منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار

خبر و تحليل عمّار العركـي *_مـن الـقاهـرة إلى و اشنطن ثم نيــالا : هل جاءت التظاهرات لقطع طريق التسويات؟_*

0

خبر و تحليل عمّار العركـي

*_مـن الـقاهـرة إلى و اشنطن ثم نيــالا : هل جاءت التظاهرات لقطع طريق التسويات؟_*

عمار العركي
_____________________
▪️في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة تُعيد تشكيل المسار السياسي في السودان، خرجت مظاهرة نسائية بمدينة نيالا – الخاضعة لسيطرة المليشيا الإرهابية المعروفة بقوات الدعم السريع – تطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتدخل العاجل في دارفور ووقف الحرب، ومحاسبة المسؤولين عن “الانتهاكات”.
▪️ورغم الطابع الإنساني الظاهري للتظاهرة، فإن التوقيت والمحتوى والسياق السياسي والإعلامي المحيط بها يكشف أن ما جرى لم يكن تحركًا عفويًا، بل خطوة محسوبة تأتي في إطار محاولة متعجلة من مليشيا آل دقلو لتوجيه مسار التسوية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي قبل أن يكتمل نضوجها، ولقطع الطريق على أي حلول لا تُبقي لها موطئ قدم سياسي أو عسكري.
*_تسلسل لا يُحتمل أن يكون صدفة_*
▪️لفهم دلالات تظاهرة نيالا، لا بد من قراءتها في ضوء تطور زمني متسلسل خلال 72 ساعة:
1. *القاهرة أولًا* : احتضنت اجتماعًا ثلاثيًا رفيع المستوى بين السودان ومصر وليبيا، ناقش قضايا الأمن المشترك والحدود ومخاطر تمدد المليشيا الإرهابية في المثلث الحدودي، وسط تأكيد مصري على دعم الدولة السودانية ووحدة مؤسساتها الشرعية.
2. *بعد 24 ساعة* ،واشنطن تدخل الخط، عبر أعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من البيت الأبيض عن مبادرة لتسوية سلمية في السودان وليبيا، واصفًا الوضع في السودان بـ”الكارثة الإنسانية الأكبر”، مع تأكيد، مستشاره “مسعد بولس” أن الملف بات ضمن أولويات الإدارة الأميركية الجديدة ” في تطور لاحق، أعلنت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عن موقف جديد لبلادها ، حيث اتهمت الولايات المتحدة، بشكل غير مسبوق مليشيا آل دقلو بارتكابها “إبادة جماعية” وجرائم مروعة ضد المدنيين في دارفور، مطالبةً بضرورة محاسبة الجناة، ووقف الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة في السودان” .
٣. *بعدها بــ 24 ساعة* انطلقت تظاهرة نيالا بتنسيق واضح في توقيت لافت، حاملة هتافات ومطالب تتناغم مع خطاب “ترامب”، وموجهة إليه بالاسم. وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات جادة: هل جاءت هذه التظاهرة استباقًا لمحاولة إعادة ترتيب الأوراق؟ أم هي محاولة لإعادة تدوير صورة المليشيا عبر أدوات “مدنية” ناعمة؟
*_صدمة التسوية ومخاوف المليشيا_*
▪️المليشيا الإرهابية، ومعها جناحها السياسي “صمود” الذي ترعاه أبوظبي، تلقّت ضربات موجعة في مسارين متوازيين: _*إقليميًا:*_ فشلت مساعي الإمارات في تمرير موقف يضفي شرعية على مشروع “الحكومة الموازية” خلال اجتماع دول عدم الانحياز الأخير، حيث اصطفت الدول الإفريقية مع السودان الشرعي، ورفضت محاولات تشويه المشهد لصالح المليشيا.
*دوليًا:* نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقًا مدعومًا بالوثائق، يثبت تورط المليشيا في جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي في دارفور. التقرير أحرج داعميها، وأعاد ضبط البوصلة الأميركية نحو مقاربة تقوم على المحاسبة لا التسويات الرمادية ، كل ذلك عزّز شعور المليشيا بأن مسار التسوية الدولية قد يُقصيها نهائيًا، لا سيما مع تغير لهجة بعض القوى الغربية، وانكشاف الأدوار الخلفية لبعض الرعاة الإقليميين.
*_نيالا كمنصة دعائية: الوجه الناعم لمشروع عنيف_*
▪️داخل مناطق سيطرة المليشيا برزت تظاهرة نيالا كمنصة دعائية ناعمة، تستهدف المجتمع الدولي أكثر مما تستهدف الداخل السوداني. فالمليشيا، التي فقدت رصيدها الأخلاقي، لجأت إلى واجهات نسوية ومدنية لتبدو “مظلومة”، وتُحمّل الجيش وحده مسؤولية ما يحدث، رغم أنه يخوض معركة استعادة الدولة من مليشيا مسلحة.
*ويمكن قراءة التظاهرة كالتالي:*_
▪️رسالة موجهة لواشنطن: تُخاطب ترمب بلغة تظهره كمنقذ، وتتماهى مع خطابه، في محاولة لصناعة تطابق وهمي بين مطالب الشارع وتوجهات الإدارة الأميركية.
▪️محاولة لإثبات “شعبية” المليشيا داخل دارفور، بعد انكشاف حجم الفظائع التي ارتكبتها هناك.
▪️أداة ضغط مبكر على أي مسار سياسي قادم، بهدف تحصين المليشيا من الاستبعاد، أو فرض تمثيلها كأمر واقع.
*_ما يجب على الحكومة السودانية فعله_*
▪️في ظل هذه التطورات، فإن ترك الساحة الإعلامية والدبلوماسية مفتوحة دون تحرك رسمي يعزز من قدرة المليشيا على المناورة. المطلوب من الحكومة السودانية أن:
▪️تحرك دبلوماسي مكثف لشرح أبعاد مخطط “الحكومة الموازية” ومحاولات فرض مليشيا مرفوضة كشريك سياسي.
▪️تفكيك الخطاب الإعلامي الناعم للمليشيا، وتفنيد دعاواها أمام المجتمع الدولي بلغة قانونية وحقوقية.
▪️استثمار التقارير الدولية كمستندات للملاحقة الجنائية والسياسية لقيادات المليشيا.
▪️استعادة الخطاب الوطني في دارفور، ودعم الأصوات المجتمعية الرافضة لاختطاف الإقليم باسم الجريمة المنظمة.
▪️التحرك الوقائي تجاه العواصم المؤثرة لتفويت فرصة إعادة تدوير المليشيا تحت غطاء “المدنية” أو “المصالحة”.
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
*▪️خلال 72 ساعة فقط،* تحركت ثلاث عواصم كلٌّ بطريقته: القاهرة أطلقت رسائل دعم للدولة : واشنطن طرحت تسوية، ونيالا ردّت بتظاهرة تحمل توقيع المليشيا. لكن جوهر الصراع اليوم لم يعد ميدانيًا فقط، بل بات يدور أيضًا في ميدان “الرواية” و”التأثير السياسي”. فهل تنجح مليشيا آل دقلو في تحويل الضحية إلى جلاد والعكس؟ أم أن الدولة السودانية ستنتصر بسلاح الحق والموقف الواضح والسيادة الكاملة؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.