أ.د. محمد المختار الشنقيطي يكتب : *الجهاد على بصيرة*
ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺣﺮﻭﺑﺎ ﻏﻴﺮﺕ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺄﻗﻞ ﺛﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﻭﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﻣﺜﻞ ﺣﺮﻭﺏ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﺒﻬﺮﺓ ﻫﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﺮﻭﺏ ﺟﺴّﺪﺕ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﻭﺃﺧﻼﻗﺎ ﻭﺃﺣﻜﺎﻣﺎ.
ﻓﺎﻟﺤﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺿﻄﺮﺍﺭ ﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ،
ﻭﺃﺣﻤﻖ ﻣﻦ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻄﺮﺍ،
ﻭﺟﺒﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﺘﻬﺮّﺏ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﻓُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﻻ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﺨﺸﺐ،
ﺑﻞ ﻫﻮ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ ﺳِﻠﻤﺎ ﻭﺣﺮﺑﺎ،
ﻭﻗﺪ ﺟﻨّﺐ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﻨﺎﻓﻘﺎ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ؛
ﻳﺪﻳﻦ ﺍﻟﺤﺮﺏ .. ﻭﻳﺨﻮﺿﻬﺎ،
ﻭﻳﺘﺒﺮﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﻒ .. ﻭﻳﻤﺎﺭﺳﻪ،
ﻭﻳﺮﻓﻊ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻤَﺤﺒّﺔ .. ﻭﻳﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ
ﻓﺎﻟﺴِﻠﻢ ﻣﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ،
ﻭﻣﻈﻠﺔ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺍﻻﺳﺘﻈﻼﻝ ﺑﻈﻼﻟﻬﺎ،
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺍﺩﺧﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻛﺎﻓﺔ} [ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: ٢٠٨]
ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺟَّﻞّ ﻭﺃﺳﻤﻰ،
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻪ، ﻓﻘﺎﻝ:
{ﻟﻘﺪ ﺃﺭﺳﻠﻨﺎ ﺭﺳﻠﻨﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴّﻨﺎﺕ ﻭﺃﻧﺰﻟﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻟﻴﻘﻮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ} [اﻟﺤﺪﻳﺪ: ٢٥]
ﻓﻼ ﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻬﺎﺩ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﺑﻘﻮﺓ،
ﻭﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺫﻟﻚ..
ﻓﺄﺣﻼﻡ ﺯﺍﻫﻴﺔ ﻭﺃﻗﺎﺻﻴﺺ ﻭﺭﺩﻳﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻣﺎﺩّﺓ ﻟﻠﺘﻤﺪّﺡ ﺍﻟﺴﺎﺫﺝ،
ﻻ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ
ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ،
ﻟﻘﺮَّﺕ ﺃﻋﻴﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ .. ﺑﺨﻨﻮﻉ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ
ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺴﻮّﻏﺎ ﺷﺮﻋﻴﺎ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ،
ﻓﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ؛
ﻟﻴﺲ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ .. ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻛﺎﻓﺮﺍ
ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ
ﻓﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ.. ﻟﻈﻠﻤﻪ،
ﻻ ﻟﻌﻘﻴﺪﺗﻪ ﺃﻭ ﻣﺬﻫﺒﻪ
ﻭﻗﺪ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻗﺒﺎﻝ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ:
“ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﻮّﺓ .. ﻣُﺠﺮّﺩ ﻓﻠﺴﻔﺔ”
ﻓﺎﻟﻤﺪﺍﻓﻌﺔ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ،
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺼﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺑﻨﺺ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ :
{ﻭﻟﻮﻻ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﻟﻔﺴﺪﺕ ﺍﻷﺭﺽ} [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:٢٥١]
ﻓﻼ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺗﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ..
ﺑﻮﻋﻆ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ .. ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﻇﻠﻤﻪ،
ﺑﻞ ﺑﺈﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ .. ﺑﺄﻥ ﻳﺘﻨﺰﻉ ﺣﻘﻪ
ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺪﻡ ﻗﻮﻡٌ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ،
ﻭﻻ ﺃﺛّﺮ ﻗﻮﻡٌ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ..
