منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

محفوظ عابدين يكتب : *(الفزع) مبادرة لحماية المجتمع*

0

مسارات
لم تكن الحرب كلها (شرا) أو كما قال أحد الحكماء ،وفي الحرب فوائد،وان يرى البعض أن (ضررها) أكبر من (فائدتها) وان كانت (الحرب) من هذه الناحية أقرب للخمر مثيلا.
والحرب التي يشهدها السودان كادت أن تكمل عامها الاول، وهي قد فرضت على الشعب السوداني الذي تحمل (بأسها) بكل شجاعة وصبر و(تأقلم) على الأوضاع الاستثنائية التي أفرزتها الحرب وفي مقدمتها الحالة (الأمنية) التي تشهدها البلاد.
ومثل (الحليب) أو (اللبن) الذي يخرج من بين (فرث) و(دم) لبنا خالصا سائغا للشاربين ،كما جاء في الوصف القرآني ،خرج من بين (صوت) المدافع و (أزيز) الطائرات و(صراخ) الاطفال والنساء و(ركام) الحرب ،خرج (رجال) بأنفسهم واموالهم (يساندون) الجيش ويدعمون معسكرات (الإستنفار) و(يكفلون) الأسر (الضعيفة) و(المتعففة) ،لا تعلمونهم الله يعلمهم.
ومن الرجال من قدم (المال) أو(النفس) ومنهم من زاد على ذلك وتقدم عليهم (درجة) وقدم( فكرة) لتصبح (مبادرة) تمشي بين الناس على (قدمين).
والمبادرة التي قدمها أبن شندي والتراجمة، السيد عبدالحي صديق الإدريسابي وهو شاب زاده الله بسطة في العلم والمال وراحة في البال ،(درج) على دراسة الأمور ( بتأني) ولا يستجعل (أمرا) إلا ما تبيح به (الضرورة) ويفرضه( الواقع) وهذا ما يدخل أحيانا في باب (الطواريء)
والحرب التي يشهدها السودان فرضت (واقعا) جديدا يتطلب (تعاملا) مختلفا مما سبق ايام الحرب ،وهذا ما جعل السيد عبد الحي صديق يتحسس هذا الأمر بشعوره (الإنساني) وحسه (الأمني) ليتقدم بمبادرة سماها مبادرة (الفزع) ، والفزع بالفهم العام لدى أهل السودان هو النجدة و(النجدة) أو (الفزع) قد يأخذ عدة أشكال حسب استغاثة (الملهوف) أو صرخة (المنكوب) أو أنين(الموجوع) ،وبهذا الفهم يأخذ (الفزع) في كل معانيه حماية المجتمع من الاعتداء أو الجوع أو المرض.
ولأن الحالة الأمنية هي التي تسيطر على المشهد في السودان كله بل محيطه العربي والافريقي.
كان البحث عن (الأمان) هو هم أهل السودان ،من هنا جاءت فكرة أو مبادرة (الفزع) لحماية اي مجتمع يستشعر الخطر أو تصدر منه استغاثة
نجدة
فالشعب السوداني الذي جبل على عمل الخير ،والامثال الشعبية تؤكد على ذلك (الصديق وقت الضيق) والأشعار العربية تأمن عليه
صديقي من يرد الشر عني
ويرمي بالعداوة من رماني
وفي التاريخ الإسلامي أصبحت تلك الصرخة التي صدرت من(إمراة) دليل على الفزع (وامعتصماه).
والحرب التي فرضت على السودان رمت ب(العداوة) و(الاعتداء) فلابد من رد (الشر) ولا سبيل غير (الفزع) وفي هذه الحرب قد تشكل (المقاومة الشعبية المسلحة) التي انطلقت مبادرتها أيضا من شندي ايضا (نواة) لهذا الفزع لحماية المجتمعات من أي اعتداء ،و(الفزع) في فكرته التي خرجت من بين يدي صاحبها عبد الحي صديق الأدريسابي غير مقيدة بمكان وزمان ،فزمانها ساعة إستغاثة الملهوف وصرخة المنكوب ،ومكانها اتجاه الصوت ،وموقع الاعتداء.
والمجتمعات القديمة والحديثة إبتكرت من الوسائل لحماية نفسها وحفظها من كل خطر، أن كان من عدو (متوقع) أو عدو (ماثل).
واليوم تخرج هذه المبادرة مبادرة (الفزع) لأن السودان في هذه الأيام والايام المقبلة أمام عدو (ماثل) وعدو (متوقع) ولا سبيل إلا ب(الفزع).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.