*الأبيض تختنق ..فادركوها قبل أن تُختَطف* ..بقلم د.إسماعيل الحكيم
*الأبيض تختنق ..فادركوها قبل أن تُختَطف*
..بقلم د.إسماعيل الحكيم

*Elhakeem.1973@gmail.com*
الأبيض عروس الرمال في غمرة المعارك الضارية التي يخوضها جيشنا الباسل دفاعًا عن الوطن وعزته تكاد أن تسقط في يد المليشيا ..
تبرز مدينة الأبيض اليوم كصرخة في الظلام، تناديكم.. تستغيث بكم.. فهل من مجيب؟
مدينة الأبيض، سُرَّة السودان وحبله السري ، ومفصل اتصاله بين شماله وجنوبه، وشرقه وغربه، تعيش الآن لحظة عصيبة، إذ تشتد حولها قبضة الحصار الخانق، من مليشيا غاشمة لا ترعى في مؤمن إلًّا ولا ذمة، تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم
فمن الشمال: جحافل المليشيا تستحوذ على بارا وقراها وجل دار الريح ..ومن الجنوب يمتد زحفهم من كازقيل حتى الدبيبات وهذا شريان يربط الأبيض بجنوب كردفان .ومن الغرب تتقدم فلولهم من أم صميمة حتى غبيش مرورا بالخوي حيث أكبر سوق للثروة الحيوانية .حصار جعل مئات القرى تنزح صوب الأبيض حتى ضاقت بأهلها رغم رحابتها ، فازدحمت المدينة بأهلها واللاجئين إليها، واختلطت المعاناة بصبرٍ عظيم وصمود نادر. لكن إلى متى؟
ليست الأبيض مدينة كالمدن .. بل هي المعنى والمبنى، هي القلب النابض في الجغرافيا والتأريخ والجهاد وهي الرئة التي يتنفس بها غرب السودان ووسطه. هي سند دارفور وملاذها الآمن. وهي العمود الفقري لاقتصاد الوسط، وربطٌ استراتيجي مع النيل الأبيض، سنار، والجزيرة.
وهي رمزية الصوفية في السودان، إسماعيل الولي، وعبق التصوف الراسخ.
وهي العلم والمعرفة، حيث خور طقت ومعهد ود دوليب.
وهي الشعر والوجدان، الحردلو، ومحمد المكي إبراهيم.
وهي الرياضة والفن، الفاتح النور وتنقا.
وهي الصمغ العربي والمحاصيل، رئة الاقتصاد الزراعي وهي السلطة في الأزهري وسوار الذهب ..وهي شيكان المهدي وعبد الرسول النور
وهي قبل هذا وذاك الهجانة أم ريش، الجذر الأول للجيش السوداني، رمز البسالة والانضباط.
الأبيض ليست مدينة تُنسى.. بل تُحمى
أيها القادة في رئاسة هيئة الأركان ..
أيها الشرفاء في غرفة القيادة العامة،
أيها الغيارى على هذا الوطن الجريح،
إن سقوط الأبيض – لا قدر الله – لا يعد خسارة مدينة، بل انهيار جدار صدٍ استراتيجي سيُعيد المليشيا إلى قلب المعركة بنفس وروح جديدة ووصمة عار في حق قيادة عسكرية فذة .. يريدونها مركزًا للتشوين، ومنصة لرفع معنوياتهم المنهارة، وتعويضًا عن سلسلة الهزائم التي تلقوها على أيدي جنودنا الأبطال.
لكننا نعلم، كما يعلم شعب السودان، أن جيشنا لن يسمح بذلك.
ففي الأبيض رجال من نار، ومقاتلون من ذهب، أحشاؤها ممتلئة بأبطالٍ ينتظرون فقط لحظة الحسم، وسندًا من ظهر الوطن.
فيا سادتي.. أدركوا الأبيض.. قبل أن تُختطف رمزية الوطن، قبل أن تُمزق خرائط الجغرافيا، وقبل أن يُطفأ نور الحضارة في مدينة كانت دومًا ضوءًا في العتمة.
الأبيض لا تزال صامدة، لكنها تناديكم..
والنداء في الحرب لا يحتمل التأجيل . اللهم أشهد إني قد بلغت ..