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺧﺪَﻣﻬﺎ ﻭﺃﺛّﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﺍﻫﻨﻮﺍ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﻟﻘﺪ ﺣﺼﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺴﻮّﻏﺎﺕ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻣﻮﺭ:
#ﺃﻭّﻟﻬﺎ: ﺣﻖ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻨﻬﺎ
ﻭﻫﺬﺍ ﻭﺍﺿﺢ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻰ ﺁﻳﺘﻴﻦ ﻧﺰﻟﺘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ: ”
{ﺃُﺫِﻥ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳُﻘﺎﺗَﻠﻮﻥ ﺑﺄﻧّﻬﻢ ﻇُﻠِﻤﻮﺍ ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮﻫﻢ ﻟﻘﺪﻳﺮ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺧﺮِﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ} [ﺍﻟﺤﺞ: ٣٩، ٤٠]
ﺛﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻣﺆﻛِّﺪﺍ ﻟﻬﻤﺎ:
{ﻭﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﺃﻻ ﻧﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻗﺪ ﺃُﺧْﺮِﺟْﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﺎﺭﻧﺎ ﻭﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ} [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: ٢٤٦]
#ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ: ﻧُﺼﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ:
{ﻭﻣﺎ ﻟﻜﻢ ﻻ ﺗﻘﺎﺗﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻮﻟﺪﺍﻥ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺭﺑّﻨﺎ ﺃﺧْﺮِﺟْﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ ﻭﻟﻴّﺎً ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻧﻚ ﻧﺼﻴﺮﺍ} [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: ٧٥]
#ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ: ﺿﻤﺎﻥ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﻗﻬﺮ ﺃﻭ ﺇﻛﺮﺍﻩ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﺼﺎ:
{ﻭﻟﻮﻻ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﻟﻬُﺪّﻣﺖ ﺻﻮﺍﻣﻊ ﻭﺑﻴﻊ ﻭﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭﻣﺴﺎﺟﺪ ﻳُﺬﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍ}[ﺍﻟﺤﺞ: ٤٠)
ﻓﺎﻹﻛﺮﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻨﻘﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ.. ﻭﻫﻮ ﺃﺣّﻂّ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ:
{ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﻙ ﺍﻷﺳﻔﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ}٥ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: ١٤٥]
ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻞ ﻗﺘﺎﻝ ﻟﺮﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ.. ﺟﻬﺎﺩﺍ
ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
“ﻣﻦ ﻗُﺘِﻞ ﺩﻭﻥ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻴﺪ،
ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺩﻭﻥ ﺃﻫﻠﻪ،
ﺃﻭ ﺩﻭﻥ ﺩﻣﻪ،
ﺃﻭ ﺩﻭﻥ ﺩﻳﻨﻪ،
ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻴﺪ ” (ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ )
_ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ:
“ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺩﻭﻥ ﺣﻘّﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻴﺪ” (ﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ ﺑﺴﻨﺪ ﺣﺴﻦ)
_ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ: “ﻣﻦ ﻗﺘﻞ ﺩﻭﻥ ﻣﻈﻠﻤﺘﻪ ﻓﻬﻮ ﺷﻬﻴﺪ” (ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ) ،
_ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ “ﺩﻭﻥ ﻣﻈﻠﻤﺔ” ﺑﻼ ﺇﺿﺎﻓﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻋّﻢ ﻭﺃﺗّﻢ، ﻓﻴﺸﻤﻞ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻣﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻐﻴﺮ .
ﻓﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻟﻴﺲ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻳﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ،
ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺃﺧﻼﻗﻲ ﺿﺪ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ
ﻭﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻮﻟﻌﺔ ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻳﺔ،
ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺴﻮّﻏﺎ ﺷﺮﻋﻴﺎ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ،
ﻓﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ .. ﻟﻴﺲ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ،
ﺑﻞ ﻫﻮ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻛﺎﻓﺮﺍ،
ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﺃﺧﻼﻗﻲ ..
