منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي
آخر الأخبار

*العقوبات الأمريكية وحكم قراقوش* *دكتور عبد الله درف المحامي والخبير القانوني*

0

*العقوبات الأمريكية وحكم قراقوش*

*دكتور عبد الله درف المحامي والخبير القانوني*

أمس الجمعة الموافق 27/ 6/ 2025م وفي خضم أنشغال النخبة السودانية بالتشكيل الوزاري دخلت العقوبات الامريكية على السودان فيما يتعلق بأستخدام أسلحة كيميائية حيز التنفيذ ..وتذكرت ما قرأناه عن (حكم قراقوش).. ومن الروايات التى تنقل عن قراقوش وأحكامه وحماقاته …أن لصا هم بسرقة دار فتسلق جداره فسقط به الجدار وقتله ..فأشتكى أهل اللص الى الحاكم قراقوش وادعوا أن صاحب الدار ترك جداره بهذه الحالة المتداعية مما أدى لسقوطه وموت أبنهم !! فبعث قراقوش شرطى ليأتي بصاحب الدار وحكم عليه بالاعدام ..ولكن صاحب الدار دافع عن نفسة بالقول : بان الذنب ليس ذنبه وإنما هو ذنب البناء الذي لم يحسن بناء الجدار فسقط!! فبعث قراقوش بالشرطة واتوا بالبناء وحكم عليه بالاعدام ..!!
*ماذا* *فعل* *بنا*
*قراقوش* *القرن* *الحادي* *والعشرين ؟*
بدات الحكاية حينما تقدم السودان بشكوى لمجلس الامن وبدعوى امام محكمة العدل الدولية في مواجهة نظام الامارات وكلاهما (الشكوى و الدعوى) تستندان على ان نظام الامارات يقوم بامداد الميليشيا المتمردة بالسلاح وهي ترتكب جرائم حرب وجريمة الابادة الجماعية مما يجعل نظام الامارات شريك اصيل في تلك الجرائم….وبالتزامن مع تلك الشكاوى نشرت صحيفة النيويورك تايم تقريرا إستقصائيا أشارت فيه لتورط نظام الامارات في دعم المليشيا بالسلاح تاكيدا للتقرير الذي قدمته لجنة الخبراء الخاصه لمجلس الامن ..ثم توالت التقارير بهذا الشان من منظمات ومؤسسات دولية معنية بحقوق الانسان …ومن بعدها تقدم السيناتور كريس فان بمشروع قانون لحظر مبيعات الاسلحة الامريكية لنظام الامارات لثبوت تزويدها للمليشيا المتمرده في السودان بالسلاح ..كما قدم ذات السيناتور والنائبة سارة جاكوس قرارات رفض في مجلس الشيوخ ومجلس النواب فيما يتعلق بصفقة السلاح لنظام الامارات لأن ذلك السلاح سيذهب للمليشيا التي سبق وان اتهمها وزير الخارجية الامريكي بارتكاب جريمة الابادة الجماعية بالسودان ..ولان الادارة الامريكية كانت راغبة في اتمام هذه الصفقة اوحت لنظام الامارات بتقديم تعهد بعدم نقل السلاح لطرف ثالث ..وبالفعل تقدمت الامارات بهذا التعهد وقدم لمجلس الشيوخ ومجلس النواب وتم تمرير الصفقة …ولكن وبعد ستة اشهر من تمرير الصفقة ظهرت الاسلحة الامريكية بيد المليشيا بعد سحقها من قبل قوات الشعب المسلحه وتركت تلك الاسلحة بجبل موية والدندر وسنجة ومدني والخرطوم واخيرا بمنطقة الصالحه بمدينة امدرمان!!!
ومعلوم وفقا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية تجارة الإسلحة لسنة 2014 م أن تحويل مسار الإسلحة والمكونات ذات الصلة الى إستخدامات ومستخدمين نهائيين غير مأذون لهم يعتبر مخالفة للمادة (11) مقرؤة مع المادة (15) من الإتفاقية ..ويمكن للسودان أن يقاضي الولايات المتحدة الأمريكية ونظام الامارات في ظل وجود تلك الإدلة الدامغة ..ففكر قراقوش أقصد ترامب في هذه الجريمة التي أرتكبها نظام الامارات وبسببها ارتكبت المليشيا جرائم حرب وجريمة الإبادة الجماعية فقرر قراقوش ان يصدر حكما لمعاقبة الجاني (نظام الامارات) ولكن الجاني دافع عن نفسة بان سدد لقراقوس مبلغ اثنان تريليون دولار!!!!
