ألسنة وأقلام *حرب الكرامة ونكبة فلسطين* د. بابكر إسماعيل
ألسنة وأقلام
*حرب الكرامة ونكبة فلسطين*
د. بابكر إسماعيل
٣٠/ ٦/ ٢٠٢٥
ينظر كثير من السودانيين إلى الحرب الجارية حالياً على أنها كانت محاولة انقلابية فاشلة قامت بها قوات الدعم السريع المحلولة أو تمرداً عابراً ..
ولكني لاحظت وجه التشابه بين نكبة فلسطين في العام ١٩٤٨ وحرب الكرامة في السودان (٢٠٢٣ وحتى اليوم) فقمت بتحرير سؤال في ماكينة بحث ما يعرف بالذكاء الاصطناعي المسماة Chat GPT عن كيف أفرغت العصابات الصهيونية فلسطين من أهلها وجدت تشابهاً مذهلاً بين الفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في فلسطين في أربعينات القرن الماضي وما قامت به عصابات الجنجويد عندنا في هذه الحرب التي تجري على أرضنا الآن.
وإليك ما أتحفني به الذكاء الاصطناعي مشفوعاً بمقارنة تفصيلية لما حدث عندنا في السودان:
تم إفراغ أجزاء كبيرة من فلسطين من سكانها في العام 1948 عبر سلسلة من الأحداث التي تُعرف بالنكبة، وهي الكارثة التي حلّت بالشعب الفلسطيني مع قيام دولة إسرائيل. ما حدث كان نتيجة لعدة عوامل متشابكة، أهمها العمليات العسكرية الصهيونية، التخويف، المجازر، والسياسات الطردية. إليك شرحًا مفصلًا:
وعين ما تمّ في فلسطين بأيدي اليهود الصهاينة نفّذته عصابات الجنجويد بالحرف.
1. السياق التاريخي
أ/ بعد الحرب العالمية الثانية، تسارعت الهجرة اليهودية إلى فلسطين تحت الاحتلال البريطاني، مع تصاعد الصراع بين العرب واليهود.
في السودان حدثت هجرات متعددة من عرب شتات دارفور نحو الشمال النيلي بدأت مع حكم الخليفة عبد الله التعايشي في أواخر القرن التاسع عشر حيث استجلبهم التعايشي لنصرة دولته ثم حدث نزوح في ثمانينات القرن العشرين بسبب الجفاف والتصحر .. والموجة الأخيرة حدثت بعد تمكن الدعم السريع من عناصر القوة في الدولة السودانية بعد سقوط نظام البشير في عام ٢٠١٩ وعبر تحالفه مع ما كان يعرف بقوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في مجلس السيادة الذي كان قائد الدعم السريع يشغل فيه منصب نائب رئيس المجلس حيث قام الدعم السريع باستجلاب أسر من عرب الشتات من حواضره في دارفور إلى العاصمة الخرطوم وشراء عدد كبير من المنازل بالعاصمة لإسكان هذه العوائل وتخزين الأسلحة في مناطق متفرقة ومدروسة في العاصمة المثلّثة واستمرت وتيرة هذه التنقلات قبل وأثناء الحرب فقد شاهدنا في بعض المقاطع بعد احتلال مدينة ود مدني ويظهر فيها استجلاب أسر من قبائل العطاوة وإحلالها في بيوت المواطنين الذين هُجّروا وأخرجوا من منازلهم تحت تهديد القوة الجبرية والتخويف ..
ب/ في 29 نوفمبر 1947، أصدرت الأمم المتحدة قرار التقسيم (181)، الذي يقترح تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، مع تدويل القدس. وافق عليه اليهود ورفضه العرب.
في حرب الكرامة عندنا: تدخلت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي منذ الأيّام الأوّلى للحرب تدخلاً مباشراً من أجل عقد اتفاقية وقف إطلاق النار وفصل القوات وفي مايو ٢٠٢٣ استضافت المملكة السعودية هذه المباحثات وكان الغرض منها توقيع اتفاقية للفصل بين قوات الجيش ومليشيا الدعم السريع مع احتفاظ كل قوة بمواقعها فيما يشبه الخط الأخضر في فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٧ .. ولولا لطف الله وتمنع الدعم السريع في التوقيع علي هذه الاتفاقية بسبب أنها كانت تلزمه بإخلاء منازل المدنيين التي قام بتوزيعها للأسر التي استجلبوها من دارفور وأنّ الدعم السريع أحسّ بضعف الموقف قواتنا المسلحة على الأرض وظنّ أنه يمكن القضاء عليها وعلى القوات المساندة لها بدون اتفاقيات وتبعات قانونية قد تكون ملزمة له لاحقاً لاسيما كما أن حركات دارفور المسلحة كانت تقف حينذاك على الحياد في الحرب الدائرة …. ونحمد الله أنه لولا كل ذلك لتمّ توقيت الاتفاقية المقترحة وإذا حدث ذلك التوقيع فكان يمكن استخدامه مستقبلاً لتقسيم الأراضي السودانية بين الجيش والدعم السريع .،
2. بداية المواجهات
أ/ بدأت الحرب الأهلية بين الفلسطينيين والمليشيات الصهيونية في ديسمبر 1947، قبل الانسحاب البريطاني الرسمي. كما بدأت الحرب عندنا في السودان عندما احتلت قوات الدعم السريع مطار مروي بالولاية الشمالية في يوم ١٣/ ٣/ ٢٠٢٣ ورفضت الانسحاب منه بعد تحذير الجيش ثم وقعت الاشتباكات المسلحة بين الجيش والدعم السريع في صبيحة يوم ١٥/ ١٢/ ٢٠٢٣ وما زالت المعارك محتدمة حتى تاريخ اليوم.
