ضوء القمر عبد العليم مخاوي *الأستاذ عيد بشير.. انطفأت الشمعة التي أضاءت دروب الأجيال*
ضوء القمر
عبد العليم مخاوي
*الأستاذ عيد بشير.. انطفأت الشمعة التي أضاءت دروب الأجيال*

*في حياة كلّ منّا معلمٌ لا يُنسى، نقش أثره في وجداننا وترك بصمة خالدة في مسيرتنا. ومن أولئك الذين نذروا حياتهم للتعليم والتربية وخدمة المجتمع،منهم استاذنا الكبير عيد بشير محمد دليل، الذي انتقل الى رحمة الله الواسعة وهو أحد أعلام التعليم والتنشئة في العاصمة السودانية الخرطوم، وتحديدًا في حي القوز مربع 4، حيث نشأ وترعرع، وحمل همّ مجتمعه وقيمه الأصيلة حتى آخر لحظة في حياته.
*وُلد الأستاذ عيد في بيئة متجذّرة في الأخلاق والمبادئ، فشبّ على تلك القيم، وصار نموذجًا في الصدق، التواضع، وحب الخير وخدمة الناس. التحق بوزارة التربية والتعليم، وعمل معلمًا لمرحلة الأساس لسنوات طويلة، ترك خلالها أثرًا لا يُمحى في نفوس طلابه وزملائه.
*لم يكن مجرد معلّم في صفه، بل كان المربّي، والأخ الأكبر، والموجّه. تعامل مع طلابه بمحبة وحنان، واستطاع أن يغرس فيهم القيم قبل أن يُلقنهم المعلومات. تربى على يديه أجيال أصبح منهم الطبيب، والمهندس، والموظف، والمعلّم.
*لم تقتصر رسالة الأستاذ عيد على الفصول الدراسية. فقد كان حاضرًا في المجتمع، فاعلًا فيه ومؤثرًا. ولعل من أبرز محطات عطائه المجتمعي، عمله كسكرتير لفريق البراعم برابطة القوز للناشئين، حيث كان جزءًا من مشروع بناء الأجيال رياضيًا وسلوكيًا.
*في هذا الدور، أظهر التزامًا استثنائيًا برعاية الصغار وتشجيعهم على الرياضة والانضباط والعمل الجماعي. لم يكن ينظر إلى هذه المهمة كعمل إداري، بل كامتداد لرسالته التربوية. دعّم البراعم، وقف إلى جانبهم، وشارك في صناعة بيئة تحفزهم على النمو المتكامل جسديًا ونفسيًا.
*كان الأستاذ عيد رمزًا للأخلاق الحميدة، والمحافظة على القيم والموروثات السودانية الأصيلة. لم يكن يعيش لنفسه فقط، بل كان دائم الانشغال بقضايا الناس، وخدمة من حوله، والتخفيف عنهم. كان متواضعًا لا يحب الظهور، لكنه حاضر دائمًا في كل موقف يحتاج فيه الناس إلى دعم أو نصيحة أو كلمة طيبة.
*برحيله، فقد حي القوز، ومعه كل من عرفوه، قامة تربوية وإنسانية كبيرة. ومع أن الجسد قد غاب، فإن أثره في النفوس باقٍ، وذكراه حية في قلوب أجيال تعلّمت منه العلم، واستلهمت منه الأخلاق والالتزام.
*بالنسبة لي على الصعيد الشخصي أعتبر الاستاذ عيد بمثابة الأخ الأكبر كيف لا ونحن الذين ترعرعنا تحت أنظاره فهو دفعة شقيقي الأكبر الراحل السر.
*الحياة في حي القوز كانت رائعة للغاية فالكل هناك أهل قبل أن يكونوا مجرد جيران أتت بهم الظروف من بقاع السودان المختلفة إلى العاصمة.
*فهنالك من أتى من شرق السودان ، وهذا من النيلين الأبيض والأزرق وذاك من الشمال وهذا من كردفان ودار فور وذاك من الجنوب قبل الانفصال وذلك من الجزيرة .
*فانصهر الجميع في بوتقة واحدة فكان الجار بمثابة الأب والاخ الأكبر ، يوجه ويوبخ ويعاقب بقلب قوي لأن الجميع كانوا سواسية وهمهم واحد.
*فجعت حقيقة برحيل استاذي عيد الذي أكن له معزة خاصة لأنه يعتبر من جيل شقيقي الأكبر الراحل السر ، لذا فإنني كنت أرى فيه كل صفات السر.
*نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا واهله وأبنائه وتلاميذه وكل عارفي فضله الصبر والسلوان..ولا نقول إلا ما يرضي الله إنا لله وانا إليه راجعون
