منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*قبول الآخر والتسامح… طريق السودان نحو وطنٍ يتسع للجميع* د. اميرة كمال مصطفى

0

*قبول الآخر والتسامح… طريق السودان نحو وطنٍ يتسع للجميع*

د. اميرة كمال مصطفى

في مجتمعٍ كالمجتمع السوداني الممتد جذوره في التاريخ والمتنوع أعراقًا وثقافاتٍ ولهجات يكون قبول الآخر ضرورة وطنية لبقاء الدولة وتقدّمها. فالسودان لم يُبنَ بلونٍ واحد ولا بلهجةٍ واحدة وإنما تشكّل من عناصر ومكونات إنسانية ثرية، كان يفترض أن تكون مصدر قوة .
إن خطاب التنمّر والعنصرية مهما تغيّرت مسمياته يظل فعلًا هدامًا لأنه يضرب في صميم القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية التي نشأنا عليها. فكلنا دون استثناء، من أبٍ وأم وكلنا خُلقنا من تراب .
ولا فضل لإنسان على آخر إلا بما يقدّمه لوطنه من عملٍ نافع وبما يتحلّى به من أخلاقٍ ومسؤولية.
العنصرية لا تبني وطنًا، بل تصنع جدرانًا وهمية بين أبناء الأرض الواحدة. والتنمر لا يصنع قوة بل يخلّف جراحًا نفسية واجتماعية تتحول مع الزمن إلى أحقاد وصراعات. وما عانى منه السودان من أزمات وحروب لم يكن في جوهره إلا نتيجة مباشرة لغياب ثقافة القبول وتغليب الإقصاء على الشراكة و”نحن“ على حساب “نحن جميعًا”.
التسامح لا يعني التنازل عن الحقوق، ولا الذوبان في الآخر بل يعني الاعتراف المتبادل بالكرامة الإنسانية واحترام الاختلاف بوصفه سنة من سنن الحياة. فالأمم التي تقدمت لم تفعل ذلك لأنها متطابقة بل لأنها أدارت اختلافاتها بحكمة وحوّلت تنوعها إلى طاقة إنتاج وبناء.
إن التلاحم الوطني هو حجر الأساس في نهضة الشعوب. حين يشعر المواطن أنه مقبول محترم، وغير مُدان بسبب لونه أو منطقته أو لهجته، فإنه يتحول من فردٍ مهمّش إلى شريكٍ فاعل. وحين نكسر دائرة التصنيف والوصم نفتح الباب أمام الإبداع والاستقرار والتنمية الحقيقية.
المسؤولية هنا جماعية: تبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة والإعلام، ودور العبادة وتنتهي عند مؤسسات الدولة. خطابنا اليومي كلماتنا في المجالس ووسائل التواصل، مواقفنا من الآخر المختلف كلها تصنع وعيًا عامًا إما أن يقود إلى التماسك أو إلى الانقسام.
السودان اليوم أحوج ما يكون إلى مشروع أخلاقي ووطني قوامه قبول الآخر، ونبذ العنصرية وتجريم التنمر قولًا وفعلًا مشروع يُعيد تعريف الانتماء على أساس المواطنة لا الجغرافيا وعلى أساس الإنسانية لا السلالة.
فلا وطن بلا تسامح، ولا تقدم بلا تلاحم، ولا مستقبل لسودانٍ يُقصي أبناءه. السودان يسعنا جميعًا… إن اخترنا أن نكون معًا لا ضد بعضنا البعض.
حفظكم الله ورعاكم

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.