نار و نور د. ربـيع عبـدالـعـاطـى عـبـيـد *الانحناء للعاصفة أفضل أم مواجهتها*
نار و نور
د. ربـيع عبـدالـعـاطـى عـبـيـد
*الانحناء للعاصفة أفضل أم مواجهتها*
v ظهرت فى دنيا السياسة مصطلحات عصرية تتحدث عن حالات فى تاريخنا الإسلامى كانت بمسمى الكرَّ والفر ، والآن حسب المستجدات أصبحت لها أسماء أخرى بمثل الانحناء للعاصفة ، أو الوسائل الدبلوماسية ، ومصطلحات أخرى أشبه بالتلاعب بالألفاظ ، مع ثبات المرامى ، والأهداف.
v والانحناء للعواصف أصبح فى زمان النظام العالمى الجديد ، الذى نعيش غرائبه وعجائبه ، إن اعتمد كسياسة للخروج من المآزق لتحول إلى انحناءة دائمة ، وركوعٍ ما بعده قيام
v والتجارب المتكررة فى حقل العلاقات الدولية المعاصرة ، أبانت للقيادات فى العالم الإسلامى ، بأن العواصف لتركيع الشعوب ، لا يكتفى مثيروها بواحدة ، لكنهم يستمرءؤن التعذيب والإذلال ، كلما هدأت عاصفة لإثارة أخرى ، ولقد أشارت الشواهد المرئية بان التنازلات فى حق الشعوب ، وعلى حساب السيادة ، تمثل بالنسبة لمن ينتجون الأزمات ويعملون لتصعيدها ، فرصة عظيمة ، ولا يكتفون باقتناص الفريسة لكنهم يصرون على تمزيقها ، وطحن عظمها لتستحيل إلى طعام شهىٍ لا مجال إلى إعادته إلى مادته الأصلية تارة أخرى من جديد.
v والشعوب فى عالمن ا، استوعبت هذه الدروس ، بكثرة الضربات الموجعة التى أصابت رأسها ، ونخرت أمخاخها ، فأصبحت أكثر وعياً من قادتها ، ويكفى فى هذا المقام الإشارة إلى استيقاظ الشعب التركى ، وفى الطريق تبدو معالم يقظة فى بلدان مختلفة، ولا ندرى ما هى اليقظات الشعبية التى يخفيها القدر ، ولم تنجل عنها حتى الآن عتمة الليل ، وتظهر معالم انبلاج الفجر الجديد.
v وحتى تكون قراءتنا على قدرٍ من الوضوح فى هذا السياق ، ونستطيع ان نستفيد من الدروس ، ونتعلم بأنَّ الانحناء للعواصف ، لم يعد حلاً إن لم يكن ورطة بعدها يكون منعطف الطريق فى وجهنا يمثل صعوبة قصوى تجعل من العسير اجتيازه ، والتغلب على متاريسه ، فإننا مطالبون بعدم الانصياع من الوهلة الأولى لأي إغراء يدفعنا نحو التنازل قيد أنملة عن المبدأ والعقيدة ، لان مثل هذا السلوك سيجعلنا ننحنى حتى النهاية.
v والانحناء هو الإذلال الذى لا يتسق مع صفات المؤمنين الذين لا تعرف عقيدتهم الاستكانة ، أو مقاصة الدين بالدنية ، واستبدال الإيمان بالضعف والخذلان.
v ونذكر بان أهل السودان ، عندما واجهوا غائلات العداء ، وفتحوا صدورهم لفيض الإيمان ، لم يمسهم سوء ، وانقلبوا بفضل من الله ورضوان ، ولكن عندما تسرب إليهم الأمل ، بأن اللين مع الباطل يمكن ان يكسبهم حقاً ، ويرد عنهم كيداً ، انهمرت عليهم قوى الظلم بقضها وقضيضها ، بعضها يمنيهم الأماني ، وبعضها يرفع العصا ، والآخر يضغط من كل اتجاه ، ولا أرد كل الانبعاجات التى حدثت ومازالت فى طريقها الى الحدوث ، إلا بسبب ما نسميه الضرورات التى تقتضى الانحناء للعاصفة ، ومازلنا ننحنى لمثل تلك العواصف ، دون أن يقر لنا قرار ، أو نستمتع بأي قدرٍ من الاستقرار.
v ولقد آن أن نعود مرة أخرى إلى هتافنا وشعارنا الأول بأن قسماً قسماً لن نرجع ولغير الله لن نركع ، ولا انحناء ولا سجود ، إلا لله رب العالمين.