منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

همسة وطنية د. طارق عشيري *هل يملك السودان حليفًا حقيقيًا بعد بعد الحرب؟*

0

همسة وطنية

د. طارق عشيري

*هل يملك السودان حليفًا حقيقيًا بعد
بعد الحرب؟*


قبل عده شهور كتبت مقالا بعنوان( علينا ان نسارع الخطي نحو روسيا) نشر في عدد كبير من الصحف الورقية و الاكترونيه ومواقع التواصل ووجد حظه من النقاش من بعض اصحاب الاراء التي تهتم بالشان السوداني خلاصة القول اتفاق الكثير منهم علي ما جاء في المقال لكن واقع التحالف لم يحدث علي ارض الواقع
لان المشهد السوداني الراهن،و تعقيدات الحرب قلبت كل الموازين، وهنا يبرز سؤال جوهري يطرحه المواطن قبل السياسي: هل لدينا حليف حقيقي؟
سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها السودان، وعن التحولات التي لحقت بعلاقاته الإقليمية والدولية.
السودان اليوم لا يمتلك ما يسمى بـ”الحليف الثابت”. (الحلفاء الحقيقيون لا يولدون من فراغ) ، بل من مشروع دولة واضح ومن مؤسسات مستقرة قادرة على بناء التزامات طويلة الأمد. لكن الحرب ضربت أساسات الدولة، وأصبح السودان في نظر العالم “دولة قيد التكوين”، وهذا وحده كافٍ ليجعل أي دولة تتردد قبل أن تقدّم دعمًا غير مشروط أو تبني تحالفًا استراتيجيًا دائمًا.
في( العلاقات الدولية لا توجد صداقات دائمة) ،( بل مصالح دائمة) . وهذا المبدأ ينطبق الآن على كل الأطراف المحيطة بالسودان
السعودية، الأقرب للسودان جغرافيًا وسياسيًا، تنظر إلى استقرار البحر الأحمر كأولوية. تساعد، تتوسط، وتضغط، لكن وفق حسابات دقيقة لمصالحها.
مصر، بحكم التاريخ والوجود المشترك، تميل نحو وحدة السودان واستقراره، لكن انشغالاتها الداخلية تحد من دورها. ولدينا هموم مشتركة( سد النهضة)
الولايات المتحدة والغرب، يرون السودان من زاوية الأمن الإقليمي ومراقبة النفوذ الروسي والنفوذ الصيني، وليس من زاوية التحالف مع الخرطوم.
روسيا، تربطها مصالح في البحر الأحمر والذهب، لكنها غير مستعدة لتحمل كلفة التحالف مع دولة غير مستقرة.
كل هذه الأطراف “مهتمة بالسودان”، لكنها ليست حلفاء بالمعنى الكامل.
لماذا لايوجد حليف بالمعني المتعارف عليه وهل يثق العالم بالسودان الآن؟
للإجابة علي ذلك نقول لأن أي تحالف يحتاج إلى دولة مستقرة، وفي السودان ما زالت الأسئلة الكبرى بلا إجابة: استمرار الحرب حتي الان وحكومة امل جديدة تضع ارجلها علي تغير شكل الدوله وتحديث اجهزتها بما يتواكب مع العالم واثبات شرعيتها ؟ شكل الجيش في ظل تشيكلات عسكرية مختلفة منشغله حتي الان في معركة الكرامة ؟ و مستقبل الاقتصاد غير مستقر وتدهور الجنيه السوداني ؟ وكذلك علاقة المركز بالأقاليم بعد الحرب ؟هذه التفاصيل في نظر المجتمع الدولي أهم من بيانات العلاقات العامة وأقوى من أي تقارب تكتيكي.
السودان يستطيع أن يخلق حلفاء حقيقيين، لكن ذلك يحتاج إلى:
1. استقرار سياسي يحدده مشروع وطني جامع.
2. جيش واحد، دولة واحدة، وقرار سيادي واضح.
3. سياسة خارجية تقوم على توازن المصالح دون ارتهان.
4. تفعيل دور السودان الطبيعي في القرن الإفريقي والبحر الأحمر والعالم العربي والخليج
عندما تستقر الدولة ويعود السودان لاعبًا إقليميًا كما كان، سيصبح “مطلوبًا” لدى القوى الكبرى، وليس “باحثًا” عن دعم.
السودان الآن بلا حليف حقيقي، لكنه يملك فرصة لصناعة تحالفاته في المستقبل إذا ما خرج من الحرب أكثر وحدة وصلابة.
فالحلفاء لا يتشكلون في زمن الضعف، بل في زمن القوة… (والسودان قادر على صنع قوته) متى ما توحّد أبناؤه وأعادوا( بناء دولتهم على أسس جديدة) .
في النهاية، الحقيقة التي يجب أن ندركها بلا مواربة هي أن (السودان لن يجد حليفًا صادقًا ما لم يتحوّل هو أولًا إلى قوة يُحسب لها حساب) . فالدول لا تتسابق خلف دولة لم تضع الحرب اوزارها ، ولا تبني تحالفاتها على الخراب، بل على الدول التي تمتلك مشروعًا، وإرادة، وجيشًا موحدًا، وقرارًا سياديًا لا يهتز.
وإذا أراد السودان حلفاء يقفون معه في السراء والضراء، فعليه أن (يصنعهم بصموده) ، (ويجذبهم بثباته) ، و(يفرض احترامه بوحدته) . وعندها فقط… لن يبحث السودان عن حليف، بل( ستبحث الحلفاء عنه) . وسودان مابعد الحرب اقوي واجمل

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.