منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

✍️ عمار العركي *الفاشر لم تسقط… سقطت الأقنعة*

0

✍️ عمار العركي

 

*الفاشر لم تسقط… سقطت الأقنعة*

 

نعم… سقطت الفاشر، لكنّها لم تسقط كما أرادوا، بل لتكشف وتعرّي وتفضح.
سقطت لتقول إن المعركة لم تكن فقط في الأرض، بل في المواقف والضمائر والرجولة.
سقطت لتوقظ من ظنّوا أن الحرب شأن عسكري محض، فجلسوا على مقاعد الانتظار، يحصون المكاسب ويتبادلون الأدوار، كلّما لمع نصرٌ للجيش تسابقوا إلى التغزّل به، لا حبًا فيه، بل طمعًا في ركوب الموجة واقتسام الغنيمة قبل أن يجفّ الدم.

نعم، سقطت الفاشر… فسقط معها زجاج العسل، وانكشفت حلاوة الوهم، وتبخّرت أحلام الطامعين الذين استبدلوا الميدان بالمنابر، والمعركة الحقيقية بالمعارك الوهمية في السياسة والإعلام.
انصرفوا عن الجيش وعن الوطن، وابتدعوا لأنفسهم معارك جانبية، يسوّقون بها أوهامهم، يكتبون بأقلامٍ رخيصة، ويتاجرون بدماء الشهداء، بينما كانت الفاشر تصرخ… وتستغيث… وتقاتل وحدها.

سقطت الفاشر… فسقطت معها أقنعة كثيرة.
أقنعة الذين ظنّوا أن صعود “جبل بروموديشن” الفرنسي الحمدوكي سيمنحهم السمو السياسي وصكوك الغفران، وأن الحج إلى “نيون” الفرنسية سيمنحهم شرعية الوصاية وحق التحدث باسم الوطن!
هؤلاء الذين شدّوا رحالهم إلى نيون المقدّسة، ليؤدّوا فروض الطاعة والانصياع، تاركين “الفاشر” خلفهم، مدينةً تُنتهك وتُدنس وتئنّ بالخذلان، تصارع وحدها، إلا من رجالها وأرضها وكرامتها التي لا تموت.

الفاشر لم تسقط… بل أسقطت الجميع في امتحان الوطن.
كشفت معادن الرجال، غربلت الصفوف، ميّزت الصادق من المنافق، والثابت من المراوغ.
منهم من باع، ومنهم من ثبت،
منهم من انحنى، ومنهم من استبسل.
أما الجيش… فقد بقي كما عهدناه، صامدًا في الميدان، يقاتل من أجل فاشر السودان، ومن أجل السودان كلّه، لا من أجل مقعدٍ في نيون، ولا حصةٍ على موائد الغنائم.

الفاشر اليوم ليست جرحًا… بل مرآةٌ في وجه كل متخاذل ومتواطئ،
لكل من اختار الصمت حين كان الصوت فرضًا،
ولكل من اختار الراحة حين كان الجهد واجبًا.

وسيبقى التاريخ يروي أن الفاشر لم تسقط… بل سقطت الأقنعة.
سقطت المواقف المخذلة،
وسقطت المبادئ المرتجفة،
وسقطت كلُّ أوهام من ظنّوا أن الوطن يُباع ويُشترى في أسواق السياسة الخارجية.

المعركة لم تنتهِ بعد…
طالما بقي في السودان رجلٌ قُحٌّ، قلبه على الوطن وسلاحه في يده،
وطالما بقي الجيش في الميدان، يقاتل ويصمد ويكتب التاريخ بدمه.

خلاصة القول ومنتهاه :

يقينًا… ستعود الفاشر،
كما عادت مدن السودان من قبلها ،بالنار أولًا… ثم بالنصر،
وبالإيمان دومًا… بأن هذا الوطن لا يُهزم،
ما دام فيه جيشٌ غُر يحمل رايته، وشعبٌ حُر يعرف طريقه.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.