رأس الخيط عبدالله اسماعيل يكتب : *الفريق أول مفضل.. الصمت الذي امضى من الكلام !!*
رأس الخيط
عبدالله اسماعيل يكتب :
*الفريق أول مفضل.. الصمت الذي امضى من الكلام !!*
في زمن ازدحم فيه المشهد السياسي والأمني بالضجيج والادعاء ظهر اسم السيد *أحمد إبراهيم مفضل مدير عام جهاز المخابرات العامة* كعلامة فارقة.. صامتة ولكنها ناطقة بأفعالها.. متألقة بإنجازاتها وراسخة كجبلٍ لا تزعزعه الرياح.
عرف عن مفضل أنه رجل حاسم وجاد وصبور.. *وطني حتى النخاع*.. يعمل في صمت العارفين الذين يؤمنون أن أبلغ الحديث عن الرجال هو أثرهم لا أقوالهم. صعد في سلم الجهاز حتى رأس إدارة الأمن المركزي ومنها إلى ولاية جنوب كردفان.. واحدة من أعقد بقاع السودان، الجريحة بأربعة عقود من الحرب والانقسام *فكان لها الوالي المداوي والسند المخلص الذي أعاد للناس ثقتهم في أنفسهم ووطنهم.*
في جنوب كردفان… لم يكن الحاكم الغريب الذي يراقب من برج عاجي بل صار جزءا منهم.. جلس على الأرض معهم.. زارهم في مضاربهم وحمل همومهم كما يحمل الجمل زاده عبر الصحراء. أحبوه وأحبهم وظل حبل الود ممدوداً حتى بعد مغادرته منصبه. تلك كانت تجربة من نور ترك فيها أثراً طيباً لا يمحوه الزمن ورسّخ قاعدة *أن الأمن الحقيقي يبدأ من الإنسان، من احترامه وخدمته لا قهره.*
*في فلسفة مفضل*.. الوطن ليس حدوداً ترسمها الخرائط بل *انتماء عميق يختصر القبيلة والجهة والمنطقة كلها في كلمة واحدة-السودان.* كان ولا يزال ينتمي بكليته للوطن متجرداً من النعرات الصغيرة ثابتاً على خط الدولة.. يراه الجميع مخلصاً للسودان لا لسواه *ومؤمناً أن الانتماء للوطن أكبر من كل الروابط الأخرى.*
حين جاءت *قوى الحرية والتغيير* حاملة في جعبتها خيوط الأجندة الخارجية سعت بكل قواها لتدجين الجهاز الأمني.. لإضعافه، لتفتيت صموده حتى يصبح الوطن لقمة سائغة للمتربصين. نادت بحله وعملت على تسريح رجاله فأصاب جهاز الأمن الوهن فترنحت الدولة بين أمواج الفوضى.
*في ذاك الظلام*… عاد *مفضل نائباً للمدير العام* ثم مديراً عاماً، واضعاً نصب عينيه مهمة شبه مستحيلة: إعادة بناء الروح قبل أن يعيد بناء الجهاز.
*فتح صدره للضباط وضباط الصف والجنود.. أحاطهم بثقة صادقة ففتحوا له قلوبهم وعاهدوه أن يعودوا جميعاً سداً منيعاً للوطن. *كان يعرف أن المعركة الأولى هي معركة الثقة بالنفس.*
تحت قيادته.. *تصدى الجهاز لمحاولات الاختراق الخارجي.* حشد *مفضل* رجاله كما يحشد القائد جيشه.. سلاحهم الإيمان ودرعهم الوطنية. في *ملحمة الكرامة* كانوا أسوداً لا تلين.. لم تعرف صفوفهم مهادنة للعدو ولم تلوّث أياديهم صفقة خائنة.. قدموا الجرحى والشهداء والمفقودين وصدح شعارهم في كل وادٍ:
*نموت نموت ويبقى الوطن.*
الجهاز تحت قيادته قرأ المؤامرة بعيون مفتوحة: تآمر دولي.. أجهزة استخبارية تعمل فوق الطاولة وتحتها.. تحالفات خفية تحيك الدسائس وكان الرد بحجم الهجمة: *مقاتلون في الميدان وعقول تبتكر خطط المواجهة في الظل واختراقات تكسر ظهر التآمر من داخله.
*ومفضل؟*
لا يتحدث كثيراً. لا يحتاج أن يفعل. صمته أفصح من خطابات السياسيين.. وفعله أثقل من قناطير الشعارات. يقاتل في الميدان الأمني وفي جبهات العلاقات الدولية.. يحصّن الجبهة الداخلية ويحفظ للوطن مكانته بين الأمم.
مفضل هو رجل الدولة الأمين الذي شكل مع القيادة العليا للدولة نموذج الفخار.. مفضل يعرف متى يتكلم ومتى يصمت.. متى يضرب ومتى يحمي.. متى يلين ومتى يشد. يفهم أن العمل الاستخباري ليس للأضواء بل للنتائج.. ليس للخطابات بل للحقائق.
رجل يصنع الفارق وهو مختفٍ خلف ضوء إنجازاته.
وفي زمن قل فيه الرجال الذين يضحون بكل شيء لأجل وطنهم وقف المدير العام ورفاقه سداً منيعاً.. *نسوا ذواتهم وتفرغوا للوطن فكانوا رجاله حين عز الرجال.*
اليوم، يحتاج السودان إلى *مفضل* أكثر من أي وقت مضى.
فالأوطان لا تحميها الشعارات الرنانة *بل يحرسها أبناؤها الصادقون* الذين يعرفون معنى أن تكون الأرض وطناً وكل الشعب أهلاً.. *وان السيادة عرضاً لا يمكن ان يفرط فيه.*
*وهكذا سيظل الفريق اول أحمد إبراهيم مفضل…*
*صوت الصمت الذي دوّى في ميدان الوطن*..
ورمز الوفاء الذي لا يصدأ.
27 أبريل 2025