ﻣﻊ .. ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﺿﺪ .. ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ،
ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ .. ﻟﻈﻠﻤﻪ،
ﻻ ﻟﻌﻘﻴﺪﺗﻪ ﺃﻭ ﻣﺬﻫﺒﻪ،
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ :
_ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﻏﻲ .. ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ،
_ﻭﺻﺪ ﺍﻟﺼﺎﺋِﻞ .. ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ،
_ﻭﺍﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻈﺎﻟِﻢ .. ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ .
ﻭﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤُﺤﻜﻤﺔ ﺻﺮﻳﺤﺔ؛
ﻓﻲ ﺣﺼﺮ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺻَﺪّ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﻋﺪﻭﺍﻧﺎ:
{ﻭﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺎﺗﻠﻮﻧﻜﻢ ..
ﻭﻻ ﺗﻌﺘﺪﻭﺍ .. ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻳﻦ}[ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ: ١٩٠]
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻝ: ” ﺍﻟﻜﻔّﺎﺭ ” ﺃﻭ ﻗﺘﺎﻝ ” ﺍﻟﻨﺎﺱ ” ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪ،
ﻓﺈﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ” ﺍﻝ ” ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻬﺪﻳﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻴﺔ،
ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ،
ﻭﻗﺪ ﺧَﺼّﺼﻬﺎ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ،
ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪّﺙ ﻋﻦ ” ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ” ﻭ ” ﺍﻟﻨﺎﺱ ” ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﻮﻣﺬﺍﻙ ﺣﺮﺏ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺴﻮّﻍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻮّﻏﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺃﻋﻼﻩ،
ﻭﻫﻲ ﻣﺴﻮّﻏﺎﺕ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻈﻠﻢ، ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﻔﺮ .
ﻟﻘﺪ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪّﻭﻥ ﻭﻇﻬﻴﺮُﻫﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺃﻧﺴﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ،
ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﺍ ﻋﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ،
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻧﺒﻌﺜﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻣّﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ
ﻓﺎﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺑﺈﻃﻼﻕ – ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻤﻴّﺰﻭﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻴﻐﺘﻴﻦ ﺍﻟﻌﻬﺪﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ –
_ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﻣُﻠِّﻤّﻴﻦ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ،
_ﺃﻭ ﺃﻧّﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﻣُﻄّﻠِﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻤﻠﺖ:
ﻣﻮﺍﺩﻋﺎﺕ ﻣﻊ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻭَﺛَﻨﻴﺔ،
ﻭﻣﻌﺎﻫﺪﺍﺕ ﻣﻊ ﻳﻬﻮﺩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ،
ﻭﻧﺼﺎﺭﻯ ﻧﺠﺮﺍﻥ،
ﻭﻣﺠﻮﺱ ﻫﺠﺮ،
ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ،
ﻣﻊ ﺍﺣﺘﻔﺎﻇﻬﺎ ﺑﺪﻳﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤُﺨﺎﻟِﻒ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ.
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﺍﻟﻜُﻔّﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺑﻞ ﺍﺳﺘﻌﺎﻥ ﺑﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺃﻣﻨﻴﺎ ﻭﺩﻋﺎﺋﻴﺎ:
– ﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ﻣﺜﻞ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻌﻢ ﺑﻦ ﻋﺪﻱ، ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺭﻳﻘﻂ، ﻭﺻﻔﻮﺍﻥ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ، ﻭﻣﻌﺒﺪ ﺍﻟﺨﺰﺍﻋﻲ ..
– ﻭﺩﻭَﻻً ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ..
– ﻭﻗﺒﺎﺋﻞ ﻣﺜﻞ ﺧﺰﺍﻋﺔ ..
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ:
“ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺧﺰﺍﻋﺔ ﻋﻴْﺒﺔَ ﻧُﺼْﺢٍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻣﺴﻠﻤُﻬﺎ ﻭﻣﺸﺮﻛُﻬﺎ، ﻻ ﻳُﺨْﻔﻮﻥ ﻋﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻤﻜﺔ ” (ﺳﻴﺮﺓ ﺍﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ 2/312 ).
