حَديثُ السّاعَةِ عمار عبد الباسط عبد الرحمن يكتب.. *أبطال بلا رتبة: جنود المقاومة الشعبية في وجه الغدر الجنجويدي*
حَديثُ السّاعَةِ
عمار عبد الباسط عبد الرحمن يكتب..
*أبطال بلا رتبة: جنود المقاومة الشعبية في وجه الغدر الجنجويدي*

في خضم دخان الحرب وركام المدن، تنهض وجوه لا تحمل رتبًا، ولا تتزين بالنياشين، لكنها تحمل على أكتافها ثقل الوطن الجريح. إنهم جنود المقاومة الشعبية، الذين وقفوا في وجه آلة الغدر الجنجويدية، دفاعًا عن الأرض، عن العرض، وعن ما تبقى من شرفٍ وكرامةٍ في زمن الخذلان.
هؤلاء ليسوا بأفراد نظاميين، لم يلتحقوا بكليات القيادة والأركان، ولا ظهروا في طوابير الاستعراضات الرسمية، لكنهم تخرجوا من ميادين الحياة القاسية، ومن مدارس الفقر والكرامة، ليكونوا حائط الصد الأول أمام ميليشيات الظلام التي اجتاحت المدن والقرى، تزرع الرعب وتحصد الأرواح بلا رحمة.
في معركة الكرامة، لم تكن البنادق وحدها هي السلاح. كانت الإرادة، والعقيدة، والإيمان بعدالة القضية، هي الوقود الحقيقي لكل طلقة تطلق من يد ثائر، ولكل خطوة يخطوها مقاتل باتجاه المعركة . لم تكن لديهم ميزانية دولة، ولا دعم خارجي، بل اعتمدوا على ما في قلوبهم من شجاعة، وعلى ما في صدورهم من إيمان بأن الوطن لا يُصان إلا بتضحيات أبناءه الحقيقيين.
الغدر الجنجويدي لم يكن فقط محاولة للسيطرة على الأرض، بل كان سعيًا لكسر الإرادة، ولزرع الخوف، ولطمس الهوية الوطنية لصالح أجندات دخيلة. لكنهم واجهوا ما لم يتوقعوه: شعبًا اختار المقاومة على الركوع، واختار الموت على حياة الذل. رأينا الفتى يحمل سلاح أبيه، والأم تجهز الطعام لمقاتلي الحي، والشيخ يرفع صوته بالدعاء والتوجيه، والجميع يقفون في صفٍ واحد كأنهم بنيان مرصوص.
المقاومة الشعبية لم تكن فقط قتالًا، بل كانت وعيًا مجتمعيا. كانت رسالة للعالم أن السودان ليس أرضًا سائبة، ولا شعبه قطيعًا يُساق. كانت صرخة في وجه كل من راهن على كسرنا، نقول لهم: “نحن هنا… باقون، نقاتل، ونحمي ما تبقى من الوطن وقريباً سنرفع علم التحرير في اخر حدودنا”.
في شوارع العاصمة أرض الصمود الأولي، في حواري نيالا، في أطراف كردفان ورمال الفاشر، في بيوت سنار ومايرنو وفي جميع مسارح النضال والفداء، رسم أبطال بلا رتبة خريطة جديدة للوطن، ملونة بدماء الشهداء، ومحروسة بعين الأمل. لم ينتظروا أوامر من أحد، بل سمعوا نداء الوطن فلبوه، ووقفوا في وجه المد الجنجويدي بكل بسالة وصبر.
إن التاريخ لا يُكتب في القاعات المكيفة، بل يُرسم بدماء الأبطال على جدران المدن المحاصرة. وإن كانت الأسماء قد تُنسى، فإن البطولات تبقى، شاهدة على العصر أن هذا الوطن الشامخ لا يرضى الهوان ولا يعرف التخازل والانكسار الا لله تعالي، ولا يساوم على الكرامة والعزة.
فلنرفع رؤوسنا عالية احترامًا وتقديرا لهؤلاء الجنود الشجعان، الذين حملوا على عاتقهم قضية أمة بأكملها، وقاتلوا من أجل مستقبل أجيال لم تولد بعد هي في رحم الغيب. ولنجعل من قصصهم مشاعل تنير الطريق، حتى لا ننسى يومًا أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع انتزاعًا.
المجد لأبطال بلا رتبة… المجد لجنود الكرامة… والنصر حتمًا قادم.
المقاومة الشعبية سيف الكرامه البتار