صوت العقل عبدالبديع جعفر المكابرابي يكتب : حكاية عاصمة تأبى الانكسار
صوت العقل
عبدالبديع جعفر المكابرابي يكتب :
حكاية عاصمة تأبى الانكسار
الخرطوم قلب السودان النابض وروحه المتجددة لم تكن يومًا مجرد عاصمة تحوي مباني وأسواقًا وشوارع بل هي رمز للهوية الوطنية ومركز للحضارة والثقافة والتنوع كانت الخرطوم شاهدة على تاريخ طويل من النضال والصمود وموطنًا لأحلام الملايين من السودانيين الذين وجدوا فيها مصدر فخر وواجهة تعكس روح البلاد لكنها في لحظة مأساوية من التاريخ وجدت نفسها في قلب صراع مرير ودمار واسع ألقى بظلاله الثقيلة على حاضرها ومستقبلها
حين اجتاحت مليشيات الدعم السريع والجنجويد العاصمة لم تكن الخسائر مادية فقط بل كانت ضربة عميقة في وجدان السودانيين أحياءٌ دُمّرت ومستشفيات ومدارس ومنشآت حكومية وسكنية لم تسلم من أيدي الخراب في مشهد يعكس وحشية الدعم السريع وبشاعته التي لا تفرق بين الصغير و الكبير ولا بين المرأة والرجل
الخرطوم التي كانت يومًا ملتقى للأمل والتنوع تحولت إلى رمز للحزن والدمار تاركةً وراءها شعبًا يحمل أثقالًا نفسية ومادية هائلة
السودانيون الذين رأوا في الخرطوم قبلة طموحاتهم وجدوا أنفسهم في مواجهة واقع مؤلم حيث فقدت العديد من الأسر منازلها وتمزقت عائلات وامتلأت النفوس بمشاعر الخوف والقلق على مستقبلهم المدينة التي كانت تعج بالحياة والألوان أصبحت فجأة خالية في كثير من زواياها تروي حكاية جرح غائر في قلب الوطن لم يكن هذا الدمار مجرد تشويه للمعالم المادية بل كان هدمًا للروح الجماعية وضربة للثقة في قدرة الدولة على حماية رموزها وحفظ كرامة مواطنيها
لكن الخرطوم رغم كل ما مرّت به تأبى الانكسار فالمدينة التي بُنيت على صمود أبنائها لن تخضع لوطأة الخراب السودانيون الذين اعتادوا مواجهة التحديات بقلوب مليئة بالإيمان بدأوا في التكاتف من جديد يجمعهم حلم إعادة بناء مدينتهم واستعادة روحها التي تأبى أن تنطفئ الخرطوم ليست مجرد مدينة بل هي رمزٌ للأمل والعزيمة وشهادة على قدرة الشعوب على النهوض من تحت الأنقاض
رغم الدمار والدموع يظل الأمل حيًا في قلوب السودانيين الخرطوم ستنهض كما فعلت دائمًا وستعود لتكون كما كانت عاصمةً للأحلام والتطلعات ووجهةً تعكس روح السودان التي لا تنكسر لأن الخرطوم ليست مجرد مكان بل هي قصة وطن يرفض أن يُمحى وحكاية شعب يعرف كيف يزرع الأمل في أكثر اللحظات ظلامًا
نسأل الله النصر للقوات المسلحة وارجاع الخرطوم وغيرها من المدن لحضن الوطن.