منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

*ترشيحي لوزارة الطاقة: بين النداء الوطني وصدى الرأي العام* بقلم: د.م. عبدالماجد منصور

0

*ترشيحي لوزارة الطاقة: بين النداء الوطني وصدى الرأي العام*

 

بقلم: د.م. عبدالماجد منصور

 

في الأسابيع الماضية، تردّد اسمي في الفضاءات الرقمية وبين المجالس السودانية مرشّحًا لتولّي حقيبة وزارة الطاقة ضمن حكومة الأمل الانتقالية. وقد تباينت حول هذا الترشّح الآراء ما بين معارض ومؤيّد، وقادحٍ ومادح، ولكلٍ من الفريقين منطقه الذي يحترم، ودوافعه التي تُفهم من السياق السوداني العام ومن طبيعة المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا.

لم يكن التناول مفاجئًا، ففي وطن ما زالت جراحه دامية، وكل ملف فيه حساس ومرتبط بتجارب سابقة، يصبح كل ترشيح لمنصب عام مثار نقاش وميدان تفاعل وتقييم شعبي، خاصة في ظلّ حالة التنازع السياسي والإعلامي التي يعيشها السودان.

وقد آثرت الصمت عن الرد أو التفاعل المباشر، ليس تجاهلًا أو تعاليًا، وإنما إيمانًا بأن الرأي العام يحتاج لحريته الكاملة في النقد والتقييم، وأن محاولات الدفاع أو التبرير قد تُعكّر صفو هذه اللحظة المطلوبة في مشهد بناء الثقة بين المسؤول والمجتمع. كما أنّ صمتي كان احترامًا للمنهج الذي ابتدرته الحكومة في اختيار وزرائها، إذ طالما أن القرار لم يُحسم بعد، فلا يليق بالمرشّحين أن يتحوّلوا إلى معلقين أو مدافعين عن أنفسهم، فالأجدر ترك المساحة للرأي العام أن يتشكل وللتقييم النزيه ان يعمل.

عن دوافع ترشيحي…

لقد جاء ترشيحي بمبادرة شخصية مني استجابة واضحة ومباشرة لنداء السيد رئيس مجلس الوزراء في خطابه الموجّه لكل السودانيين – بالداخل والخارج – حين دعا الكفاءات الوطنية للمساهمة في بناء حكومة الأمل الانتقالية، التي تقوم على الكفاءة والنزاهة وتُغلق باب المحاصصة والتقاسم السياسي الضيق.

ولم يكن ذلك نداءً عابرًا، بل حمل مضمونًا وطنيًا رفيعًا وشعورًا بالمسؤولية العامة، وجاء مشفوعًا بفتح بريد إلكتروني رسمي لمجلس الوزراء لاستلام طلبات الترشّح.

وبروح مواطن سوداني آمن بمستقبل هذا الوطن، وقدّم له من وقته وجهده في هذا القطاع لأكثر من من عقدين من الزمان داخل وخارج السودان، وبعد أن اطمأننت إلي أنني ربما امتلك الحد الأدنى من المؤهلات العلمية والمهنية المطلوبة للترشح لهذ المنصب، بعثتُ عبر البريد الإلكتروني المنشور خطابًا رسميًا موجّهًا للسيد رئيس مجلس الوزراء، أرفقت به:

• خطاب ترشّح شخصي

• سيرتي الذاتية

• ورقة عمل أولية لملامح رؤية استراتيجية لقطاع الطاقة في السودان لما بعد الحرب (2025 – 2035)

كل ذلك إيمانًا منّي بأن هذا الوطن الذي ارتوت أرضه بدماء شهداء معركة الكرامة، يستحق منّا أن نستجيب حين يُنادى علينا، وأني حين أقدّم سيرتي، فإنما أضعها بين أيدي الوطن لا طلبًا لمنصب، بل استعدادًا لمهمة وطنية إن رأى القائمون على الاختيار أنني جدير بها.

بين قدح الحادبين ومدح المحبين…

لقد اطلعت علي الكثير من التعليقات، بعضها ناقد حادب، وبعضها مؤيد محب. ولمّا كانت هذه المعركة الإعلامية قد مضت وانكشف غبارها، وقد صدر قرار التعيين من السيد رئيس الوزراء اليوم بتسمية المهندس المعتصم إبراهيم احمد وزيرًا للطاقة، فإنه منا الإنصاف الآن أن أعلّق بإجمال دون تفصيل، على ما دار.

