*هل تم إطلاق خدمة الإنترنت الفضائي ستارلنك في السودان؟*
في آب/أغسطس المنصرم، أعلنت مجموعة القراصنة السودانيين التي تُطلق على نفسها اسم “أنونيموس السودان” – أعلنت إيقاف منصة إكس “تويتر سابقًا” عن العمل في عدة دول، في محاولة منها للضغط على مؤسس ومالك خدمة “ستارلنك” لإطلاقها في السودان، واليوم تحدث عدد من المواطنين في عدد من ولايات السودان عن وصول الخدمة، الأمر الذي سهل حياتهم حد قولهم.
“ستارلنك Starlink” هي عبارة عن شبكة من خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي يمكن أن توفر وصولًا عالي السرعة إلى الإنترنت للمستخدمين في المناطق النائية والمحرومة. إن هذه التكنولوجيا لديها القدرة على إحداث ثورة في طريقة وصول الناس إلى الإنترنت في مناطق مختلفة بغض النظر عن التضاريس والظروف، وهي الصفات التي تنطبق على مناطق السودان التي ابتليت بانقطاع الإنترنت والسرعات البطيئة بسبب ضعف التنمية وبعدها عن المراكز الحضرية حيث تتوفر الخدمات.
مهندس سوداني: توفر “ستارلنك” في أجزاء من دارفور ودنقلا يرجع لهذا السبب..
الشاب عبدالمهيمن سيد تحدث لـ”الترا سودان” مؤكدًا استخدامه شخصيًا لخدمة “ستارلنك” في دنقلا، وأكد: “الخدمة الآن تعمل في دنقلا بشكل جيد. استخدمناها بعد أن جلب لنا أحد الأقارب جهاز الاستقبال من ليبيا، وهي الآن تعمل بصورة ممتازة، واستفاد منها المواطنون في التواصل مع أقاربهم في وقت انقطع فيه الإنترنت وتأثرت جودة الاتصالات بسبب الحرب”.
عبدالمهيمن في إفادته لـ”الترا سودان” قال إنه لا يعلم تفاصيل الاشتراك المالي لأنه يستغلها بالمجان بالشراكة مع جيرانه.
تصحيح مفاهيم
المهندس السوداني عماد الطيب المتخصص في الشبكات قال لـ”التراسودان” إن الكثير من المفاهيم مغلوطة بشأن الخدمة، وأضاف: “الخدمة في الأساس تنقسم لقسمين: خدمة عالمية “Global” وهي التي تسمح باستخدامها في أي منطقة تقع ضمن نطاق الخدمة، ولكنها مرتفعة التكلفة، حيث تتراوح بين (170) إلى (200) دولار، حيث تسمح هذه الخدمة بعمل الجهاز المحدد أكثر من شهرين خارج نطاق البلد الذي اشتريت منه الجهاز، وستتوقف الخدمة بعد ذلك، وقد يكون الأمر مكلفًا بعد هذه الفترة، فأنت مطالب بإرجاع الجهاز إلى بلده الأصلي أو الاشتراك بعنوان جديد، لأنها ما زالت غير متوفرة في السودان بصورة رسمية”.
ويضيف الطيب: “الخيار الثاني ما يُعرف باسم الخدمة الإقليمية “Regional”، وهي تسمح لك باستخدام الجهاز في نطاق القارة التي اشتريت منها الجهاز بسعر الدولة التي اشتركت بها. على سبيل المثال، في حالة شراء جهاز من رواندا -وهي إحدى الدول التي تم إطلاق الخدمة بها- فيمكنك استخدام الجهاز في كل قارة أفريقيا، وحسب ما هو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي فإن أغلب مستخدمي الخدمة هم من دنقلا ومناطق دارفور، وهي مناطق محاذية لمناطق غرب إفريقيا، وهو ما يفسر وصول الخدمة لهذه المناطق السودانية.
لكن خدمة “ستارلنك” هي خدمة مدفوعة وليست مجانية، وبحسب التكاليف التي نشرتها المنصات فتبدأ من (99) دولارًا للشهر، مع رسوم اضافية بقيمة (499) دولارًا تدفع لمرة واحدة، حيث تغطي هذه الرسوم تفعيل وشحن المعدات.
مطالب
كثيرون اعتبرو انطلاق الخدمة في السودان انتصارًا لعملية الاختراق التي قامت بها مجموعة “أنونيموس السودان” بانطلاق “ستارلنك” في مناطق متفرقة من البلاد، وانضمام السودان إلى أكثر من (40) دولة تعمل بها الخدمة، غالبها في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا، ولكن ماذكرته المهندسة أبرار تاج السر المتخصصة في الأمن السيبراني مُغاير تمامًا بحسب حديثها لـ”الترا سودان”، حيث أكدت أن الخدمة ليست ممنوعة من السودان إطلاقًا، لكنها لم تجد البنية التحتية في السودان مثلها مثل كثير من البلدان الأفريقية، مع العلم أنها خدمة تجارية من مصلحة صاحبها انتشارها، وهي بحاجة لوكيل ومستثمر سوداني يقوم بإدخالها للبلاد ويتتبع عملية البيع وجمع الاشتراكات، لذلك المطالبة بها على طريقة الإضرابات أو القرصنة هو أمر غير جيد.
قطاع الإنترنت في السودان يسيطر عليه القطاع الحكومي بشكل كبير، ويعاني من بطء التوسع والانتشار
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الإنترنت في السودان يسيطر عليه القطاع الحكومي بشكل كبير، ويعاني من بطء التوسع والانتشار، حيث ما زالت مناطق كبيرة خارج نطاق الخدمة، بينما تعاني مناطق تواجد الشبكة من انقطاع وضعف مستمر، وقد فاقمت الحرب من معاناة المواطنين مع استخدام الإنترنت، الأمر الذي جعل في الوصول القليل لخدمة “ستارلنك” أملًا في التخلص من أعباء القطاع المحلي.