وفجأة ودون مقدمات نشرت صحيفة النيويورك تايم خبرا في يناير 2025 م عن مسئوليين أمريكيين كبار حسب (ما جاء بالصحيفة) يفيد أن الجيش السوداني إستخدم إسلحة كيميائية في نهاية العام 2024م !!! وهذا التسريب الصحفي كان جزء من تكتيك ترسيخ الرواية أو السردية (نظرية الرواية الاولى) وهو تسريب يراد له ان يرسخ في اذهان المتلقيين وان يؤخذ بالسردية السالفة كواقعة مثبته وحقيقية حتى اذا جاء اتهام الولايات المتحدة في ابريل 2025 م بأستخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية يكون أتهاما متوقعا ولايثير الدهشة فقد سمع به الناس من قبل وصدقوه!!!!!
ويأتي هذا الاتهام بلا سند ولا ساقين يقف عليها من حيث البينات والادلة…وتتناسل الأسئلة دون أجابات ..لماذا تجاوزت الولايات المتحدة المنظمة المختصه بالأسلحة الكيميائية؟؟ وكيف رشح السودان عضوا في المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية في نوفمبر 2024م وهو اعلى سلطة تنفيذية في المنظمة وهو المسئول عن تنفيذ بنود الاتفاقية .؟؟.فهل صوت مندوب الولايات المتحدة لصالح السودان مع وجود مثل هذا الاتهام في بداية العام 2024م ؟؟؟ وأين تم أستخدام تلك الاسلحة ؟؟؟ ومتى تم إستخدامها على وجة التحديد؟؟و من هم الضحايا ؟؟؟و هل تم إستنطاق الضحايا وأخضاعهم للفحص ؟؟و هل تم اخذ عينات من التربة او المخلفات وتم فحصها لدى جهات مختصه ؟؟؟ …كلها أسئلة معلقه في الهواء دون أجابات !!!!!!!!
…أن توجيه مثل هذا الاتهام الخطير دون أي بينات أو دليل في مواجهة دولة عضو انضمت للاتفاقية في الغام 1995م ودون اتباع الاجراءات المنصوص عليها بالمادة (9) من اتفاقية حظر إستخدام الاسلحة الكيميائية ودون اخطار المنظمة المعنية بالرقابة على ألتزام الدول الاعضاء بالاتفاقية ..كل ذلك يجعل الاتهام مشوب بالشك وعدم المصداقية ويفسر على انه أداة سياسية للضغط على الحكومة السودانية وإستجابة لنظام الامارات لشغل الرأي العام عن جرائمها ضد الشعب السوداني …ومعلوم لدى الكافة ان الادارة الامريكية درجت على إستخدام العقوبات ضد الدول أستنادا على قوانينها الداخلية!!! في تجاوز صريح وفاضح لميثاق الامم المتحدة فيما يتعلق بسيادة الدول وفي تجاوز للقانون الدولي والاتفاقات الدوليه وكأنما الدول ولاية من الولايات الأمريكية !!!…وهي تفعل ذلك دوما حينما تود أجبار دولة ما على اتخاذ اجراءات محددة حول قضايا تخدم مصالح الولايات المتحدة او اي من حلفاءها أو حينما تريد أملاء سياسات محددة على الدولة المعنية….
…أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان بهذه التهم الباطلة دون دليل ولا برهان وفي تجاوز فاضح لكل المواثيق الدولية يجعلنا نتيقن بان النظام العالمي وميزان العدالة والالتزام بالقانون الدولي أصبحت أدوات في يد الدول الاقوى والأكثر جرأة على مخالفة القانون الدولي ومنظمة الامم المتحدة بكل وكالاتها واتفاقاتها الملزمة …هذا الوضع يتطلب منا حراك دولي وأقليمي جاد مع المحاور والدول لبيان عدالة قضيتنا وأبرام تحالفات دولية لخلق توازن قوة.. لا سيما مع روسيا والصين وتركيا وجنوب افريقيا ودول الجوار الافريقي والنمور الأسيوية …كما يتطلب إتخاذ أجراءات مالية واقتصادية فاعلة لتفادى آثار تلك العقوبات ..والامر الهام الآخر هو مزيد من الالتفاف الشعبي حول القوات المسلحة لانها المؤسسة الجامعه لكل اهل السودان وحائط الصد المنيع لكل تلك المؤامرات وهي المستهدف الاول من هذه العقوبات ..

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.