د. محمد بشير عبادي يكتب: المثالية
قطائف
المثالية تعني السعي نحو الكمال والتميز في كل مجال، لتحقيق الأفضل في كل جانب من جوانب الحياة.
ظهرت المثالية كفكر في العديد من الثقافات والفلسفات على مر العصور ولكن يمكن تتبع أصولها الفكرية إلى الفلاسفة الإغريق مثل “سقراط” ، “أفلاطون” و”أرسطو” ومن بين المفكرين كذلك، “كانط” و”جون ستيوارت ميل” ومن المفكرين المسلمين، “ابن رشد” و”ابن خلدون” و الإمام الغزالي”.
المثالية ليست موقفاََ محدداََ في الإسلام وإنما هي مفهوم يركز على السعي لتحقيق الكمال في كافة جوانب الحياة،يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزل اللّهُ ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ۚ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا” (القرآن، سورة المائدة، الآية 48).
بالحق أي: إنزالاََ بالحق ومشتملاََ على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه ومهيمناََ عليه أي: مشتملاََ على ما حوته الكتب السابقة وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفيسة، فاحكم بينهم بما أنزل الله من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلاََ عما جاءك من الحق، فتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، لكل منكم أيها الأمم جعلنا: شرعة ومنهاجا، أي: سبيلاََ وسنة وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال.
من ذلك يتضح أن مثالية الإسلام تظهر في أنه دين يوجب العدل ويحرم الظلم ويجعل من تعاليمه السامية وقيمه الرفيعة من المودة والرحمة والتعاون والإيثار والتضحية وإنكار الذات ما يلطف به القلوب ويؤاخي بين الإنسان وأخيه الإنسان وهو بعد ذلك يحترم العقل الإنساني ويقدر الفكر البشري ويجعل العقل والفكر وسيلتين من وسائل التفاهم والإقناع وهو لا يرغم أحداً على عقيدة معينة ولا يكره إنساناً على نظرية خاصة بالكون والطبيعة أو الإنسان وإنما يأمر لدعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال والجدال بالتي هي أحسن.
#منصة_اشواق_السودان