منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

ألسنة وأقلام بابكر إسماعيل *رؤيا الحكيم*

0

ألسنة وأقلام

بابكر إسماعيل

*رؤيا الحكيم*

أثار الشيخ محمد هاشم الحكيم جدلاً واسعاً في الرأي العام السوداني بسبب ما نسب إليه من رؤيا منامية للنبي طالب فيها النبي حسب قوله الجيش بالتفاوض مع المليشيا المجرمة.. وحسب علمنا وتصريح الشيخ فإنّ النبيّ لم يطالب حماس بالاستسلام للكيان الصهيوني المغتصب ولا ندري إن كان ذلك سيأتي في رؤيا منامية لاحقة أم لا ؟

ومما يستحق الذكر أنه منذ إعلان المنامة في يناير ٢٠٢٤ ودولة الأمارات المتآمرة ضد السودان تلهث من أجل إيجاد موطيء قدم لمليشيا اللصوص داخل المعادلة السياسية السودانية .. ولكن جيشنا الكرّار الأبيّ يتمنع .. ويتناسب تمنعه طردياً مع تقدمه في ميدان القتال والذي رافقه تراجع لمليشيا المجرمين نحو تخوم كردفان ودارفور واندحارها المتسارع ..
وقد بلغ هذا التمنع أقصى مداه في أغسطس من العام ٢٠٢٤ قبل شهر واحد من بدء الجيش خطته الهجومية التي أدّت لتحرير الخرطوم وولايات الوسط فقد رفضت قيادة الجيش في أغسطس الماضي المشاركة في مؤتمر جنيف للسلام رغم الضغوط التي مارستها عليه القوى الغربية والإقليمية وقد هيأت الأمارات الدعم السريع ذلك المؤتمر ليكون حفل جرتق للمليشيا ويعقبه زواج متعة ومسيار للسلطة في السودان حيث تشارك المليشيا بعد الاتفاق في تسيير شئون الدولة بالنهار وتمارس إجرامها المعروف ليلاً والذي يشمل نهب البيوت وإزهاق الأرواح وخطف المواطنين لأغراض الفدية واغتصاب النساء وسبيهنّ الخ .. من الأعمال الإجرامية الراتبة لدى مليشيا الشفشافين والتي تدعمها دولة الأمارات وربائبها من قحت وتقدم وصمود وتأسيس وودٍّ وسواعٍ ويغوث ونسرٍ وبعض قادة دول الجوار المرتشين.

أيقنت دولة الإمارات أنه بعد أن رفع السودان دعوى قضائية ضدّها لدى محكمة العدل الدولية فأنه لا سبيل لإقناع السودانيين بقبول التفاوض مع مليشيا اللصوص بغرض إشراكها في حكم البلاد إلا بأساليب مبتكرة منها:
١/ محاولة اغتيال رأس الدولة وقائد الجيش
٢/ تدمير المرافق الحيوية بالمسيّرات الاستراتيجية وضرب العاصمة المؤقتة ببورتسودان وإحداث الأزمات بضرب مستودعات البترول ومحطات الكهرباء والمستشفيات لتعويق عودة المواطنين لديارهم في الولايات المحررة
٣/ القيام بنشر الأوبئة مثل الكوليرا أو تضخيم وتهويل آثارها لنفس الغرض
ومن المحيّر أنّ انتشار الكوليرا حدث في مناطق متباعدة من السودان وفي ظل انعدام المواصلات وأزمة الوقود الطاحنة فإنّ ذلك يثير كثيراً من الشكوك حول أن كان نشر الوباء تم عبر حرب بايولوجية مدبّرة أم لا ؟
٤/ ولا ندرى كذلك إن كانت الرؤى هي جزءاً من الخطة الأماراتية للضغط على الشعب السوداني لقبول المليشيا أم لا؟ فمعروف عن الشعب السوداني أنه يحب الرسول صلي الله عليه وسلم كما أن للرؤى تاريخ راسخ في حكم السودان مثل الرؤى والمخاطبات التي كان يتوهمها عبد الله ود تورشين الذي خلف محمد أحمد ود فحل في الحكم الجنجويدي الأوّل في القرن التاسع عشر وبسبب تلك الهلوسات هُتكت أرواح ونُهبت أموال وضُيّعت حقوق واغتُصبت نساء محصنات حرائر تماماً كما تفعل المليشيا المجرمة الآن .. فمن شابه أباه فما ظلم .
ومن أشهر رؤى الحكم السودانية هي رؤيا عبد الرحمن البرهان وفيها رأى أنّ ابنه عبد الفتاح سيحكم السودان .. وبوركت قحت التي صدّقت رؤيا البرهان الكبير وأجلست ابنه على الكرسي الوثير .. وهي لعمرى رؤيا مباشرة لا تحتاج إلى تأويل كرؤيا يعقوب لابنه يوسف الذي صار عزيزاً لمصر بعدها ..

