د.ليلى الضو أبوشمال تكتب : ماعشقتك لجمالك
لم يستهويني غيرك ولم اعرف الحب الا عندك ، بك اكتفيت وما ارتويت ،،حين ابتعد عنك احس أن رئتيي قد فقدتا الهواء،،، وكسمكة خرجت من البحر وهي لا ترضى بغيره سكنا،، اعيش في كنفك طمأنينة لم ألفها الا عندك،، فعلمت حقا أن الحب ليس الا للحبيب الأول .
لم تكن تلك المقدمة غزلا من عاشق في معشوقته تلك الفتاة التي أحبها،،حيث لا أدري لماذا حين نتحدث عن الحب يتبادر إلى الذهن عشق الرجل للمراة ذاك الحب الذي يتوهم ساكنيه أنه السعادة الحقة وأنه الحب الأبدي ،وأنه النهر الخالد الذي لا يجف نبعه، لكن ما اتحدث عنه نوع اخر من الحب نعرفه أكثر ونحن بعيدين عن المحبوب ،،انه حب الأوطان ذاك الحب الذي لايرتبط بدين أو قانون بل هو أمر فطري مزروع بالقلب وبالروح والوجدان منذ ان وعى الانسان وعرف أنه ينتمي لتلك البقعة الجغرافية …وان جعل الله سبحانه وتعالى محبة الوطن عبادة والدفاع عنه و الموت في سبيله يستحق به نيل الشهادة ، فالذي يدافع عن دينه و نفسه وبلده وأهله هو مجاهد وإن مات على ذلك فهو شهيد ( من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد)، وهذا دلالة على ضرورة الإنتماء لهذا الاحتواء الذي يسمى دين ووطن وعشيرة، ويطيب الحديث عن معشوقي السودان أرض طيبة ونبت طيب، ترى السماحة في وجوه أبنائه الطيبين أصحاب الشهامة والمروءة والكرم، أهل البساطة والتواضع والسريرة النقية حيث ما زال الكثير فيهم لم تلوثه ضوضاء المدينة وإن سكن فيها ، ولم تبدله معالم الحضارة الغربية وإن سافر لبلاد الفرنجة، ولم تنسيه قارورة المياه العذبة شربة ماء من نيله، كيف لا نحبه ويصير عشقنا الأبدي وهو الدفء الذي يحتوينا حين تنقضي تأشيرات العمل والزيارات ، وهو الحضن الذي يضمنا حين تضيق بنا برودة الاغتراب وآلام الاحتراب حين تضيق النفس بأضلعها،، هو كالام الحنون التي سهرت على أبنائها وعلمتهم كيف يمكن أن يبتعدوا ليسعدوا ولكن في اخر مطافهم يعلمون أن السعادة الحقة في قربها وكنفها .
حقا أتعجب لمن يسخط على وطنه ويسبه ويتمنى يوما يخرج منه ثم لا يعود اليه، كما أتعجب لمن خرج فأعجبته البلاد التي بلا طعم ولا رائحة، وأكل بلا مذاق، وهواء بلا نسمة عبرت من نيله إلى أنفاسه،، عجبت لمن أحب الهجرة منه وتمناها، وعجبت لمن يجلس في شواطيء وكورنيش مصنوع يحكي عن حال السودان وعدم الوطنية لشعبه وعن الحكام الفاشلون، ويا للعجب لمن يقول لن نعود للسودان الا عندما ينصلح حاله ،،بالله عليك تنتظر حقا أن ينصلح حاله؟ .
يوما ما سيكون السودان وطنا يسكنه مواطنا يستوطن حبه في قلبه وأراه قريبا وليس بعيدا .
عذرا يا سيدي إن سرقت عنوان قصيدتك( ماعشقتك لجمالك) وانت تتغنى بها للمحبوب دعني اتغنى بها لمحبوبي السودان
ولأن الجمال هو الذي عشقك ياوطني أردد فيك حبا واقول ما قاله نزار قباني
وطني يجاذبني الهوى في مهجتي
هو جنتي هو مرتعي هو مسرحي
أوى اليه وملء عيني غفوة
هو من أحلق فوقه بجوانحي
انا مرسل في غربة بمهمة
لا ارتجي الا الرضا هو مطمحي
في غربتي أحببت فيه احبتي
كل نسبح والحبيب بمسبحي
تسبيحه يعلو بروحي في السماء
وذكره مزج الهوى بجوارحي