منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

نار ونور د.ربيع عبدالعاطى عبيد يكتب : المصالح وتقاطعاتها

0

نار ونور
د.ربيع عبدالعاطى عبيد يكتب :

المصالح وتقاطعاتها

 

 

* لا تتطلب نظرية العلاقات الدولية ، أن تُرسى قواعد التعاون بين دولتين بشروط مفادها أن تكون كل دولة تنطبق معاييرها على الدولة الأخرى بل قد نجد بأن هناك دولة تقيم علاقات مع إسرائيل ، والأخرى إقامة علاقات مع دولة الكيان الصهيوني من المحرمات عليها .

* فالولايات المتحدة الأمريكية ، تلك الدولة العظمى ، التي إنفردت خلال العقدين الماضيين بالقيادة ، وتوجيه أشرعة السياسة الدولية حلال عليها أن تتعامل مع إسرائيل ومع روسيا ، وتلعب أدواراً يراها المرء متناقضة ، في الوقت الذي فيه بأن مثل هذه الأدوار لا يحق أن تمارسها دولة أخرى ، وإن فعلت لوقعت عليها العقوبات ، ولفرض عليها الحصار إن لم تلاحقها الضربات الجوية ، وتقضي على بنيتها الأساسية الصواريخ العابرة ، بمثل تلك التي وجهت نحو مصنع الشفاء للدواء بحجج واهية ، ومبررات لا سند لها على أرض الواقع .

* والمصالح الدولية أصبحت تقاس بنفس تلك الدرجات التي تتسم بها الدولة المراد إقامة علاقات معها ، فإذا كانت القوة المادية في صف دولة ، فيمتنع على الدولة الأخرى أن تباشر تعاملاً مع دولة أخرى ، إن لم يؤذن لها ، أو تتم الموافقة بإعطائها الضوء الأخضر .

* وفي عالمنا العربي والإسلامي ، نجد أمثلة تنطبق عليها هذه الحالات ، بالرغم من القدرات التي تتمتع بها مثل تلك الدول حيث لا تشفع لها إمكاناتها المادية ، ولا مواردها المعدنية ، أو النفطية ، فهى مقيدة في إنشاء علاقاتها ، خاصة إذا كان الإرتباط بينها وبين الولايات المتحدة ، إرتباطاً تلزم به إتفاقيات سرية ، أو جوانب حماية عسكرية ، أو غير ذلك من الأساليب التي تتبعها الولايات المتحدة بإبقاء دول تحت إمرتها في شكل إستعمار شبيه بإستخدامات الريموت الكنترول للأجهزة الحديثة ، إذ أصبحت الكثير من الدول لا يحق لها التصرف في أموالها ولا في تحديد علاقاتها إلا إذا كان السيد الأكبر والمتصرف هو من يملك القوة المادية ، والتقانة العسكرية ، وإمكانية توجيه الضربات الجوية والبحرية .

* ولقد ظننا ، أو على الأقل ظن الطيبون منا بأن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان ، سيتيح فرصة لإرساء علاقات ، وفتح نوافذ للتحويلات المالية من دول خضعت لتعليمات الولايات المتحدة الأمريكية أثناء فترة العقوبات ، ولكن فيما يبدو ، بأن ذات الدول ليس بمقدورها أن تفتح نافذة قد أغلقتها أمريكا إلا إذ فتحتها بنفسها بتعليمات صريحة ، وأوامر غير قابلة للإعتراض .

* والمصالح في زماننا هذا ، يغلب عليها التقاطع ، وقد تتصف بالتماثل ، ففي الحالة الثانية لا تستطيع دولة ضعيفة أن تستقل بإرادتها لتقرير مصالحها ، إذا كانت ذنباً ، أو إمعة بالدوران حول فلك معين ، وهنا ينتفي الإستقلال ، وتفقد الدولة ، أرادتها وتنتقص سيادتها ، وبالتالي هى تابعٌ لمتبوع ، وعميلٌ لمستعمر ، وعبدٌ لسيدٍ .

* أما الحالة الأولى ، فللدولة المستقلة بإرادتها والمحافظة على سيادتها أن تنشئ علاقاتها وتقرر مصالحها كيفما أرادت حتى ولو كانت هناك تقاطعات ، والعنصر الرئيس في هذه الحالة هو عنصر القوة القائم على المبادئ ، والسيادة التي تستعصي على أى نوع من أنواع الإختراق .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.