الشيخ محمد هاشم الحكيم داعية معروف وداعم للجيش كما سبق للجيش أن دعم الداعية كذلك وذلك حين تكفّل قائد الجيش بعلاج ابنته حسناء الحكيم في مستشفى علياء التابع للقوات المسلحة وأكملت علاجها على نفقة الجيش بالمملكة السعودية لذا فالداعية والجيش بينهما خطوط تلاقٍ وودّ معلوم وأيادٍ سلفت وديون مستحقة ..

وينتسب الشيخ محمد هاشم الحكيم لأسرة الحكيم المعروفة التي جاء جدهم الأكبر الدكتور أحمد يوسف الصديق للسودان في العام ١٨٤٠ وهو من مواليد العام ١٨٠٨ ببلدة ههيا بمحافظة الشرقية المصرية وكان يعمل طبيباً برتبة الرائد (البكباشي) بالجيش المصري الغازي وعمل الحكيم في وظيفة الحكيمباشي (أو كبير الأطباء) ومديراً طبياً لمديريتي دنقلا وبربر في حكومة الاحتلال المصري التركي الأوّل وأيضاً أسّس مستشفى بربر .. ومعلوم أنّ المليشيا تستهدف الأسر التي ترتبط جذورها بمصر مثل أسرة الحكيم ..
وتطلق على المصريين تهكماً لقب أولاد فوزية ويعتبرون كل سوداني ذي أصول مصرية من الأهداف المشروعة للقتل بالهوية وإضافة لهؤلاء فإن المليشيا المجرمة تقتل على الهوية كل منسوبي قبائل الجعليين والشايقية والدناقلة.

الشيخ محمد هاشم (الحفيد) داعية معروف وهو القيّم على كرسي المالكية للعلوم الشرعية في المجلس الأعلى للعلماء الأفارقة وبحكم موقعه العلمي المرموق فهو بالضرورة يعلم حكم المذهب المالكي في رؤيا الرسول المنامية وأنها لا تنبني عليها أي أحكام شرعية وبذا قالت جموع العلماء .. فقد ذكر ابن العربي وهو من كبار علماء المالكية أنّ “رؤيا النبي ﷺ في المنام حق، ولكن لا يُعوَّل عليها في الأحكام الشرعية، لأنها ليست وحيًا بعد وفاته”.
ونحن نرى أنّ وصف الصدق المرتبط بالرؤيا هي حقّ في حدوث جنس الرؤيا لأن الشيطان لا يتمثّل بسيدني الرسول ولكن لم يتطرق الحديث لوجوب العمل بمقتضى الرؤيا من أفعال أو أقوال كما يحاول أن يؤمي لنا السيد محمد هاشم الحكيم غفر الله له.
وقد جاء عن الإمام مالك أنه كان يرى النبيّ صلي الله عليه وسلم كل ليلة في منامه ولم يحتج الإمام مالك بأي حديث منامي عن النبي في شأن خاص أو عامّ ولم يدرج الإمام حديثاً منامياً واحداً في موطئه الشهير ..
كما أنّه لم يردنا أنّ النبيّ ظهر في المنام لعليٍّ أو معاوية رضي الله عنهما يأمرهما بوقف الحروب التي دارت بينهما والتي مات فيها كثير من الصحابة الأفاضل ومن أشهرهم طلحة بن عبيد الله (وهو من العشر المبشرين بالجنة) وقتل الإمام على نفسه على هامش تلك الحروب ..

وقد ورد في سيرة النبيّ صلي الله عليه وسلم إنّ شباب الأنصار الذين كانوا متحمسين للقاء المشركين في غزوة أحد عارضوا رأي الرسول ﷺ الذي كان يرى البقاء بالمدينة وانتظار الجيش الغازي وبنى هذا الرأي على رؤيا منامية رآها وأوّلها الرسول ﷺ بقتل أصحابه في أحد .. ولكن عندما رأى حماس الجيش نزل الرسول الرءوف الرحيم ﷺ على رأي جيشه الذي كان يتشوّق جنوده لقتال قريش كما يتشوّق جنودنا لقتال قريش العصر وعطاوته ومغوله المجرمين ..

