بروف عبدالعظيم عبدالله يكتب : البيلاوى يا سر الهوى وعطر الأمسيات…
بروف عبدالعظيم عبدالله يكتب :
البيلاوى يا سر الهوى وعطر الأمسيات…
هى كسائر قرى الجزيره الممتده من الخزان حتى الضهارى ومن البادوب حتى الباجور…تنام البيلاوى على ضفاف الهمم الرفيعه التى صنعها مواطنوها أصحاب الجباه العاليه والوصف الرفيع..وهم يزينون الحياة بصفاء القلب وصدق النوايا وكريم الأخلاق والإحسان…. يصنعون فى ازقتهم مسارات للخير ويفرشون بساطا أجمل من الجمال فتجد الخير كل الخير فى علاقاتهم ووصاياهم…وحين تدخل فى بيت من بيوت فرقانها المتلاحمه والمتزاحمه وتجد فرحا وعرسا زاهيا سوف تعلم حتما أن لا تمييز فيه بين أهل المناسبة ومن يقطن فى طرف آخر يبعد فى المسافه لكنه قريب من الوجدان….الشجن فى البيلاوى يخالط الحب والطْيّب فيها كثير وممزوج بالخير ..كل شيء فى قريتى يقف معتدلا كما سيقان القمح والقطن طويل التيله….وأجمل ما فيها صوت صغارها واطفالها وهم يكتظون أمام منقد به كفتيرة شاي لتحملهم من أوجاع البرد إلى دفء الأسره ولبن الغنيمات التى هى نعيم من خير متوارث….وكثير من الذكريات التى رسمها شاعر الطمبور الجميل:
“ﺑﺘــــﺬﻛّﺮﻙ ﻳـــﺎ ﻳﻤــﻪ
ﻓـﻲ ﺍﻟﺪﻏــﺶ ﺍﻟﻨﺴـﺎﻳﻤﻮ ﻳﻬﺒﻬﺒﻦ
ﻗـــﺎﻳﻤﻲ ﺍﻟﺼــــﺒﺎﺡ ﻣﺘﻜـــــﻔــﻠﺘﻲ
ﻭ ﺷﺎﻳﻠﻲ ﺍﻟﺤــﻠﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺡ
ﺟـــــﺒﺘﻲ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﺑـــــﻲ ﺇﻧﺸــــﺮﺍﺡ
ﻭ ﺍﻟﺴــــﺎﻋﺔ ﺩﻳـــﻚ
ﻳــــﺎ ﺩﻭﺑـــﻮ ﺩﻳــﻜﻨﺎ ﺑــــﺪﺍ ﺍﻟﺼـــﻴﺎﺡ
ﻭ ﺍﻟﻄــــﻴﺮ ﺻﻐـــــﺎﺭﻭ ﻳﻐـــــــﺮّﺩﻥ
ﻭ ﺇﺗﺬﻛّـــــﺮﻙ ﻳﺎ ﻳﻤﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﻬﺠﻴﺮ
ﺻﺎﻻﻛﻲ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﺪﻭﻛﻲ ﻋﺴﺘﻴﻠﻨﺎ ﺍﻟﻔﻄﻴﺮ
ﺭﺷـــــﻴﺘﻲ ﻗﻠﺘــــــﻲ ﺍﻛــﻠﻮﻫﻮ
ﺧــــﻴﺮ”
……
فى ازقة البيلاوى شهدنا أجمل ماقيل فى الأحاجى وكأنها قصص ألف ليله وليله…لعبنا شليل والرمه وحبّاسها…مزقنا قوانين الطبيعه وأكتسبنا مناعه لا تُقاوم … مناعة من الربو والنزلات والحميات…زارتنا الملاريا وغادرتنا مهزومه ومكسورة الخاطر..عبثنا بالتراب ولم تصبنا عله كما الذى يطرأ على صغيرى الجميل منيب عبدالعظيم…تحت سماءها ودون ضجيج كانت الأمنيات تصارع الكلمات…وكأن لسان حالهم يقول:
“غنيمات الحنين والنوح
بتآكل في عشم لقياك
اهشها بي عصاية الشوق
تقع محصول هواي بالليل
تعدمو حبة القمحه
ال تطمن جوعة القمري”
والقمرى(بضم القاف وسكون الميم) يسكن بيننا والبلوم (بفتح الباء وضم اللام) أجمل من القمرى وأشجار عكاشه والشكيرى سكنا آمنا لهما….أناديك وأناجيك يا أجمل الديار وفى خاطرى أبى وعزيمة الرجال الأخيار.. تعلمنا منه سمات الصالحين وقرأنا وِردْ من أتقن الصبر لن تكسره الحياة…لم يقرأ أبي جامعة الخرطوم ولا يعرف أنها جميله لكن المعضلات يسهل حلها فى دفاتر والدى وأقرانه الأخيار…تعلمنا منه