منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

النيل مكي قنديل يكتب :  قصة قصيرة : ( مابعد الانتظار …) 

0

النيل مكي قنديل يكتب :

 

قصة قصيرة :

( مابعد الانتظار …)

..كان ينتظرها على رصيف الأزمنة متكئا على عصاه…. عمره الذي تسرب من بين أصابع الحيرة حينا والاندهاش احيانا كثيرة حتى أضحى من كثرة جلوسه على مقعد الحديقة وهو في انتظارها لاينظر إلى ساعته على معصمه اليسار ورواد الحديقة يمرون من أمامه بإعداد كبيرة وهو لايعبأ بهم …هم في نظره مجرد أشياء تتحرك هنا وهناك تنظر اليه متفرسة وآخرين ربما يقرأون ملامح وجهه التي خط عليها الزمان خطوط بارزة من التعب ..

 

لمحته إمرأة ذات وجه بيضاوي وعينين تبرقان اهتماما به ..

اتجهت نحوه بجدية ..

انتبه إليها للتو ..

إعتدل في جلسته وعدل قليلا لياقة قميصه …

إقتربت منه بابتسامة تشع من وجهها الصبوح ..بادلها الإبتسامة لحظتها وهو في قرارة نفسه يتساءل ..لماذا أرحب بها وأنا لا أعرفها ..اقتربت أكثر منه ..نظرت في وجهه جيدا ..وبسرعة تغيرت ملامح وجهها كأنها أصيبت بخيبة أمل..وهو لاحظ ذلك فأشاح بوجهه بعيدا عنها قليلا ..تأمل ملامحها من جديد مبحرا في تفاصيل وجهها …ركزت نظراتها فيه من جديد باحساس مغاير ..وهي تسترجع ذاكرتها الأولى …تحاور نفسها …إنه أمجد لاشك ..نفس ملامحه لم يتغير منه شيئ ..وأين كان طوال هذه المدة وقد خرج منا منذ سنوات بعيدة لا أذكرها وإنقطع التواصل بيننا كل هذا الزمن ..إعتراه شيئ من الخوف مما خلخل تماسكه قليلا لايدري لماذا …هتفت كأنها تصرخ وأغلب رواد الحديقة اثارهم هذا الصراخ المفاجئ…

_ أمجد …أمجد

وقد إغرورق وجهها بالدموع وهي تحتضنه بحب ..

..التفت إليها..

_ نعم أنا أمجد …ولكن من أنت …؟؟؟

..وبكت من جديد في انتحاب لدرجة التشنج ..

_ أنا صفية …

..نظر إليها في إستغراب

_ لا أعرف إمرأة بهذا الإسم للأسف ولكن ملامح وجهك تلك ليست غريبة عني والله

_ أنا خطيبتك صفية بنت عمك التي اختفيت عنها لأكثر من أربعين سنة كاملة …

_ لا لا لا أتذكر بأني اعرف إمرأة بهذا الإسم ..

..كانت الصدمة لها عنيفة وقد هزتها من الأعماق الا انها تماسكت قليلا واخرجت هاتفها من حقيبتها لتتصل بأخيه محمد تخبره بأنها التقت بأمجد المختفي عنهم زمنا طويلا ..

كان ينظر فيها مسترجعا تلك السنوات التي قضاها بعيدا عن أهله …ولكنه لا يذكر شيئا لا الأهل ولا الأقارب أو الأصدقاء إذ اضحت ذاكرته معطله عن تواريخه القديمه

وما هي إلا دقائق معدودات الا خف أغلب اهله إلى المكان الذي يجلس فيه على تلك الحديقة ..إقتربوا منه وهم مابين الفرح والتأثر لحاله …صرخت امه في وجهه وهي تحتضنه بدفء

_ أمجد ولدي …آخ يا أمجد مختفي مننا كل هذا الزمن ..لماذا ..حرقت قلبي يا امجد انا مت مئات المرات بغيابك عنا ده والله الى أن اصبحت مريضة لدرجة الاشفاق علي

..وارتمت اخواته الاربعه عليه وهن يبكين بحرقة

وأخوانه الثلاثة يصيحون فيه

_ ليه يا أمجد تختفي عننا الزمن ده كلو وانت اخونا الكبير رجل البيت بعد وفاة والدنا

..نظر فيهم مندهشا ودمعتان سالت من عينيه ووجهه الذي ظهرت عليه علامات الشيخوخة وهو في حيرة من أمره كيف يتصرف معهم ..تأثر لهم كثيرا لما رأهم يبكون على صدره ..وفجأة انطلق صوته المجروح

_ أنا للأسف لا أتذكر أن لي أهل في هذه الحياة أبدا و لا أعرفكم أبدا والله …فقط انا انتظر صفية يوميا على هذا المكان بتلك الحديقة علها تأتيني اليوم أو غدا …

 

 

..قنديل …

..القضارف / في 10 / يناير / 2025

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.