حجازية محمد سعيد تكتب: «شعارات بلا وطن.. إلى متى يُخدع الشباب وتُباع الأوطان؟»
حجازية محمد سعيد تكتب:
«شعارات بلا وطن.. إلى متى يُخدع الشباب وتُباع الأوطان؟»

ليس كل خروجٍ إلى الشارع فعلًا وطنيًا، ولا كل هتافٍ دليل وعي. فالوطنية ليست لافتة تُرفع عند المواسم، ولا ذكرى تُستدعى حين تخلو الساحات من المخاطر. الوطنية موقف، والثبات فيها يُختبر ساعة الشدة لا في مواكب الاستعراض.
إن خروج بعض الشباب في هذا التوقيت لإحياء ذكرى ديسمبر، لا يحمل في جوهره أي معنى وطني حقيقي، إذا ما قيس الفعل بالشعار. فأين كانت هذه الأصوات حين اشتعلت نار الحرب؟ ولماذا غابت حين كان الوطن ينادي أبناءه للثبات والدفاع؟ ولماذا غادر كثيرون البلاد ساعة المحنة، ثم عادوا اليوم بالشعارات ذاتها، لا يحملون سوى السباب والتجريح في حق القوات المسلحة التي صانت الوطن، وقدّمت خيرة أبنائه ثمنًا لكرامته وبقائه؟
بأي وجهٍ خرجتم؟ وبأي منطقٍ ترفعون أصواتكم وأنتم غبتم عن ميدان المواجهة؟ أين كنتم حين كان الثبات واجبًا لا خيارًا، ومسؤولية لا مزايدة؟ الحرب التي غذّتها خطابات التحريض ما تزال دائرة، والدم السوداني ما يزال يُسفك، والوطن ما يزال ينزف جراحه المفتوحة.
إن كانت فيكم نخوة صادقة، وإن كان لادعاءاتكم معنى، فالميدان واضح والواجب معلوم: شاركوا إخوتكم في معركة الكرامة، وساهموا في تحرير دارفور وكردفان من قبضة المليشيات، بدل الاكتفاء بشعارات مستهلكة لا تُنقذ وطنًا ولا تُقيم دولة. فالأوطان لا تُستعاد بالهتاف، بل بالفعل، ولا تُصان بالخطاب، بل بالتضحية.
إلى متى تُساقون كما يُساق القطيع؟ تُصدّقون الأكاذيب وتُرددون شعارات صُنعت بعناية لتضليل وعيكم، بينما تُباع الأوطان في الخفاء بثمنٍ بخس؟ إلى متى تُستغل حماستكم ويُتاجر بوعيكم، وأنتم تظنون أنكم تصنعون مجدًا، بينما الحقيقة أنكم تُستخدمون وقودًا لمشاريع لا تعرف للوطن معنى ولا تعترف بحدوده؟
إن الوعي مسؤولية، والصمت عن الخداع مشاركة فيه. والتاريخ لا يرحم من باع وطنه، ولا يعفي من انساق خلف الكذب وهو قادر على التمييز.
إلى متى؟