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻏﺘَﺮّ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﻮﻥ ﺑﺘﻌﻤﻴﻢ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺠﻮﺍﻧﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﺍﺗّﺴَﻢ ﺑﺤﺮﺏ ﺍﻟﻜﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻞ،
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺎﺕ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺧﻄﻮﻃﺎ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ.
ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺭﺩّﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ،
ﻭﺣﺎﻛﻤﻮﻩ ﺑﻬﻤﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺭﺑﻘﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ،
ﻻﻛﺘﺸﻔﻮﺍ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﻭﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻴﻪ،
ﻭﺑُﻌﺪﻩ ﻋﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻗﻴﻤﻪ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﺇﻥ ﺃﻣﺘﻨﺎ ﺻﺒﻮﺭﺓ ﺷﻜﻮﺭﺓ،
ﻟﻜﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﻇﻬﻴﺮﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ..
ﺃﻭﻏﻼ ﻓﻲ ﺇﺫﻻﻟﻬﺎ ﺑﻬﻤﺠﻴﺘﻬﻤﺎ،
ﻭﺃﺭﻏﻤﺎﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺴﻼﺡ،
ﻭﻗﺪﻳﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺍﻟﻌﺮﺏ:
“ﺍﺣﺬﺭ ﻏﻀﺒﺔ ﺍﻟﺤﻠﻴﻢ”
ﻭﻗﺪ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮّﻣﺖ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ..
ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﻠﻤﻴﺔ،
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﺘﻠﺔ ﺍﻟﺴﻔّﺎﺣﻴﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ
ﻛﻤﺎ ﺑﺮﻫﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻣّﺔ ﻣُﺼِﺮّﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ
ﻟﻘﺪ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒِﺪّﻭﻥ ﻭﻇﻬﻴﺮﻫﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺃﻧﺴﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ،
ﻓﻌﻠﻴﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻬﻮﺍ ﻋﻮﺍﺻﻒ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ،
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻧﺒﻌﺜﺖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ .
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺠﺒّﺎﺭﺓ ﻳﺴﺎﺀ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ:
– ﺑﺴﻮﺀ ﺍﻟﺘﺴﺪﻳﺪ،
– ﻭﺿﻌﻒ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ،
– ﻭﻓﻘﺮ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﻓﺎﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﻐﻨﻴﺎﻥ ﻋﻦ:
– ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ،
– ﻭﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ،
– ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ
ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﻭﻗِﻴَﻢ ﺃﻧﺒﻞ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻗﻴﻤَﻬُﻢ،
ﺗﺤﻮّﻝ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﻇﺎﻟﻢ ﻭﻣﻈﻠﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻦ ..ﻇﺎﻟﻤﻴْﻦ،
ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ،
ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ..ﺍﻧﺘﺤﺎﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﻣﻴﺔ.
ﻓﻨﺤﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .
ﻭﺳﻨﻜﺘﻔﻲ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺈﺷﺎﺭﺍﺕ ﺫﺍﺕ ﺻﻠﺔ ﺑﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ،
ﺁﻣﻠﻴﻦ ﺍﻟﺘﻮﺳّﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻓﻲ ﺟﻬﺪ ﻻﺣﻖ ﺑﻌﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ:
#ﺃﻭﻻ:
ﻷﻥ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻫﻮ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺣﺼﺮﺍ،
ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺃﻥ ﻳﺼﻮﻍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻭﻥ ﻗﺘﺎﻟﻬﻢ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻳﺔ ﺻﺎﺭﺧﺔ،
ﻫﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﺀ
ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻞ ﻗﺘﺎﻝ ﻟﺮﻓﻊ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺟﻬﺎﺩﺍ ﻛﻤﺎ ﺑﻴّﻨﺎ،
ﻓﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ،
ﻭﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ – ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ،
ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺘﺎﻝ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ،
ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺧﻮﺽ ﻓﻲ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ.
ﺍﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳُﻐﻨﻴﺎﻥ ﻋﻦ:
ﺍﻟﻌﻤﻖ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ،
ﻭﺍﻻﻧﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ،
ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ
ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺃﺧﻼﻕٌ ﻭﻗﻴﻢٌ ﺃﻧﺒﻞ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻗﻴَﻤِﻬﻢ،
ﺗﺤﻮَّﻝ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﻇﺎﻟﻢ ﻭﻣﻈﻠﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﻇﺎﻟﻤﻴْﻦ
ﻭﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺃﻥ ﺗﻬُّﺐ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ:
ﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻭﻛﺮﺍﻣﺘﻬﺎ،
ﻭﺣﻘﻮﻗﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ،
ﻭﺛﺮﻭﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﺪﻭﺭﺓ،
ﻭﺃﻭﻃﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺎﺣﺔ
ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﺍﻳﺔ ﺩﻳﻨﻴﺔ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﻗﺘﺎﻟﻬﻢ ﺟﻬﺎﺩﺍ،
ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺤﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ،
ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺨِّﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، ﺃﻭ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ،
ﻓﻜﻞ ﺇﻋﻼﺀ ﻟﻠﺤﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ..ﻫﻮ ﺇﻋﻼﺀ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﺠﻨّﺐ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ..
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻄّﻒ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ – ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ –
ﺿﺪ ﻏﺎﺯ ﺧﺎﺭﺟﻲ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺒﺪ ﺩﺍﺧﻠﻲ،
ﻓﺎﻟﻌﺒﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ،
ﻻ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ
ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻧﺒﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﺠﺎﻫﺪﻭﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻭﺍﺣﺘﺴﺎﺑﺎ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻟﺤﻜﻤﻬﻢ،
ﻭﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﺀﺍﺓ ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺟﻌﺠﻌﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ.
#ﺛﺎﻧﻴﺎ:
ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻟﻢ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﻭﺭّﺹّ ﺍﻟﺼّﻒ،
ﻓﻬﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺪﻳﻦ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ..
ﺃﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻨﻮﺀ ﺑﻬﻤﺎ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﻣﺠﺎﻫﺪﺓ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜُﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻜﻔﻴﻬﺎ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﻳﺪﻭﻟﻮﺟﻴﺔ ﻣُﻨﻈّﻤﺔ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ..
ﻻ ﺗﻘﻮﻡ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺘﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ.
ﻓﻠﻦ ﺗﻨﺠﺢ ﻣﻨﺎﺯﻟﺔ ﻏﺎﺯٍ ﺧﺎﺭﺟﻲ،
ﻭﻻ ﺛﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﺒﺪ ﺩﺍﺧﻠﻲ،
ﺇﻻ ﺗﺤﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ، ﺗﻠﻤﻠﻢ ﺷﺘﺎﺕ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺗﻮﺣّﺪ ﺃﺣﺮﺍﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﻠﺐ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ.
ﻭﻟﻦ ﺗﻨﺘﺼﺮ ﺍﻟﻬﺒّﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ،
ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﺗﻴﺎﺭﺍ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﺟﺎﻣﻌﺎ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ،
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ “ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺤﺮِﺟﺔ”
ﻓﺎﻟﺠﻬﺎﺩ ﺟﻬﺪ ﺃﻣّﺔ،
ﻻ ﺟﻬﺪ ﺣﺰﺏ ﺃﻭ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻧﺨﺒﺔ ..
ﻭﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺟﻬﺎﺩﻳﺔ ﺍﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ ﻋﺎﻣّﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺗﻌﺎﻟَﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻭﺍﺗﻬﻤﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺤﺮﺍﻑ
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﺳﻊ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﻠﻴﻌﺔ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻀﺎﺭﺑﺔ،
ﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺿﻴﻖ ﺃُﻓُﻘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.
#ﺛﺎﻟﺜﺎ:
ﺇﻥ ﻗﺘﺎﻝ ﺣﻜّﺎﻡ ﺍﻟﺠﻮﺭ ﻻ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ..
ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺣﻘّﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﻏﻤﺎ ﻋﻨﻬﻢ،
ﻓﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ .. ﻻ ﺣُﻜﻤﻬﻢ،
ﻭﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﺮِﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﺴﺎﺑِﻘﺘِﻪِ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ
ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺷﻮﺭﻯ،
ﻭﻟﻸﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺣُﻜّﺎﻣﺎ ﻟﻬﺎ،
ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﺨﺘﺎﺭ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﺃﺑﺼَﺮ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤُﻜﻢ.
ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺒﺮﺍﻋﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻟﻴﺔ ..ﻣﺮﺍﺩﻓﺔ ﻟﻠﺒﺼﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ،
ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ..
ﺃﺷﺠﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ
ﻭﺃﺳﻮﺃ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ،
ﻓﻠﻜﻞ ﻇﺮﻑ ﺭﺟﺎﻟﻪ، ﻭﻛﻞ ﻣُﻴﺴَّﺮ ﻟﻤﺎ ﺧُﻠِﻖ ﻟﻪ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻄﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺃﻥ ﺗُﻨَﺼِّﺐ ﺣﺮﻛﺔ ﺟﻬﺎﺩﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ:
ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻟﻸﻣﺔ،
ﻣﺴﺘﺒﺪّﺓ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﺷﺄﻧﻬﺎ،
ﻓﺘﻔﺘﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ،
ﻭﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ،
ﻓﺘﺴﺘﺒﺪﻝ ﻇﻠﻤﺎ ﺑﻈﻠﻢ
ﻭﻫﻞ ﻇﻠﻢ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ:
ﺗُﻄﻠﻖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺃﻳﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻥ ﺃﻣّﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺭﺿﻰ ﻣﻨﻬﺎ،
ﺃﻭ ﻳﻨﺼّﺐ ﻓﺮﺩ ﻧﻔﺴﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻭﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﺎﺭ ﻣﺴﻠﻢ ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺓ ﻣﻨﻬﻢ؟!
ﻭﺃﻱ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻞ ﺿﺪ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ .. ﻣﺴﺘﺒﺪﺍ؟!
ﻧﻌﻢ، ﻳﺤّﻖّ ﻟﻠﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﻤﺘﻤﺮّﺱ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﺩﺭ ﺑﺎﺳﺘﻼﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺩﻭﻥ ﺗﻔﻮﻳﺾ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﻱ ﺑﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ،
ﻭﻗﺪ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﻣﺆﺗﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ،
ﻭﺑﻮّﺏ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻟﻸﻣﺮ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ:
“ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺗﺄﻣّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺇﻣﺮﺓ ﺇﺫﺍ ﺧﺎﻑ ﺍﻟﻌﺪﻭ”
ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺮﺑﻴﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻤﻴﻤﻬﺎ..
ﻣﻦ ﺟﻴﺶ .. ﺇﻟﻰ ﺃﻣّﺔ،
ﻭﻻ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ .. ﺇﻟﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺄﻣّﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺄﻣﻴﺮ ﺍﻷﻣّﺔ ﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ، ﻓﻘﺪ؛
ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺃﻣّﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ،
ﻭﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺍﺩ ﺧﺪﻣﺘﻪ.
#ﺭﺍﺑﻌﺎ:
ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ..
ﺃﻥ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ،
ﺃﻭ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻛﻤﻬﻢ ﺑﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ،
ﻓﻬﻢ ﺑﺸﺮ ﻳﺼﻴﺒﻮﻥ ﻭﻳﺨﻄﺌﻮﻥ،
ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ “ﺍﻟﺮﺃﻱ” ﻏﻴﺮ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ،
ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ “ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ” ﻏﻴﺮ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺔ .. ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺨﻄﺄ،
ﻭﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﻌﺪ ﺗﺒﻴّﻦ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺿﻼﻟﺔ
ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ .. ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻨَﻘﺪ،
ﺑﻞ ﻳﺠﺐ:
ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺧﻄﺌﻪ .. ﺇﺫﺍ ﺃﺧﻄﺄ،
ﻭﺍﻟﺘﺒﺮﺅ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ .. ﺇﺫﺍ ﺃﺳﺎﺀ.
