منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ا د.إسماعيل الحكيم يكتب : لوساطة التركية ..مصالحة ..ام مصلحة ..

0

ا
د.إسماعيل الحكيم يكتب :

لوساطة التركية ..مصالحة ..ام مصلحة ..

تحمل الوساطة التركية التي لاحت في أفق الحرب السودانية في أحشاءها العديد من التحديات والتأثيرات ، إذ تعد الوساطة التركية لحل النزاع في السودان خطوة بارزة في الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء أزمة طالت تداعياتها على الصعيدين الإنساني والسياسي . لتأتي هذه الوساطة في سياق دبلوماسي حساس ومتعدد الأطراف ، مما اثار تساؤلات حول أهدافها وأبعادها ، لا سيما في ظل تطورات محورية على أرض الواقع لصالح الجيش السوداني وتطورات نجاح دبلوماسي سوداني خالص في كشف بعض العوامل التي تعيق الحلول السلمية.
إن الوساطة التركية ليست وليدة اللحظة ، بل جاءت نتيجة تراكمات وتوازنات إقليمية ودولية . ويمكن إستقراء ما يمكن أن تسفر عنه مع الوضع في الاعتبار عامل التوقيت الذي جاءت فيه ، ففي الوقت الذي
تصاعدت فيه الأزمة الإنسانية مع استمرار الحرب ، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في السودان ، فقد لاحت ضغوط دولية واقليمية بالتدخل لإنهاء النزاع . كما أن السودان يتمتع بموقع استراتيجي مهم في القارة الإفريقية، ويمثل محورًا حيويًا للتجارة والنقل بين إفريقيا والشرق الأوسط ولهذا البعد الجيو سياسي تأثيره الذي لا تخطئه عين . وقد أدى انشغال القوى الكبرى بمصالحها ، فرصة ذهبية لتركيا كلاعب يسعى لملء هذا الفراغ وتقديم نفسها كوسيط مقبول للطرفين .
دبلوماسياً نجاح السودان في كشف تورط بعض القوى الإقليمية، كالإمارات، في إطالة أمد الحرب ، زاد من الحاجة لتدخل أطراف محايدة . ومن هنا بدأت أهداف التدخل التركي واضحة حيث سعت تركيا لتقديم نفسها كقوة دبلوماسية فاعلة في المنطقة ، وقادرة على حل النزاع السوداني لان السودان يمثل لها سوقًا واعدًا وفرصة لتعزيز نفوذها في إفريقيا .
ولتحقيق التوازن مع القوى الإقليمية الطامعة في ثروات السودان فالوساطة قد تكون فرصة لتركيا لمواجهة نفوذ دول كالإمارات ومصر بل وامريكا نفسها ..
ومما لا شك فيه فإن هذه الوساطة لها تأثيراتها السياسية والاقتصادية والإنسانية والاقليمية ففي حال نجاحها تكون تركيا أعادت تشكيل التحالفات الإقليمية والدولية حول السودان وعززت من وقف الحرب وإنهاء الصراع ..
اما إقتصادياً تحقيق الاستقرار في السودان سيتيح لتركيا فرصًا اقتصادية، سواء من خلال الاستثمار أو تعزيز التبادل التجاري. وستساهم الوساطة في تقليل التأثير السلبي للنزاع على الاقتصاد السوداني.
اما إنسانياً فإنهاء الحرب سيخفف من معاناة المدنيين ويتيح للمساعدات الإنسانية الوصول للمناطق المتضررة.يمكن تركيا نفسها من تقديم المساعدات الإنسانية كجزء من استراتيجيتها الدبلوماسية.
مما يجدر ذكره ، إن
نجاح الوساطة التركية يزيد من ثقلها السياسي في المنطقة ويثبت جهودها في حل هكذا نزاع . وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة غير مباشرة بينها والإمارات، خاصة مع تأكيد السودان تورط الأخيرة في تأجيج النزاع.
وعلى الرغم من الفرص المتاحة، ألا أن هذه الوساطة تواجه تحديات كبيرة من أبرزها تعقيدات الداخل السوداني حيث تعدد الأطراف الفاعلة والمصالح المختلفة يجعل الوصول إلى حل شامل أمرًا صعبًا ، هذا من ناحية
و تورط أطراف إقليمية كالإمارات يجعل من الوساطة تحديًا يتطلب مواجهة الضغوط والتهديدات من ناحية أخرى . فضلاً عن أن الشعب السوداني يرفض اي تصالح أو تفاوض مع المليشيا مهما كان …
وأرى نجاح هذه الوساطة يعتمد على قدرة تركيا على بناء ثقة متبادلة بين الدولة السودانية وداعميها الدوليين ضد المليشيا ومن يقف وراءها داعماً .
إذن الوساطة التركية هذه تأتي في لحظة تاريخية فارقة ، تحمل في طياتها فرصًا وتحديات. نجاحها يعتمد على قدرتها على تقديم حلول مبتكرة وعادلة تحترم السيادة السودانية وتراعي التوازنات الإقليمية. وفي ظل النجاحات الدبلوماسية السودانية الأخيرة، تبقى مسؤولية الأطراف السودانية والمجتمع الدولي في دعم أي مبادرة صادقة لإنهاء النزاع هي الأساس لتحقيق السلام المستدام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.