قيد في الأحوال لواء شرطة م عثمان صديق البدوي يكتب : *الشرطي ( عكرمة ) الذي خاض الملحمة*
قيد في الأحوال
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي يكتب :
*الشرطي ( عكرمة ) الذي خاض الملحمة*
العريف شرطة ، عكرمة بلّه سليمان ، المُلقّب ب( قرن ) ، كان يعمل هذا البطل قبل الحرب ، بقسم شرطة سوق أمدرمان ، ومع انطلاق أول طلقة في معركة الكرامة ، إنطلق بدافع الوطنية الحقّة المخلِصة السمحة الباذلة ، ودفع بنفسه داخل حوش الإحتياطي المركزي ، المجاور ، قطاع أم درمان ، وشارك مع الوحوش أشرف ساحات النِّزال ! . هذا الفارس ، مِن كاتب بلاغات ، يجيد الوصف في دفتر الأحوال ، دخل معسكر الإحتياطي المركزي ، بكل رغبةٍ وطواعية ، وخبر كل فنون القتال ! ، حيث ظل يصابح ويماسي الدوشكا ، بكل شجاعةٍ وكفاءةٍ واقتدار ! ، بل ذهب إلي أبعد من ذلك حين اكتشف زملاؤه ، بالإضافة لموهبة “التنشين” والتسديد ، أنه يجيد صيانة الحديد ! ، حيث كان يُؤتَي إليه بكل سلاح مُعطل ، وإعادته بفعالية ، وكأنّه جديد ! .
وهو سعيد مع نفسه ، علي ذاك الحال ، يخرج مع المتحرك كلما دعا الحال ، إذ يصاب في إحدي معارك سوق أمدرمان ، تلك الدائرة الإختصاصية ، التي كم عشق فيها عمل الدوريات الليلية .
تم إسعاف عكرمة وتم علاجه ، لكنه لم يلبث أنْ قام وانضم للقوة ، وخرج مع أول متحرك رغم الإصابة . ويصاب للمرة الثانية في معارك تحرير الإذاعة ! …. ويتعافي ، ويرفض المكوث في العنبر ! … ويخرج ! .. ويسرع للميدان للمرة الثالثة! ، لتحرير منطقة العزبة ! ، وهناك سطر موقفاً بطولياً ، مازال يتحدث عنه أقرانه ، وهو يجول الصفوف إذ يُصاب بكُسور مركّبة في قدميه !… ويترجّل الرجل عن ساحة القتال ، ومازال الأمل يحدوه ليشفي ويعود !… لكن كان لابد من إجراء عملية كبيرة مستعجلة ، لاستئصال الرجلين !، وهو لايدري ، ونفسه تحدثه علي أمل اللقاء في ساحات اللقاء !، وهو محمولٌ إلي غرفة العمليات ، نادي قائده بكل ثباتٍ وصمود ! ، مطمئناً نفسه ومن حوله قائلاً : يا جنابو أنا بعمل العملية دي وبجيكم طوّالي ما بتأخّر )! ، وهنا توزّعت الإبتسامات التي غطّت علي الدمعات من زملائه حوله ! ، ولسان حال كل منهم يقول ” ورا البسمات كتمت دموع ” !!… لكنها…لكنها .. بسمات ودموع يختلف موقفها تماماً عن تلك التي تعلّم الشباب فيها من الأيام !.. وعن هذه التي تعلموا فيها من ويلات الكرب ومواجهة أعداء ومرتزقة لئام !.
وحتي لا نظلم المئات من ضباط وصف وجنود الشرطة المجهولين، أوصى ، وفي صفحة دفتر أحوالي هذا بالآتي :
() تشكيل لجنة من رئاسة الشرطة لحصر كل المشاركين في معركة الكرامة من منسوبي الشرطة ، الضباط ، والصف ، والجنود، المتطوعين.
() تعتمد اللجنة في وقائعها علي شهادة القادة المشاركين في ميادين القتال ، والمرابطين في المعسكرات والإرتكازات .
هذا الإجراء الذي يجب القيام به سيميز الذي شارك فعلاً في حرب الكرامة ، متطوعاً ، من الذي لم يشارك . لأنّ هناك عشرات الشهداء والجرحي ، لا تعرف وحداتهم وأسرهم عنهم شيئاً ، إلّا بعد إعلان نبأ إصاباتهم ، أو استشهادهم في وسائل التواصل !.
وحتي تقوم الدولة بواجبها كاملاً تجاه الجريح والشهيد ، يجب القيام بتشكيل هذه اللجنة وفوراً .
التحية الخاصة للبطل الصنديد “عكرمة” ونسأل الله له إتمام الصحة والعافية . وجعل الله كل ذلك في ميزان حسناته.
والجنة والخلود لشهداء الواجب والوطن.
نصرٌ من الله وفتحٌ قريب
لواء شرطة م
عثمان صديق البدوي
22 فبراير 2025
قيد رقم (331)