*سودان الرباعية بين نوبل ترامب والدولار والعودة الطوعية…..* كتب : عزالدين ابو جمال
*سودان الرباعية بين نوبل ترامب والدولار والعودة الطوعية…..*
كتب : عزالدين ابو جمال
عندما صرح أبي أحمد بنبرة قوية بأن الحق الوجودي لاثيوبيا هو ايجاد منفذ علي البحر ،لم يكن هذا التصريح مجرد حالة وصفية لطبيعة الجغرافيا في المنطقة.
وانما هو جدول وضع بعناية في ترتيب المحرك الزمني لتحريك الأحداث في الحيز الجغرافي الذي يمثل جزء رئيسي لترتيب المنطقة عبر تدافع جيوسياسي ظاهرة التعقيدات ( الفكرية والاثنية ومخزون الموارد الطبيعية) وباطنة المكون البشري الذي يربط التقاطعات الجغرافية لمنطقة ظل ( الزول) السوداني هو مفتاح السر لها جميعاً.
خيوط اللعبة بنيت من البداية علي المستوي النظري الفلسفي الذي جعل أحادية القطب المتحكم في عالم ،ان توالف مابين المصالح الآنية والمصالح الاستراتيجية ذات النفس الطويل.
فما نراه متنقاض في بعض الأحيان.يكون في غالب الأمر جزء أصيل من التخطيط الاستراتيجي والتكتيكي ذو النفس الطويل .
واقرب مثال لذلك تمويل سد النهضة من قبل الولايات المتحدة مع المصالح القوية التي تربطها بمصر.
السودان كبلد يظل يلعب دوراً محورياً علي المستوي الجيوسياسي في المنطقة
فمنذ وقت بعيد ظهر التأثر السوداني علي الجوار الإقليمي القريب والبعيد منذ حركات التحرر من الاحتلال الغربي للبلدان الأفريقية و التي لعب فيها السودان دورما محورياً في مساعدة الحركات المناهضة للاستعمار الغربي.
وظل هذا التأثير يتنامى تارة ويخبو احيانا أخري حسب الحوجة السياسية للحكومة القائمة في الخرطوم.
في ظل حكم الإنقاذ لعب السودان دورا كبيرا في تغير الأنظمة حول السودان خاصة في اثيوبيا و وانفصال ارتريا كذلك في تشاد وأفريقيا الوسطي حتى تغير النظام الليبي.
هذه الوضعية لهكذا عقلية وبهذا البعد والتأثر لابد ان تكون محط انظار القوي الدولية صاحبة اليد العليا في ترتيب المنطقة وتحديد الأدوار حسب ماترى. سواء بالاملاء المباشر او عبر خطط مرسومة مسبقاً يتم التحكم فيها ببرامج متفق عليها مع النظام الحاكم.
وهنا يظل التخطيط الاستراتيجي في الحالة الإنسانية ( الزول) الحضاري صحب الأبعاد والجينات والقدرة علي جعل السودان محور الربط (تطوير البلد)و(التأثير علي المحيط) تحت النظر وان اختلفت الحكومات في الخرطوم.
كثير من الدراسات والتقارير عبرت عن خطورة الإنقاذ كحكومة في تأثيرها علي البعدين من خلال برامج استراتجية لتطوير وانماء السودان رغم التضييق والحصار من ناحية ومن ناحية اخري قوة التاثر علي المحيط الجغرافي ،وممارسة سياسة اليد العليا علي الجوار الإقليمي.
عملت القوي العظمي لكبح جماح حكومة الإنقاذ ووضعها تحت صفيح ساخن طيلة الثلاثون عاما من حكمها عبر جبهات عديدة تارة بحرب الجنوب والشرق ودارفور واخري عبر الجوار وتارة بتأليب الداخل عبر احتجاجات ومظهارات بأسباب مختلفة.
هذا الانشغال الدائم واحد من استراتيجيات النفس الطويل لكبح الطموح المتنامي للحكومة التي نجحت في كثير من ملفات التنمية واخفقت في اخري،واهم إنجازاتها كانت في استخراج البترول وسد مروي وسدي نهر عطبرة وسيتيت وتعلية الروصيرص.
وعلي المستوي الإقليمي تطبيع العلاقات مع الجوار الملتهب وابتكار نماذج استقرار عبر ملفات امنية مثل ( القوات المشتركة) مع حدود الدول المجاورة.
امريكا ومن خلفها اسرائيل ظلت تلعب ادوار خلفية بالتكتيك والتخطيط لمحاصرة السودان طيلة عقود الإنقاذ وكانت مخالبها تمتد عبر وسطاء إقليمين تارة والجوار المحازي تارة اخرى استخدمت فيها كل انواع الحروب المخفية والعلنية.
