*كَيْفَ أَصْبَحَتْ فِلَسْطِينُ قَضِيَّةَ العَالَمِ المَرْكَزِيَّةِ!* بقلم السفير/ رشاد فراج الطيّب
*كَيْفَ أَصْبَحَتْ فِلَسْطِينُ قَضِيَّةَ العَالَمِ المَرْكَزِيَّةِ!*
بقلم السفير/ رشاد فراج الطيّب
اليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة نتنياهو أوغل في القتل والإبادة بعد هجوم السابع من أكتوبر بواسطة المقاومة الإسلامية. وقد كانت ردّة فعله جنونية وفوق المعقول والمقبول. فقد أسرف في القتل وبالغ في العقاب الفردي والجماعي، فهدم كل مقومات الحياة في قطاع غزة، ولم يسلم من عدوانيته لا النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ، ولا حتى الأبنية والعمران والشجر والحجر، أمام بصر العالم.
قام بمحو مدن بأكملها وأباد آلاف الأرواح أمام بصر العالم وسمعه، ولم تتدخل الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع أو تهدد بذلك، ولم تُجَيش الجيوش لردع إسرائيل كما دعا لذلك الرئيس الكولومبي، وكما حدث في حالات ونزاعات سابقة.
اكتفى الغرب بالدعوة إلى وقف الحرب وفتح ممرات الإغاثة المقدَّمة من العالم والمكدَّسة على أبواب المعابر والممنوعة من الدخول بأمر الاحتلال الغاشم. طرد الجيش وكالات الأمم المتحدة، وقصف مقراتها ومدارسها، وكل مبنى يرفع رايتها في القطاع المكلوم. وكل ما فعله الأمين العام هو أنه مارس فضيلة إبداء القلق ثم الشجب والإدانة لما حدث.
أما العرب والمسلمون فقد اجتمعوا وأدانوا إسرائيل ودعوا العالم للقيام بمسؤولياته! ثم اجتمعوا ونظروا وعبسوا وبسروا، ودعوا لحل الدولتين، ثم أيدوا خطة ترامب الظالمة لأنها ستوقف الحرب وترفع عنهم اللوم والحرج.
لقد دمرت إسرائيل كل قطاع غزة وشردت أهله واغتالت كل فرص الحياة فيه، وتظاهر معها الغرب وبعض أولي القربى على ضرب ما أسموه “الإرهاب” في غزة، وظنوا أنهم قد نجحوا في تصفية القضية وسحق مقاومة شعبها المظلوم.
ولكن هيهات! لأن الواقع يقول إن الدم الفلسطيني قد أيقظ ضمير الأحرار على امتداد العالم، وجعل من القضية الفلسطينية قضية مركزية لكل الشعوب الحرة والحية.
الآن العالم يصحو بعد ثمانين عامًا من سباتٍ عميق، وهو يقول: كم لبثنا؟ غير مصدقٍ أنه خذل العدالة كل هذه السنوات. تسابقت الدول التي زرعت إسرائيل غصبًا وعدوانًا، وفي مقدمتها بريطانيا الأم الشرعية والرؤوم لإسرائيل لتعلن على الملأ أنها تعترف بالدولة الفلسطينية، ليس لسبب آخر، ولكن لأنه من حق شعب فلسطين أن يحيا وأن يقيم دولته. وتبعها في الاعتراف فرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا وآخرون.
لقد أحدث الهولوكوست الرهيب في غزة ثورةً وصحوةً للضمير الإنساني. فقد أصبحت إسرائيل دولة معزولة تلاحقها اللعنات، وخسرت سرديتها المزيفة، وأصبح الوقوف معها ومداراة جرائمها والسكوت عليها باهظ التكلفة والثمن.
وصارت إسرائيل بأفعالها المشينة وبسلوك اليمين المتطرف الذي يقودها عبئًا ثقيلًا على المنظومة القيمية التي يتفاخر الغرب بإنتاجها والالتزام بها وفرضها على البشرية، وتبوأ على أساسها قيادة وريادة العالم. فقد أصبحت هذه الريادة على المحك، وأصبحت تلك المواثيق وكل أخلاق الحضارة الغربية في امتحان عسير.
فإما الانحياز إلى الحق والعدالة والقانون الدولي وصوت الضمير، وإما الاستمرار في الظلم والانحياز الأعمى لأحكام المعايير المزدوجة وموت الضمير والاستغراق في النوم كأهل الكهف: “لو اطّلعتَ عليهم لولّيتَ منهم فرارًا ولَمُلِئتَ منهم رعبًا.”
وسيظل أحرار العالم يهتفون:
#فلسطين_حُرّة
#نحو_عالمٍ_خالٍ_من_الظلم_والاحتلال
#المجد_والخلود_للشهداء
* باحث في الفكر والعلاقات الدولية