منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. اسماعيل الحكيم يكتب:  *النصرُ ليس في ساحة القتال وحدها ..* 

0

د. اسماعيل الحكيم يكتب:

*النصرُ ليس في ساحة القتال وحدها ..*


النصرُ من عند الله، وليس من عددٍ ولا عُدّة، ولا من بأسٍ شديد ، ولكنَّه وعدٌ إلهيٌّ لعباده المؤمنين، الذين يمضون في ساحات الجهاد وقلوبهم متعلقةٌ بالله ، لا تغترُّ بانتصاراتهم، ولا تذلُّ لهزائمهم، بل يوقنون أن الفتح ليس بالسيوف وحدها، وإنما بالطاعة ، والتقوى، والتوبة الصادقة.
لقد حقق الجيش السوداني بالأمس انتصارات عظيمة في قلب الخرطوم ، داحرًا الميليشيا المتمردة، وثابتًا على الأرض التي حاولوا اغتصابها، فكان نصرًا من الله، وبشارةً للذين صبروا وصدقوا الله وعده. ولكن هذا النصر لن يستقرَّ، ولن تدوم بركته إلا إذا شُكر المنعِمُ سبحانه، وشُدِّدت العزائم على طاعته، وتطهَّرت النفوس من المعاصي والآثام.
وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومًا، وهو يخاطب جنده: “إنما ننتصر بطاعتنا لله ومعصية عدونا له، فإن استوينا في المعصية كانت لهم الغلبة علينا بعددهم وقوتهم.” إنها قاعدةٌ راسخة، وحقيقةٌ لا تتبدل من أراد التمكين في الأرض، فعليه أن يُمكِّن دين الله في قلبه أولًا.
ونحن اليوم في شهر رمضان المبارك، وفي افتتاحية العشر الأواخر منه، حيث تُرجى ليلة القدر، وحيث تُرفع الدعوات، فكيف بنا إن قابلنا نعم الله بالذنوب؟! كيف لنا أن نطلب نصرًا آخر ونحن نتقاعس عن طاعته، ونقع في الغفلة واللهو؟! إن المحافظة على هذا النصر تستوجب توبةً نصوحًا، وإخلاصًا في الدعاء، والتزامًا بأوامر الله، وحرصًا على نقاء القلوب من الأحقاد والضغائن.
فيا أهل السودان، في الداخل والخارج، إن النصر لا يُحفظ إلا بالشكر، ولا يُثبَّت إلا بالطاعة، ولا يُبارَك إلا بالإخلاص. اجعلوا هذا الشهر المبارك بدايةً لعهدٍ جديد، تُرفع فيه راية الإيمان قبل أن تُرفع راية الوطن، وتُطهَّر فيه القلوب قبل أن تُطهَّر الأرض، وحينها يكون النصر نصرين نصرًا في الأرض، ونصرًا في السماء.
{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]. فالتحية لأبطالنا المقاتلين في كل شبر من أرض هذا الوطن القارة ..وتقبل الله الشهداء ..وكتب الشفاء للجرحى ..وفك أسر الأسرى ..إنه على كل شيء قدير..

_Elhakeem.1973@gmail.com_

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.