منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

الشفيع أحمد عمر يكتب : الأفعي..تتمطي إنها..سكرات..الرحيل ..الأخير

0

يظل الإتقان الحقيقي والميزة الرئيسة في الحرب ليس (بالضرورة) الفوز في كل معركة .. ولكن الفوز دون قتاال من خلال (الميز المتقدمة) والمتفوقة والتي يتكامل فيها عنصر الذكاء والمخادعة بدلا من القوة الخاام والمواجهات المباشرة ..
فالثعبان (يلتف) حول نفسه يحميها . ثم ما يلبث أن يلدغ فريسته ليفرغ سمه الزعاف . وهو بهذا الإلتفاف يكون أكثر شراسة وقوة وحماية لحياته .بفعل هذا (التكور) الصلب القوي ..
وحين تتمدد الأفعي طويلا . يبقي ميزان القوة عندها مختلا وتحكمها واهنا مضطربا مما يسهل قتلها وتقطيعها .
ذلك حال المليشيا المتمردة الآن تلتف حول نفسها في جزر منعزلة بأرض الخرطوم . ثم تمضي في ذات الوقت الي أقاصي دارفور البعيدة تتسلل عبر الفيافي والتلال والجبال القصية . وهنا .. يكون التكتيك العسكري المتميز والمدروس بعناية …
إن المقاتل الحاذق ليس هو الذي لا يعرف فقط متي يهاجم لكنه يعرف ايضا متي واين ينبغي له أن يكون (الأرض البيئة وتضاريس المكان) وكلها تمثل اهمية قصوي وإجبار العدو للاقتراب منه وايضا التكيف علي التكتيكات الدفاعية وفقا للموقف العملياتي اليومي ..والتراجع الي مواقف ومواقع اكثر تواترا ومناسبة ٠وإنشاء الحصون لمقاومة مواجهة العدو٠ والفكرة هنا تقوم علي أساس (أن أفضل
دفاع يمكن أن يؤدي إلي هجوم أقوي) وذلك من خلال التموقع الجيد والفعال .. وبالتالي إستنزاف العدو من الناحية العقلية و الجسدية .. و من ثم محافظة الجيش علي الطاقة الإيجابية والروحية لأفراده وكذلك علي المخزون العددي .(مثال …. كرري .. المهندسين .. المدرعات) فجيشنا الآن يعمل التقديم و التنقيب المستمر لرؤاه حول الإحاطة بخيوط ودهاليز هذه اللعبة المعقدة…
يعلم قادة الجيش إن فن إدارة الحرب ليس سهلا . ولا أمرا ميسورا . بطبيعة الحال بالتالي هم يكيفون خططهم وفقا للمعلومات الواردة و المتجددة ومن ثم يضعون تحريك قطعهم العسكرية وأفرادهم وفقا لإستراتيجات محددة .. (مثاال .. حاميات دارفور .. وجبل الأولياء) فالهم الجمعي للحرب حاضرا ويتغير وفقا لمتطلبات الواقع .ولكن من دون أن يحييد ذلك أو يؤثر .. من الوضع الكلي للخطط الموضوعة ..
مما سبق فإن الجيش ترك للمليشيا (خصوصافي الغرب) راحتها في التحرك والإنتشار بكل سهولة ويسر ..مع الوعي الكامل بمسائل مراقبتها والإحاطة والإستطلاع المتواصل عنها . فالجغرافيا هنا وفقا لتفكير الجيش هي أرضا مميتة والبقاء فيها يمثل ضربا من التهور . والتعصب الأعمي وإهلاكا لمقدرات المنظومة بكاملها مما جعل مسألة الإنسحاب من معظم الأرض تفكيرا صائبا و مهما …
إن إغراء الأفعي . وتقريب مواعين المائدة إليها يجعلها تلهث في سعيها والذهاب الي حيث مكان (الشواء) مما يجعل تفكيرها منصبا هنالك فقط ..دون فهما للبيئة المحيطة . ووضعيتها . فتمضي الي العمق لتلقي حتفها . في مواقع تجهلها . ولا تدري كيف تخرج منها …
مجمل القول فإن المعركة التي تدور الآن في السودان .. معركة بقاء ووجود . ومعركة تستخدم فيها كل الضروب الحديثة من الخبث والدهاء والمكر .. معركة غير أنها عسكرية فهي أيضا (لخنق) البلاد . والأحذ بتلابيب إقتصادها و تعطيل عجلة الإنتاج فيها وخلق مصاعب إجتماعية . ونزوح وتهجير ..فضلا عن إستنزاف الآلة العسكرية والإرهاق المستمر والمتتابع للجهد العسكري ككل.. بغية إنهاكه وتدميره ..بالتالي كان التحدي و النجاح في صياغة خطط مرنة و متغيرة تتكيف وتغلبات واقع التحديات الماثلة (فطالما كنت تعرف نفسك وتعرف عدوك ، فلن تخشي نتيجة مائة معركة) ..فهيجان الأفعي وهوسها الجامح . هو الذي يقودها الآن الي حتفها ..فقد استطالت مساحة المسير المرهق .. وأتعبتها دؤوب الفيافي البعيدة .. مما جعلها إلي الموت أقرب من أي وقت مضي ..وكلما بعدت (الحية) .. عن جحرها .. كان فأس الحطاب فيها أبلغ . و أمضي و يعمل عملة الموت الأبدي ..
الأفعي تتمطي . كأنها تغير جلدها ..لكنها سكرات الرحيل الأخير …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.