ب/ المليشيات الصهيونية الرئيسية مثل الهاجاناه والإرغون وشتيرن بدأت بتنفيذ خطة لتأمين الأراضي المخصصة للدولة اليهودية، وأحيانًا خارجها.
وكذلك استعان الدعم السريع عندنا بمليشيات مجلوبة من ليبيا وتشاد مثل قوات المجرم جلحة وقوات المجرم فجة وقوات فاغنر وقوات تتبع لخليفة حفتر في ليبيا ومليشيا سبل السلام السلفية الليبية ذات الصلة بدولة الأمارات العربية المتحدة وكذلك قتل حسين الأمين جوجو وهو أحد قادة المعارضة التشادية المسلحة في المعارك التي دارت حول مصنع اليرموك بالخرطوم
3. خطة دالت (خطة “د” – أبريل 1948)
أ/ كانت هذه خطة عسكرية وضعتها عصابة الهاجاناه الصهيونية وتهدف إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي وطرد الفلسطينيين منها.
ب/ اشتملت الخطةعلى:
اقتحام القرى والمدن الفلسطينية وتدمير المنازل وترهيب السكان لطردهم أو دفعهم للفرار ومنع العودة بالقوة.
حدثت هذه الممارسات بنفس تفاصيلها أعلاه عندنا في الخرطوم والنيل الأبيض والجزيرة وولاية سنار وولاية شمال كردفان حيث أُكره المواطنون على مغادرة منازلهم بقوة السلاح وباستخدام العنف المفرط واغتصاب الفتيات وإذلال الشباب والرجال
4. المجازر والترويع
أ/ لعبت المجازر دورًا محوريًا في دفع السكان الفلسطينيين للفرار خوفًا على حياتهم. أبرز المجازر: مجزرة دير ياسين (9 أبريل 1948): والتي قُتل فيها أكثر من 100 مدني فلسطيني، وكان لها أثر نفسي هائل في دفع السكان للفرار ومجازر أخرى حدثت في اللد، والرملة، وصفد، والطيرة، وحيفا وغيرها.
وكذلك حدثت عندنا مجازر مروّعة منها مجزرة الهلالية في نوفمبر ٢٠٢٤ والتي قُتل فيها ٦٥٠ شخصاً وكذا مجزرة قرية ود النورة بالجزيرة وحدثت يوم ٥/ ٦/ ٢٠٢٤ وقتل فيها أكثر من ٢٠٠ مواطن، أما مجزرة قرية السريحة فقد قتل فيها ١٤٠ فرداُ من أبناء القرية وجرت مذابح مماثلة بدارفور وكردفان وغيرها من المناطق
5. النزوح الجماعي
أ/ بين مارس ومايو 1948، نزح أو طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من المدن الكبرى مثل: يافا، حيفا، اللد، الرملة، القدس الغربية، صفد، عكا.
ب/ بعضهم فرّ خوفًا من القتال، وآخرون طُردوا مباشرة تحت تهديد السلاح.
وحدث نفس الشيء عندنا في السودان حيث نزح وهاجر ما يزيد على ١٢ مليون مواطن سوداني من الولايات التي تأثرت بالحرب ولجأ كثير من السودانيين إلى مصر وإثيوبيا وأريتريا وجنوب السودان وتشاد ومصر ودول الخليج.
6. إعلان قيام إسرائيل وحرب 1948:
أ/ في 15 مايو 1948، أُعلن قيام دولة إسرائيل، وردت الدول العربية بإعلان الحرب.
ب/ في هذه المرحلة، قامت القوات الإسرائيلية باحتلال قرى ومدن جديدة وطرد مزيد من الفلسطينيين منها.
ج/ بحلول نهاية الحرب، كانت إسرائيل قد سيطرت على 78% من أرض فلسطين.