حتي صناعة الثورة الرمادية التي اطاحت بحكم الإنقاذ (بتجنيد عملاء) من داخل النظام نفسه ودعم الايادي الاستخباراتية الإقليمية، مع حبكة الحراك الثوري الذي لم يكون له دور سوى في المظهر العام وتم استخدامه عبر نشطاء وسياسيين لم يكونوا إلا ادوات في يد الغير.
لتكملة المشهد بعد الثورة (الخلاقة) تبين ان هناك عنصراً أساسياً ورئيساً رغم ان الدولة العظيمة وربيبتها في المنطقة كانت قد تحسبت لذلك في مظهر ين رئيسين.،:
الاول تهجير الإنسان وتجريف المكونات ( الزول) صاحب الرؤيا والنظرة الحضارية التي تمكنه من بناء وطن قوي عزيز باستنهاض العقول وتفجير الطاقات الكامنة فيه والاستفادة من الإمكانيات المهولة في الأرض ظهارها وباطنها، عبر الحرب واحلالهم بآخرين من شتات الغرب الإفريقي.
ثانياً: العمل علي فتح محاضن اخري عبر الهجرة القسرية للإستفادة من هذه العقول المشردة في دول المهجر الغريب والبعيد عبر تنسيق ( مخفي) وفق استراتجية غير معلنة تغذي الدول ذات الحوجة بتوفير فرص للمهجرين طوعاً اوقصرا.
الآن وبعد فشل مخطط الحرب في إطالة الحالة التي خطط لها مع بداية الحرب وفشل تهجير الإنسان خاصة بعد الانتصارات التي حققها الجيش وبداية العودة الطوعية للسودانيين ، بدأت مرحلة جديدة في اعادة تدوير البداية الرمادية التي افضت لبدء هذه الحرب
مسار السلام ،:
يسعي ترامب لتنصيب نفسه رجل السلام الأول في العالم لتغطية الدور القذر الذي يلعبه في القضية الفلسطينية التي اظهرت ابشع صور الانتهاك البشري من تقتيل وتجويع وتدمير وستظل هذه المجازر لعنة تلاحقه وجميع دول الغرب لسنوات عديدة
ثانياً: الدور المرسوم للسودان بعد فشل ثورة (ديسمبر) يظل مطلوب أساسي لإعادة الجدولة من جديد عبر بوابة الرباعية الراعي الحصري لهذا المشروع وان اختلفت الأدوات المستخدمة للرباعي فلكل منهم دور محفوظ ومدروس يمثل ثلاثة ابعاد
الاول: يخص كل دولة وطبيعة ما تريده من السودان
الثاني: مرسوم من قبل الدولة العظمى وربيبتها في المنطقة وتوزيع الأدوار لكل بلد
الثالث: مصالح الاربعة فيما بينها سوا تنافسية اوتقربا بفروض الولاء والطاعة لأمريكا وربيبتها.
وعلي هذا تبقى لعبة الرباعية هي الحصان الذي يراهن عليه ترامب في الدخول كمصلح ورجل السلام الأول بعد أن يقوم بفرض رؤيته المبنية اصلا على اعادة تدوير البداية المؤلمة التي عاشها الشعب السوداني بفرض سلام يقوم علي وجود ( قحت والدعم السريع) في المعادلة التي خطط لها ابتدءا.
وهي في سعيها تعمل على استخدام ادوات وآليات عديدة حتي تجبر الجيش السوداني للانصياع لرغبات أمريكا عبر الرباعية.
علية فإنها في ذلك تعمل على:
اولا ؛ توحيد الرباعية لمشروع السلام المفروض عبر حفظ الحدود والمكتسبات التي يجنيها كل طرف من الأربعة ولا يتاثر اي منهم بضرر من الآخر.
ثانياً: فرض شكل من الوصاية لكل أطراف وتحديد دورها حسب اتفاق يبرم بينهم حتي لايتم عمل احادي بعيد عن الآخرين قد يسبب ضرر يؤدي لنتائج تنسف مشروع السلام المصنوع.
ثالثا: لممارسة ضغوط على طرفي الصراع لابد من الاتفاق على ادوات تجبر كلا الطرفين للانصياع لمايتفق عليه ولو أدى ذلك لوضع برنامج قاسي( لتوازن الضعف ) لكلا الطرفين يجبرهما للتسليم.
رابعاً: الحال الذي وصلت اليه البلد الآن يظل العامل الاقتصادي هو الفاعل الاكثر تأثيرا في مجريات الأحداث الآن الذي يؤدي مباشرة للقبول بطرح الرباعية وإن جابهته موجة رفض شعبية من السودانيين قاطبة.
وهنا يعمل ترامب متحدياً أرادة الشعب السوداني لفرض سلام صنعه لنفسه ليعتلي به مرقى جائزة نوبل للسلام على اشلاء السودانيين و السودانيات وأنين المكلومين من المغتصبات وضحايا التهجير والقتل الممنهج على الجنس واللون رغم انفهم جميعاً…. ترامب رجل السلام.
عزالدين ابوجمال
القاهرة 23يوليو 2025