منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. نعمات الزبير البشير تكتب: *“ونفسٍ وما سواها “.. من تداعيات الحرب تأثير الصدمة النفسية على الأطفال*

0

ونفسٍ وما سواها
من تداعيات الحرب
تأثير الصدمة النفسية على الاطفال (traumatic stress in children)

د. نعمات الزبير البشير

يتعرض الاطفال مثل البالغين إلى مواقف او تجارب حياتية مخيفة وخطرة قد تؤدي الى اضطرابات نفسية مختلفة نتيجة الصدمة مثل اضطرابات التفكير والسلوك و العواطف وهناك فروقات تحدث عند الاطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية تختلف عن تأثير هذه الصدمات عند الكبار مثل ان الطفل يتأثر مباشرة بالصدمة النفسية ولكن عند الكبار قد تتأخر حدوث الأعراض لفترة من الزمن.

الصدمات النفسية وردة الفعل للأطفال تختلف حسب عمر الطفل ، فالاطفال الذين يتجاوز اعمارهم الخمس سنوات ربما يستطيعون الحديث ووصف الحادث والاحداث بطريقة دقيقة ولكن قد يجدون صعوبة في سرد الحدث بطريقة متسلسلة وقد لا يستطيع تذكر الزمن بدقه نظرا للتشويش الذي يحدثه الحدث في نفسية الطفل.

والأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن الأربع سنوات قد لا يستطيعون الحديث عن الحدث وكذلك لا يستطيعون الكلام عن الاحداث المروعة ولكنهم قد يستطيعون التعبير عن الأحداث باللعب او أحلام اليقظة او التذكر غير المباشر للأحداث.

و من التأثيرات عند الصغار ان يعاني الطفل بشكل كبير من خوف شديد من فراق والديه ويكون هذا بشكل مرضى يظهر بالتمسك بشكل كبير بوالديه والتشبث بهما وخصوصا في النوم معهم والالتصاق بهم وقد يمتنع عن الذهاب للمدرسة ويبقى معهم في المنزل وقد يتسبب هذا في غياب والديه او احداهما عن العمل لان الطفل يشعر بنوبات من الخوف و البكاء الشديد ظناً منه ان والديه سيتركانه وحيدا و عدم القدرة عن انفصاله عن والديه،، كما يخشى من الاختلاط مع من هم في سنه اعتقادا منه ان الحياة خارج نطاق المنزل مهددة له مما يحد هذا من اكتسابه لخبرات جديدة في حياته.

الطفل الذي يمر باضطرابات نفسية قد تحدث لديه اضطرابات في الاحساس، خاصه الشعور بالزمن فلا يعرف ان كان هو بالليل او النهار ، وقد تضطرب لديه حاسه البصر كذلك بمعنى انه يرى الاشياء بصورة غير ما هي عليه ( قد يراها مخيفة وهي ليست كذلك) وقد يصل الأمر إلى هلاوس بصرية وقد يعاني من هلاوس سمعية قد يسمع أصواتا مخيفة وقد تحدث لدى الطفل مشاعر خوف غير مبررة وتؤثر على حياته وتجعله يعيش حياته مليئة بالخوف والتوتر ومشاعر الإحباط الكبيرة التي تؤثر على علاقته بمن حوله،، كما يعانون من إحساس الشعور بالذنب خاصة إذا نجا من حادث مؤلم ولم ينجوا الاخرين.

الصدمات النفسية عن الاطفال قد لا ينتبه لها الأهل ويعجزون عن تفسير سلوكيات بعض الأطفال الذين تتغير سلوكياتهم بشكل لا يستطيع الاهل تفسيرها نظرا لان الطفل لا يفصح عن الصدمة التي تعرض لها وهذه مشكله كبيره إذا لم يستطيع الأهل معرفة الصدمة التي تعرض لها طفلهم وبالتالي لا يستطيعون طلب العلاج للطفل المصاب او المساعدة.

* أعراض ضغط الصدمة النفسية:
تكون استجابة الأطفال مختلفة للصدمة النفسية واحيانا الأعراض لا تظهر مباشرة بعد الصدمة فقد تظهر بعد ايام او أسابيع بعد الصدمة يجد الطفل صعوبة في النوم.

– احلام مخيفهطة وكوابيس.
– يكون الأطفال خائفين وقلقين.
– تظهر على الأطفال علامات التبول الليلي ومص الأصابع.
– يسيطر على تفكيرهم وسلوكهم ذكريات ما حدث.
– ضعف التركيز ويصبح الطفل متوترا وغير مطيع للتوجيهات.
– يعاني من آلام جسيمة مثل الصداع وآلام المعدة
هناك تأثيرات طويله المدى قد يعاني بعض الأطفال منها مثل الكئابة والقلق الذي قد يستمر لأسابيع ، قد تسوء حالة الطفل وتتدهور إذا استمرت الحاله لفتره طويله خصوصا إذا كانت الصدمة شديدة وخطيرة قد تؤدي الى فشل الطفل.

* اضطرابات ما بعد الصدمة (.P.T.S.D.)
تظهر بعض الخبرات المرعبة والخطيرة كتجربه الحرب مثلا ويقوم الطفل باسترجاع الاحداث (Flash back ) تستمر لبضع ثواني ويشعر الطفل بالرهبة ويتجنب التفكير بالحدث وما يرافقه من انفعالات بشكل متعمد او أي شيء له علاقه تذكره بالحدث وقد يكون الطفل مستفز ومستثار لاقل ضوضاء وقد لا يتسطيع الطفل التركيز بعدها ويجد صعوبة في الاستمتاع بهوايته واللعب مع أقرانه.

* كيف نقدم المساعدة
اهم شيء في معالجة الاضطراب هو تقبل الاضطراب والسماح للطفل التحدث عما حدث او تحفيزه للتعبير عبر الصور او الرسوم اذا اراد الاباء اما إذا تركنا الطفل بدون مساعدة ظناً منا انه سينسى ما حدث فإن ذلك أسلوب غير صحيح لان التحدث مع الاطفال يساعدهم على التعايش والتكيف الجيد مع الخبرة المؤلمة و سرد ما حدث بهدوء وتروي لتقييمه بشكل صحيح لكي يستعيد السيطرة على عواطفه وسلوكه ولكن من الخطأ اجبار الطفل على التحدث عما حدث ، وفي بعض الأحيان يجد الاطفال سهولة في التحدث مع الآخرين اكثر من ذويهم والمساعدة مهمة جدا لعودة الطفل لحالته الطبيعية وتقليل التأثيرات الضارة نتيجة بقاء تأثير ضغط الصدمة واذا كان أحد الكبار موجود في مكان الحدث مع الطفل فأنه ايضا يصاب بضرر الاضطراب ومن المستحسن إظهار ازعاجك وانفعالك لما حدث ولا تتوقع انهم يقلدونك في ذلك.

إذا ساءت حالة الطفل وتدهور سلوكه واذا استمر تأثير ضغط الصدمة لأكثر من شهر وصار القلق يمنع الطفل وعائلته من العيش بصورة طبيعية واداء اعمالهم الاعتيادية وحياتهم الطبيعية لزم عليهم عرض الطفل على اهل الاختصاص لمساعدتهم.

الصدمات النفسية تؤثر على الطفل والاهل والمدرسين في المدارس والاصدقاء وعرض الطفل على طبيب متخص قد يحمي الطفل من اضطرابات نفسية قد يعاني منها في المستقبل وقد تترك اثارا لا تمحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.