إلى من قدحوا في ترشيحي…

أقول: شكرًا لكم، وأهنئكم على شجاعتكم في إبداء رأيكم بجراءة.
فإن كان دافعكم الحرص على مصلحة الوطن واختيار الأصلح، فجزاكم الله خيرًا، وأقدّر غيرتكم الوطنية.
وإن كان بيننا مواقف أو خلافات سابقة – وقد مضت سنوات كثيرة في ميادين العمل والدراسة والزمالة– فإني أقول: سامحكم الله، وأطلب منكم العفو الخالص، وأبادلكم عفوًا خالصًا لا أرجو به إلا وجه الله.

وللفريقين، أقول: شكراً لكم أن بصرتموني بعيوبي.
وإن كان في قولي شيء من صدق، فهو ما قاله عمر بن الخطاب: (رحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي).

وإلى من دعموا ترشيحي…

أقول: شكرا لكم علي دعمكم وثقتكم الغالية، فقد غمرني شعور عميق بالامتنان لما أبداه بعض الأصدقاء والزملاء والمهنيين والاهل والاحباء من تأييد ودعم ومدافعة، ومواقف نبيلة تعكس أخلاقًا رفيعة، وسجاياء كريمة وحسن ظن أرجو أن أكون أهلًا له.

وأقول لكم: (أنا أعلم بنفسي منكم، والله أعلم بي من نفسي، فأسأله أن يجعلني خيرًا مما تظنون، وأن يغفر لي ما لا تعلمون).

رسائل خاصة…

الأولى: إلى المهندس المعتصم إبراهيم احمد وزير الطاقة المعيّن

أبارك لك هذا التكليف، وأسأل الله لك العون والسداد. لقد قُدّر لك أن تتحمل مسؤولية ثقيلة في وقت دقيق، والقطاع الذي تسلمت زمامه لا يخفى على أحد ما أصابه من أضرار جسيمة بسبب الحرب.

لكن بالرغم من كل ذلك، فالسودان ما يزال غنيًا بموارده، زاخرًا بكفاءاته، مفتوحًا على آفاق إقليمية ودولية تتطلع للاستفادة من موارده اما بعين المصلحة والخير او بعين الريبة والترصد. ويتطلب ذلك معادلة وازنة تضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الاخري.

الطاقة اليوم ليست قطاعًا خدميًا فحسب، بل هي المحرّك لكل القطاعات: من الزراعة إلى الصناعة إلى الأمن الغذائي. والطاقة في السودان متعددة المصادر والموارد، نفطً وغاز وطاقات متجددة وطاقات حيوية، وهي كلها اليوم في قلب الصراع الاقليمي والعالمي على الاستقرار والنمو وتأمين الغذاء.

وأقول لك بصدق: ستجدني – كما كثير من أبناء هذا القطاع – عونًا وسندا لك بما أملك من خبرة ورؤية ومعرفة، متى ما طلبتنا الي ذلك، ومتى ما توفرت الفرصة وعلي سبيل التطوع والاختيار.

الثانية: إلى السيد رئيس مجلس الوزراء

أجدد لك الشكر على هذه المبادرة الشفافة، التي أتاحت الفرصة لكل سوداني أن يكون جزءًا من إعادة بناء وطنه. وأعبّر عن امتناني للنظر في سيرتي الذاتية بعين التمحيص والتدقيق والاعتبار والتقدير. وهذا في حد ذاته دليل عافية وخير.

وأوصيك – وأنت الأدرى – أن تُعطى قطاع الطاقة اهتمامًا خاصًا، فهو ليس فقط بوابة الاقتصاد، بل قاعدة الأمن القومي والغذائي، وحجر الزاوية في كل مشروع بناء وتنمية.

خاتمة:

لم يكن ترشّحي إلا محاولة صادقة للاستجابة لنداء الوطن. واليوم، وقد طُوي هذا الفصل، فإني أخرج منه أكثر تقديرًا لهذا الشعب، وأكثر وعيًا بقيم المسؤولية، وأكثر استعدادًا للمساهمة – من أي موقع – في خدمة هذا البلد العزيز.

لقد علّمتني هذه التجربة أن بناء الوطن ليس حكرًا على المناصب، وأن الوطنية الحقة تُقاس بمقدار ما يُقدّمه الإنسان لا بمقدار ما يُمنح له.

وأن خير ما نختم به هذا المقام، أن نُبقي بوصلتنا نحو الوطن، لا نحو ذواتنا.

والله الموفق والمستعان.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.