا كانت هذه الطرق الثلاث تتم في عهد غوستاف لوبون بطرقٍ تقليدية وتحتاج إلى كثير مِن الزمن لترسيخها في أذهان المجتمعات، فإنها أصبحت سهلة جداً في عالمٍ تسيطر عليه منصّات إعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي القادرة على تسويق الوهم باعتباره حقيقة مطلقة ، وتحشيد الجمهور حولها.
وعندما نصدق هذا الوهم المصنوع من صانعيه هنا تحدث عملية الاستيلاب الفكري ومن ثم تتم السيطرة التامة على المستهدفين بتحريكهم نحو تحقيق الأهداف و التحكم التام فيهم حتى أن بعضهم لا يشعر بما يقوم به من أفعال.
وفي هذا الوسط نصنع أصنامنا التي “تقودنا” نحو مصيرنا المحتوم فإحزروا صانعي الوهم حتى لا يصبحوا اصناما تعبدونهم فتنقادوا معهم الي الهلاك…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.