لذا لا ندري ما هو هدف الشيخ هاشم من نشر مثل هذه التسجيلات المثيرة للجدل والبلبلة والحرب في خواتيمها التي نعلمها جميعاً ولا نحتاج لرؤيا لتقول إن الحرب انتهت؟
كما لاحظنا أن الشيخ ساوى بين الجيش والمليشيا بإشارته للآية:
“وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ” سورة الحجرات – الآية  ٩
ووصفه للجيش والدعم السريع المتمرد بالطائفتين شبيه بوصف القنوات الإخبارية المتصهينة للجيش والمليشيا بطرفي النزاع فقد درجت هذه القنوات على عدم توصيف القتال بأنّه تمرد قوات الدعم السريع على القوات المسلحة والدولة السودانية وعموم شعب السودان ..
وقد فات على الشيخ أنّ بقية آية الحجرات فيها قوله تعالى ” فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي” وفي الحقيقة الدعم السريع لم يبغِ على الأُخرى فحسب بل بغى وما زال يبغي على الجيش وعلى عموم أهل السودان قتلاً وتشريداً وسرقةً ونهباً واغتصاباً للحرائر وسبيهنّ وبيعهنّ في أسواق الرقيق .. فمليشيا اللصوص هي طائفة باغية مارقة لا يصلح معها إلا الوصف الشرعي الوارد في آية الحرابة:
“إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” الآية ٣٣ – سورة المائدة

وإذا رجعنا للتسجيل المبثوث عن رؤيا الحكيم الحفيد فإننا نجد أنّ روايته للقصة مضطربة وغير جازمة بحدوث الرؤيا فحسب تعبيره أنه ذكر في نومته تلك في يوم الجمعة الماضية أنه علم بوجود الرسول صلي الله عليه وسلم في صالون مجاور للمسجد ولم يطلب منه أحد الحضور واقتحم الجلسة ووجد مع من ظنّ أنه النبيّ جماعة يرتدون الجلاليب السودانية .. فجلس بقربه .. ولم يذكر في روايته أنه رأي الرسول بوصفه المعلوم الوارد في السنة .. والوصف كما هو معلوم عند العلماء من أهم شروط تأكيد صحة الرؤيا وحسب قول محمد هاشم أن الرسول (أو الشخص الذي رآه) ذكر كلاماً كثيراً لم يعِ الشيخ منه سوى قوله بانتصار الجيش ووجوب تفاوضه مع الدعم السريع أي باختصار أنه حسب زعم السيّد محمد هاشم الحكيم فإن نبيّ الله يؤيد معسكر القحاطة السيداويين الذين يرفعون شعار “لا للحرب”. وهل يعقل لجيش منتصر أن يفاوض مليشيا مجرمة من أجل اقتسام السلطة وحكم البلاد.. ؟!!
لكن عاد ما بالغت يا شيخ ..

فشدّ حيلك يا ابن البكباشي واكرب قاشك وبطّل المجمجة .. فإن الرؤيا التي نفثت في روعك تشبه نفث شيطان العرب فاتفل عن يسارك ثلاثاً وتعوّذ بالله منه ..
أو فأصّل لنا رؤياك كما يفعل السلف وذلك بإكمال وصف النبيّ وذكر هيئته التى رأيتها كاملة فحكاية “علمت بوجود النبيّ في المجلس دي لم ترد في روايات السلف عن رؤيا النبيّ”
وكذلك أنت لم تتذكر كل الكلام الذي قاله الشخص الذي جلست بقربه في تلك الرؤيا وقلتَ إنه قال كلام كتير وإنّك لم تعِ كلّ ما قاله وهذا نفسه يضعف رؤياك ولا يجعلها ذات قيمة ..

وحتى إن غلّبنا حسن الظنّ ووضعنا احتمال صدق رؤياك فإن الشعب السوداني وقواته المشتركة وكتائب البرائين وعموم البلابسة هم مثل شباب الأنصار في أُحد فبرغم رؤيا سيدهم الرسول ورأيه بالبقاء بالمدينة فقد حسموا أمرهم مساندين لجيشهم بالنفس والمال والعدة والعتاد من أجل دحر هذه المليشيا المارقة الخائنة المجرمة وكنس رجسها وإبطال كيدها .. وإلى ام دافوق وما بعدها بإذن الله ..

وكَدِي بدون سغالة يا شيخ “عليك الله” احتفظ برؤياك دي لنفسك فهي لا تلزمنا ..
وإن شئت فاكفف يدك وبندقيتك إن كنت من المقاتلين .. أو أمسك عليك لسانك وقلمك إن كنت من أصحاب الرأي وطبّق رؤياك على نفسك وقف على الحياد ولا تناصر جيش الأبطال ولا مليشيا الباطل .. وسيسجل لكم التاريخ هذا الموقف ..
والله ناصرنا ولا ناصر للمجرمين الخونة وداعميهم من القحاطة ومن وراءهم ..
وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ..
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ..

https://whatsapp.com/channel/0029Vb53Ivk5fM5bikGrw32k/109

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.