ﻗﺘﺎﻝ ﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﻮﺭ ﻻ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺣﻘﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﻏﻤﺎً ﻋﻨﻬﻢ،
ﻓﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺣﻜﻤﻬﻢ،
ﻭﻻ ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﺴﺎﺑﻘﺘﻪ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻳﺔ”
ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺠﺎﻫﺪﻭﻧﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺄﻛﺮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ .. ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ،
ﻭﻗﺪ ﺗﺒﺮّﺃ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ، ﻓﻘﺎﻝ:
“ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧّﻲ ﺃﺑﺮﺃ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ” ﺛﻼﺛﺎ (ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ).
ﻭﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ،
ﻭﺃﻭْﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻭﻥ،
ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻣﺮﺍﻫﻦ ﺑﺮﻭﺣﻪ،
ﻓﻬﻮ ﺃﺟﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻴﺘﻘﺒّﻠﻪ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ:
“ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻃﻴّﺐ .. ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺇﻻ ﻃﻴّﺒﺎً” (ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ).
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻭﺧﻄﺎﻳﺎﻫﻢ – ﻣﻬﻤﺎ ﻋَﻈُﻤﺖ،
ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻤﺴﻮّﻍ ﺷﺮﻋﻲ ﻟﺘﻌﻄﻴﻞ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
ﻓﻘﺪ ﺗﺒﺮّﺃ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ،
ﻭﺻﺤّﺢ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺪﻓﻊ ﺩﻳّﺎﺕ ﺍﻟﻘَﺘﻠﻰ،
ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺑﻘﻰ ﺧﺎﻟﺪﺍ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻣﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ،
ﺛﻢ ﺃﺑﻘﻰ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ، ﺧﺎﻟﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺪﺍﺭﺓ ﺭﻏﻢ ﻣﺂﺧﺬﻩ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ “ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻋُﻤَﺮ ﺑﻌﺰﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ:
“ﻓﻤﻦ ﻳﺠﺰﺉ ﻋﻨّﻲ ﺟﺰﺍﺀ ﺧﺎﻟﺪ؟”
(ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ، ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ، 2/218 ).
ﻭﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺁﺧﺮ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ:
“ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﺷﻴﻢ [ ﺃﻱْ ﻻ ﺃُﻏﻤِﺪ ] ﺳﻴﻔﺎ ﺳَﻠّﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻭّﻩ”
(ﻣﺼﻨﻒ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، 5/547 ).
ﻓﻠﻢ ﻳُﻘِّﺮ ﺍﻟﺼﺪّﻳﻖ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ .. ﻭﻻ ﺑَﺮّﺭﻩ،
ﻟﻜﻨﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜُﻠﻴّﺔ،
ﻭﻗﺮّﺭ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻷُﻣّﺔ ﻣﻨﻜﺸﻔﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺧﻄﺮ ﻭﺟﻮﺩﻱ،
ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺗﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺪ.
ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤَﺴﻠَﻚ.
ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ..
ﻻ ﻳﻨﻘﺼﻬﻢ ﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ،
ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﻳﻨﻘﺼﻬﻢ ﺍﻟﺘﺒﻴُّﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ،
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮﻝ:
{ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺇﺫﺍ ﺿﺮﺑﺘﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺘﺒﻴّﻨﻮﺍ} [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: ٩٤]
ﻓﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻣَﻈﺎﻧّﻪ ﻋَﺼﻲٌّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﺘﻰ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ،
ﺇﻧّﻤﺎ ﺗﻬﺰﻣﻪ .. ﺃﺧﻄﺎﺅﻩ ﻭﺧﻄﺎﻳﺎﻩ،
ﻭﻳﺤﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ .. ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻬﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ:
– ﺑﺼﻴﺮﺓ ﺷﺮﻋﻴﺔ
– ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