منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. ابراهيم البشير عثمان يكتب : في المسرح السياسي الدبلوماسي للحرب على السودان (3-6)

0

د. ابراهيم البشير عثمان يكتب :

في المسرح السياسي الدبلوماسي للحرب على السودان
(3-6)

الكتلة الرابعة :
الدعم السريع . وهو الموكل إليه – و بأسناد الكتل الثلاث المتحالفة – تنفيذ الهدف الاستراتيجي على الأرض : تفكيك الجيش السوداني بعد قتل قيادته ، و تلك هي المقدمة اللازمة لتفكيك البلاد كلها . فقد اوعزوا لقيادة الدعم السريع ، تحت أحساسها الطاغي بالقوة العسكرية و المالية ، معززين ذلك بوعود مغلظة ، إن يحظى استلاؤهم على البلاد بدعم يشمل العالم كله ، بما في ذلك اعتراف امريكا، و أوربا، و اسرائيل ، و دول عربية على رأسها الأمارات ، فضلا عما بات مضمونا لهم دعم و إسناد الاتحاد الأفريقي و الايقاد و توابع الكتلة الأولى في افريقيا . وبسطوا بين يدي حميدتي وشركائه و أسرته ، وهم الملاك الحصريون للدعم السريع ، رغائب لم تخطر على قلب أحد منهم . رغائب جامحة بقيام مملكة ثرية و قوية على انقاض دولة كان اسمها السودان !! أما حميدتي نفسه ، فأغدقوا له وعدا غرسوه في مدارك سمعه و بصره . وعدا بشجرة الخلد و ملك لا يبلى !!
لا يماثل ما وسوست به كتل هذا الحلف في روع حميدتي و عشيرته إلا ما وسوس به ابليس في اذنى آدم و حواء أذ اخرجهما من الجنة ، و دلاهما بغرور ليذوقا شجرة الرغائب الشيطانية حتى بدت لهما اليوم سوأة الكذبة الكبرى . و كأني بمن غرسوا في كيانه رغائب الملك العريض ، بنشدون اليوم مع من قال :
ما دمت يا أغبى الملوك صديقنا
فلنا بحسن غبائك استثمار !!

أردت مما سبق وضع القوى المنخرطة في حرب الشعب السوداني و جيشه في قوالب انتسابها المتساندة . وهذا – كما اقدر – شأن كل معالجة منهجية يقود تسلسلها المنطقي الى استلال الخلاصات المتأسسة على حقائق جلية تمشي على الأرض.

علينا جميعا ، قيادة و شعبا ، التأمل المتبصر ، في الاسئلة التقريرية التالية ، و التي بنيت على معطيات التوصيف المنهجي اعلاه . فأذا تحقق التجرد من كوابح و كلابيب و تغبيش الأنا ، سواء أكان ذلك الأنا حظ نفس او طائفة أو حزب أو قبيلة او أي كيان جزئي.. اذا تحقق ذلك فأن ما يتولد من خلاصات هذه الاسئلة ستبدو بدهيات منطقية.
أول هذه الأسئلة هو : من هو عدو اهل السودان الذي يقتلهم و يخرجهم من ديارهم و ينهب ما يملكون و يدمر مؤسساتهم التي أنشأوها عبر سبعين سنة بشق الأنفس. ومن يهتك اعراضهم ، و يبيع نساءهم سبايا في نخاسات أفريقيا في القرن الحادي و العشرين..
الجواب المكشوف الذي استبان لكل ذي بصر و بصيرة أن عدو السودان هو من ألف حشدا دوليا و اقليميا صنع من كياناته هذا الحلف الرباعي المشؤوم لانهاء وجود السودان ، بداء بتحطيم جيشه..
فتراكيب هذا الحلف بكتله الاربع هي التي تشن الحرب على أهل السودان بتضامن و تكامل و تناسق .
و لكل من مكونات هذا الحلف دور يناسب حاله . فمنهم من تولى التمويل و التسليح ، و منهم من تولى حشد المرتزقة و مباشرة أعمال القتل و النهب و الدمار و هتك الاعراض ، و منهم من تولى الدعم السياسي و الدبلوماسي على المستويين الاقليمي و الدولى ، و منهم من تولى الاصطفاف السياسي الداخلي و مهام الاستخبار و عمل الادلاء الذين يرشدون القتلة الى ضحاياهم و من يتولون ادارة الحرب الدعائية و النفسية.
فهل ترك هذا التشكيل العدواني لأهل السودان غشاوة تصرفهم عن رؤية مكوناته المتحالفة و المتساندة ؟ وهل من احد لا يزال جاهلا بالادوار المتناسقة التي تنفذها كل واحدة من مكوناته ، ضمن استراتيجيته الكبرى ؟ و هل من عاقل يمكن أن ينزل أيا من مكونات هذا التحالف الابليسي منزلة الوسيط النزيه المحايد ، كما تسعى اليوم امريكا و الامارات !؟ بينما تتولى بريطانيا عرقلة مظلومية السودان أمام مجلس الأمن و الهادفة الى ادانة حليفتها الأمارات بالاشتراك الجنائي في جرائم الحرب ؟

و ثاني الأسئلة هو : ما هي الغايات الاستراتيجية التي من أجلها تشكل التحالف المشؤوم ودارت من أجل تحققها عجلة هذه الحرب بكل ما اصبح شاهدا من قتل و سحل و دمار و دماء ؟
الاجابة هي : إن الغاية الأستراتيجية هي الاستيلاء الكامل على البلاد..على الأرض خالية من سكانها.. في أكبر تجربة استعمارية – استيطانية – استئصالية – احلالية في تاريخ أفريقيا . تجربة تقوم على ساقين هما: التفكيك..واعادة التركيب . او الابدال .. ثم الاحلال .
د. ابراهيم البشير عثمان
سفير سابق وأستاذ العلوم السياسية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.