منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

كيف يخرج السودان من كارثة الحرب؟

0

تمكن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، من تحقيق خطوتين مهمتين في معادلة صراع الجيش وقوات «الدعم السريع». تتمثل الخطوة الأولى في خروجه من مقره في القيادة العامة للجيش في الخرطوم، الذي كان يتعرض لحصار وهجمات، بعد أكثر من أربعة أشهر مختبئا هناك، حيث انتقل إلى بورتسودان التي أصبحت العاصمة الإدارية لحكومته، والخطوة الثانية هي خروجه من البلاد حيث سافر إلى مصر نهاية الشهر الماضي، ثم إلى جنوب السودان، فقطر التي وصلها الخميس.

تزامن ذلك مع تلقّي قوات «الدعم السريع» ضربة مهمة، فبعد تصريح السفير الأمريكي في الخرطوم، جون غودفري، أن المتحاربين في السودان «أثبتوا عدم أهليتهم للحكم» وأن عليهم إنهاء الصراع و«نقل السلطة» للمدنيين، أعلنت ليندا توماس غرينفيلد، المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، يوم الأربعاء الماضي، أن بلادها قررت فرض عقوبات على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع (شقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي») «بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان».
تحمل التطورات الآنفة إمكانيات تأثير على الأرض حيث تدور الاشتباكات، كما أنها تتضمن إمكانية دعم مكانة البرهان الخارجية، لكن كلا الأمرين يتوقف على الاستراتيجية التي يسير قائد الجيش السوداني على أساسها، وهل الهدف منها تعزيز قدراته على هزيمة «الدعم السريع» أم الوصول إلى تسوية سياسية راجحة لصالحه.
من أهداف جولة البرهان الخارجية حشد الدعم الإقليمي لمسألة إنشاء حكومة «تصريف أعمال» في بورتسودان لإدارة البلاد أثناء الحرب، واستخدام تأثير جوبا على عبد العزيز الحلو، قائد «الحركة الشعبية ـ شمال» الذي تشن قواته هجمات في كردفان، وإصلاح العلاقات مع كينيا، التي صرح رئيسها أن السودان يعاني من فراغ حكومي، وهدد بإرسال قوات افريقية لحماية المدنيين.

صرح البرهان، خلال وجوده في مصر، تصريحا لافتا قال فيه إن القوات المسلحة السودانية لا تنوي السيطرة على السلطة ولا حكم السودان، لكنه، في الوقت نفسه، قال إنه يسعى «لإقامة فترة انتقالية يستطيع بعدها الشعب أن يؤسس دولة من خلال انتخابات حرة نزيهة» وهو شعار يرفعه كل العسكريين الذين يسيطرون على السلطة، كما نفى إمكانية الحوار مع «المتمردين والخونة» في إشارة إلى أنه لا يسعى إلى تسوية بل إلى هزيمة الطرف الآخر.
تابع البرهان، بعد لقاء أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الحديث عن «القضاء قريبا على التمرد» و«استكمال مهام المرحلة الانتقالية والانتقال للحكم المدني الديمقراطي» في حين تبدّلت لهجة خصمه دقلو، الذي دعا إلى «الرجوع إلى الحل السلمي» وربط «الحكم الديمقراطي المدني» ببناء مؤسسات مهنية وقومية تعكس «تنوع السودان» ويقوم على «الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم».

في الوقت الذي يتنافس فيه البرهان وحميدتي على رفع شعارات الحكم المدني الديمقراطي، سجلت منظمات أممية قرابة 4 ملايين شخص نزحوا من مناطق العنف، وفرار أكثر من مليونين و800 ألف شخص من العاصمة السودانية وحدها، كما سجلت مجموعة «محامو الطوارئ» وجود 44 مركز اعتقال في الخرطوم تتبع لقوات الدعم السريع و8 مراكز تابعة للقوات المسلحة، يمارس فيها التعذيب والاعتداءات الجنسية، فيما أكدت منظمة العفو الدولية إن الطرفين يمارسان جرائم حرب واسعة النطاق وأن المدنيين يقتلون في منازلهم أو أثناء بحثهم اليائس عن الطعام والماء، وأنهم يقعون في مرمى النيران أثناء فرارهم وتطلق النار عليهم عمدا في هجمات مستهدفة.
التأكيد الوحيد على مصداقية شعارات البرهان وحميدتي حول «المسار الانتقالي الديمقراطي» يكون بإعلان وقف إطلاق دائم للنار، وبدعم الطرفين تسوية سياسية تنهي النزاع العسكري، وبالبدء فعلا بخلق أجواء استقرار يسمح بعودة النازحين واللاجئين ويفتح الباب لحكومة انتقالية يديرها المدنيون للوصول إلى انتخابات ديمقراطية فعلا.
أما الاستمرار في الصراع العسكري فهو، كما قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أول أمس الأربعاء، تقريب للحرب الأهلية الشاملة التي لن تبقي لا للمدنيين ولا للعسكريين بلدا يديرونه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.