أمّا عندنا في السودان وبحمد الله وفضله وبعزم وقوة وصلابة قواتنا المسلحة والمستنفرين وفيالق المجاهدين السودانيين وقوات حركات سلام دارفور المشتركة تمكن الجيش السوداني من استرداد وتحرير كل القرى القرى والمناطق التي احتلتها المليشيا بولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق ويجري العمل الآن على قدم وساق لتنظيف كردفان ودارفور من هذه الشراذم المنبتة، ولن يغمض لقواتنا جفن أو يهدأ لها بال إلا بتحرير كل أرضنا في كردفان ودارفور لأنّ خطر هذا السرطان لن ينتهي إلا ببتره نهائياً من أرض الوطن.
7. النتائج
أ/ حوالي 750,000 فلسطيني أصبحوا لاجئين.
ب/ تم تدمير أكثر من 400 قرية فلسطينية بالكامل.
وعندنا في السودان نزح وهاجر أكثر من ١٢ مليون مواطن من المدن والقرى هرباً من عنف المليشيا ومجازرها ودُمّرت مدينة الخرطوم تدميراً كاملاً ونهبت منازلها ومرافقها الحيوية وبنيتها التحتية من ماء وكهرباء وأجهزة تقوية إشارات الهواتف الجوال وشبكات الإنترنت .. وتم نزع كل المحولات الكهربائية وتوصيلات المنازل ونزع سبائك وأسلاك النحاس لبيعها بالكيلو
ج/ أصدرت إسرائيل قانون “أملاك الغائبين” لمصادرة أراضي وممتلكات اللاجئين الفلسطينيين ومنع عودتهم…
وعندنا قامت مليشيا الجنجويد قبل الحرب بإنشاء مفوضية للأراضي خاصة بها وهو أمر مثير للاستغراب أن تسعى قوات مساندة للجيش في تأسيس مفوضية للأراضي ويبدو أن ذلك الاتجاه كان تدبيراً مسبّقاً من المليشيا لاستيلائها على بيوت السودانيين وأراضيهم لإحلال منسوبي قبائلهم في مدن وقرى الشريط النيلي وإصدار قانون لاحق بعد أن تستقيم الأمور لها شبيه بقانون أملاك الغائبين الصهيوني.
خلاصة
إفراغ فلسطين من الفلسطينيين عام 1948 كان نتيجة لمزيج من:
أ/ خطة مدروسة لطرد السكان.
ب/ مجازر مقصودة لترهيبهم.
ج/ حرب طاحنة استغلتها الحركة الصهيونية لتوسيع السيطرة على الأرض.
د/ فشل عربي وفلسطيني في الدفاع العسكري والسياسي.
وحرب السودان الحالية كانت تخطيطاً مدروساً ومسنوداً بعدة دول أجنبية في الإقليم ودولياً وبتواطؤ من منظمات إقليمية وعالمية ودول الجوار بغرض إفراغ السودان من أهله وتقسيمه لعدة دول .. وإحلال قبائل العطاوة في دولة النهر والبحر .. وكما هو معلوم فهنالك مجموعة مشبوهة تسعى بجدّ لتسوّيق مشروع دولة البحر والنهر منذ بضعة سنوات ويبدو أن التسويق لهذه الدولة المزعومة جزء من الخطة الكبرى لصهينة السودان .. وهنالك معلومات سماعية وردتني من بعض العاملين في السياسة في السودان عبر مصادر غربية نافذة تعمل في منظمات أممية أن الخطة لتقسيم السودان هي .. إلحاق جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وأبيي بدولة جنوب السودان وإنشاء دولة للزرقة في دارفور ودولة لعرب الشتات فيما يعرف بدولة البحر والنهر وإعطاء منطقة الجزيرة للولايات المتحدة لتقوم باستزراعها وميكنتها من أجل تعزيز الأمن الغذائي لأمريكا تحسباً للأزمة المرتقبة وشح الغذاء العالمي .. وتبقى هذه التسريبات احتمالات قائمة ولا يمكن الجزم بها ..
ونحمد الله أن هيأ له من بنيه البررة من تصدّى لمشروع الهيمنة الصهيوني هذا .. وما زال الخطر قائماً ويجب أن يقف السودانيون جميعاً لتحرير أرض دارفور وكردفان من هذه المليشيا المتصهينة المدعومة بقوى الشر الدولية والإقليمية .. والإسراع في عودة المواطنين السودانيين لدورهم ومنازلهم من دول اللجوء ومناطق النزوح (مشروع العودة الطوعية) لإعادة إعمار السودان وحفظ أرض الحدود
ولا نامت أعين الجبناء ..
https://whatsapp.com/channel/0029Vb53Ivk5fM5bikGrw32k/129